الجمعة 18 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تنال من سياسته الداخلية والخارجية 35 دعوى قضائية تعرقل خطط ترامب المتطرفة

تواجه إدارة ترامب دعاوى قضائية تنتقد سياستها الداخلية والخارجية، وسلسلة الإجراءات التنفيذية التى اتخذها الرئيس دونالد ترامب، مع ظهور دعاوى جديدة يوميًا، وتسبب ما لا يقل عن 35 دعوى فى إيقاف بعض مبادرات ترامب الداخلية وخططه المتطرفة، إلا أن معارضيه لم يتمكنوا من تحقيق نجاح كبير فى إفشال جهود إدارته على الأقل فى الوقت الراهن. أصدر القضاة الفيدراليون حظرًا مؤقتًا فى بعض الدعاوى الداخلية والخارجية، وأكد الخبراء أن بعض قرارات ترامب غير المسئولة قد تخلق أخطر أزمة دستورية تواجهها البلاد منذ فضيحة «ووترجيت».



 

السياسة الخارجية 

أصبح من الواضح أن دونالد ترامب لديه مزاج متقلب فيما يتصل بالشئون الدولية، وتحت تقلبات مزاجه تكمن بعض القناعات المتطرفة التى تسببت فى وقوعه تحت طائلة القانون، حيث رفِع عدد من الدعاوى القضائية التى تتهم سياسته الخارجية بمخالفة القوانين، أهمها كانت ضد وزارة الخارجية الأمريكية باستغلال ثغرة تسمح لإسرائيل بتجاوز التشريع الفيدرالى الذى يحظر المساعدات العسكرية الأمريكية للجيوش الأجنبية التى تنتهك قانون حقوق الإنسان، وتتهم الدعوى القضائية التى قدمت للمحكمة بدعم من منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN)، وزارة الخارجية ووزير الخارجية بانتهاك قانون ليهى، وهو التشريع الذى صدر فى جزأين أواخر التسعينيات، وبنى على قانون المساعدات الأجنبية لعام 1961 الذى يحظر تقديم المساعدات العسكرية الأمريكية لقوات الأمن الأجنبية التى ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

وبحسب منظمة DAWN فإن الدعوى توثق كيف أنشأت وزارة الخارجية عمليات فريدة لا يمكن التغلب عليها للتهرب من متطلبات قانون ليهى، وعدم فرض عقوبات على الوحدات الإسرائيلية المسيئة، على الرغم من الأدلة الساحقة على انتهاكاتها لحقوق الإنسان، بما فى ذلك التعذيب والاحتجاز لفترات طويلة دون تهمة، والاختفاء القسرى، والإنكار الصارخ للحق فى الحياة والحرية والأمن، مثل الإبادة الجماعية والقتل العشوائى والمتعمد، والحرمان من العناصر الأساسية للبقاء على قيد الحياة، بما فى ذلك الغذاء والماء والوقود والأدوية، وكان آخرها استخدام وزير الخارجية ماركو روبيو، سلطات الطوارئ لتجاوز الكونجرس، وإرسال أسلحة بقيمة 4 مليارات دولار إلى إسرائيل، وهى المرة الثانية فى أقل من شهر التى تتجنب فيها إدارة ترامب عملية موافقة الكونجرس على إرسال أسلحة.

ولم يوضح روبيو فى بيان أصدره سبب استخدامه لسلطة الطوارئ، واكتفى بالقول إن إدارة ترامب ستستمر فى استخدام كل الأدوات المتاحة للوفاء بالتزام أمريكا الطويل الأمد بأمن إسرائيل، بما فى ذلك وسائل مواجهة التهديدات الأمنية، وأبلغ مسئولون فى وزارة الخارجية لجنتين من الكونجرس فى مجلس النواب ومجلس الشيوخ اللتين تراجعان مبيعات الأسلحة الأجنبية بشأن إعلان الطوارئ قبلها بيوم واحد، مما أحدث انزعاجًا عامًا فى الكونجرس بسبب تجاوز مراجعة الذخائر التى تستغرق حوالى 20 يومًا.

وتتضمن الصفقة عدة أنواع محتملة من القنابل، بما فى ذلك أكثر من 35 ألف قنبلة تزن 2000 رطل، وتشمل أيضًا الجرافات، ومجموعات التوجيه بنظام تحديد المواقع العالمى (جى بى إس) التى سيتم تركيبها على قنابل غير موجهة.

لم تمنع المحاكم بعد تجميد المساعدات الأجنبية، ولكن تم الطعن فيه أمام المحكمة، بعد أن تقدمت مجموعة من المنظمات غير الحكومية  والمقاولين  والشركات الصغيرة التى تعتمد على المساعدات الخارجية الأمريكية لتنفيذ برامج إنسانية وتنموية فى الخارج، بدعوى قضائية فى المحكمة الفيدرالية ضد إدارة ترامب وجهودها للتخلص التدريجى من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

ويتهم المدعون إدارة ترامب بانتهاك الفصل بين السلطات من خلال حجب أموال المساعدات الخارجية التى خصصها الكونجرس، وبالتالى تعرض شركاتهم وسبل عيش موظفيهم والأغلبية العظمى من أعمالهم الإغاثية لخطر شديد، وتنص الدعوى القضائية على أن هذه البرامج لا يمكن استئنافها ببساطة بناء على الأمر، فشركاء الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ينزفون الموارد والموظفين.

وتضيف الدعوى إن أى بند من بنود مشروع قانون أو قانون مخصصات، لا يخول للرئيس أو وزير الخارجية أو مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، فرض تجميد شامل أو إنهاء لتمويل المساعدات الخارجية المخصصة، وبسبب قرارات ترامب اضطرت بعض شركات الإمدادات الصحية والإنسانية إلى تسريح موظفيها، وأعلنت عن وجود سلع صحية بقيمة 150 مليون دولار، بما فى ذلك الأدوية معلقة فى مستودعات حول العالم، و88.5 مليون دولار أخرى فى طريقها إلى الخارج، وكل تلك السلع معرضة لخطر التلف أو السرقة، وإذا لم يتم تسليم تلك الإمدادات فإن النتيجة قد تكون أكثر من 560 ألف حالة وفاة بسبب أمراض مختلفة، وأن 215 ألف حالة وفاة من هذه الحالات ستكون بين الأطفال.

وذكرت منظمة HIAS وهى مجموعة تقدم مساعدات إنسانية للاجئين، أنها اضطرت إلى تسريح أكثر من 500 موظف دولى، وتعليق عملها فى مساعدة اللاجئين فى جميع أنحاء أمريكا الجنوبية وإفريقيا، بما فى ذلك عملها فى مساعدة الأطفال النازحين المعرضين لخطر الاتجار والاستغلال الجنسى والإساءة والإهمال.

وأكدت جمعية المحامين الأمريكية، التى تعد طرفًا أيضًا فى الدعوى القضائية، أن أوامر الإدارة دمرت البرامج الرامية إلى حماية الحريات الدينية فى آسيا، ومكافحة الإتجار بالبشر فى جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومساعدة أوكرانيا على التعافى من الغزو الروسى، وأماكن أخرى حول العالم.

السياسة الداخلية 

 

من أهم القضايا الإنسانية كانت دعوى رفعها تحالف من منظمات حقوق الإنسان، ومنظمات الدفاع عن المهاجرين لوقف إرسالهم إلى القاعدة العسكرية الأمريكية فى خليج جوانتانامو، ومواصلة احتجازهم بشكل غير إنسانى ومهين. 

وطالبت المنظمات الحقوقية بتدخل المحكمة لوقف هذه النقلات القاسية، وغير الضرورية وغير القانونية إلى جوانتانامو، كما يسعى المدعون بقيادة الاتحاد الأمريكى للحريات المدنية فى الوقت الحالى إلى الحصول على أحكام قضائية أوسع نطاقًا ضد سياسة النقل عامة، وخاصة أنها تتم ضد فئات وأشخاص من جنسيات وبلدان معينة، مثل أفغانستان وبنجلاديش وباكستان وفنزويلا، ودول أخرى، على الرغم أن أيًا منهم ليس عضوًا فى عصابة، ولم يكن خطرًا على الأمن العام، لكن الحكومة تزعم أن الأفراد الذين يتم إرسالهم إلى جوانتانامو هم أعضاء فى عصابات ومجرمين خطرين، وهم الأسوأ على الإطلاق، وتعد هذه الدعوى القضائية الأولى التى تتحدى سياسة الرئيس ترامب بشكل مباشر.

وفيما يخص قرارات تجميد المساعدات تسببت الدعاوى القضائية فى تعثر محاولات الإدارة الأمريكية لتجميد ما يصل إلى 3 تريليونات دولار من التمويل الفيدرالى، كما تم تعليق الجهود الرامية إلى تقليص وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية جزئيًا، وكذلك الأمر المتعلق بخفض النفقات العامة فى مختبرات الأبحاث الممولة من خلال المعاهد الوطنية للصحة، وأهم الدعاوى التى رفعت ضد إدارة ترامب كانت من منظمة الدفاع عن لقاح الإيدز، بعد تجميد تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على أساس أنه يتسبب فى ضرر لا داعى له، ولا يمكن إصلاحه.

 

وأيضًا قامت منظمة أطباء من أجل أمريكا برفع دعوى بعد أن قامت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بحذف معلومات عبر الإنترنت حول العدالة البيئية وعلاجات فيروس نقص المناعة البشرية، وعيادات الخصوبة، وتجنيد مجموعات سكانية متنوعة للتجارب السريرية.

 

وأكد المدعون أن حذف المعلومات ينتهك قانون الإجراءات الإدارية، وسيؤدى إلى إبطاء البحث الطبى، ويعرض حياة الآلاف للخطر، ويجعله فئران تجارب، وأيضا دعوى  المجلس الوطنى للمنظمات غير الربحية التى رفعت بعد أن جمدت إدارة ترامب تريليونات الدولارات من المنح والقروض الفيدرالية التى تعتمد عليها المنظمات للعمل.

وأصدر أمرًا قضائيًا يمنع التجميد على أساس أنه يتعارض مع تخصيص الكونجرس للأموال الفيدرالية، إلى جانب توقيع الرئيس ترامب على أوامر تنفيذية تهدف إلى إلغاء برامج التنوع والإنصاف والشمول من الوكالات الفيدرالية، وقطع التمويل الفيدرالى للبرامج المتعلقة بالمساواة الذى دفع الرابطة الوطنية لمسئولى التنوع فى التعليم العالى لرفع قضية سريعة، بحجة أن أوامر ترامب الغريبة تغتصب سلطة الكونجرس، بالإضافة إلى دعوى رفعتها اثنتان وعشرون ولاية أمريكية بعد أن أعلنت المعاهد الوطنية للصحة بقرار من الرئيس عن خطط لخفض 4 مليارات دولار من تمويل الأبحاث، الأمر الذى من الممكن أن تعرقل الدراسات الخاصة بعلاجات السرطان والزهايمر وغيرهما.

ومن القضايا التى أثارت الرأى العام الأمريكى ولا تزال موضع جدل، هى الدعاوى التى رفعها مشروع الرقابة الحكومية بشأن سياسات حفظ السجلات، فى مبادرة إيلون ماسك المعروفة باسم إدارة كفاءة الحكومة.

وتؤكد الدعوى أن المجموعة انتهكت قانون حرية المعلومات، من خلال إبقاء السجلات سرية، كما قام أربعة عشر نائبًا عامًا ديمقراطيًا أيضا بالشيء نفسه، وقدموا دعوى قضائية ضد إيلون ماسك والرئيس ترامب لتحدى ما أسموه «التفويض غير القانونى للسلطة التنفيذية» الممنوح للسيد ماسك، ومبادرته لخفض التكاليف، والتى أطلق عليها وزارة كفاءة الحكومة، وتقدم المدعون بطلب للحصول على أمر تقييدى لمنع الوزارة من الوصول إلى العديد من أنظمة البيانات الفيدرالية، وإنهاء خدمات موظفيها، وذلك إلى جانب العشرات من القضايا التى رفعت بواسطة منظمات أو مؤسسات حكومة وولايات أمريكية ضد السياسات التعسفية فى الهجرة والجنسية، والمناطق المحمية، والتنوع الدينى والعرقى، وإعادة توطين اللاجئين وحقوق السجناء، وكشف هويات العملاء السريين، وسياسة المناخ، وغيرها.

رد الإدارة الأمريكية 

أكد  نائب الرئيس الأمريكى جيه دى فانس أن القضاة لا يملكون سلطة على السلطة التنفيذية لإدارة ترامب وأن البيت الأبيض يتعرض لسلسلة من الدعاوى القضائية التى تهدف إلى تعطيل أجندته وكتب على صفحته الشخصيةعلى موقع إكس «لا يجوز للقضاة التحكم فى السلطة الشرعية للسلطة التنفيذية» وكان فانس قد اقترح فى وقت سابق أن الرئيس يمكنه الطعن بشكل مباشر على الأحكام القضائية التى تسعى إلى الحد من سلطة البيت الأبيض وأثار منشور فانس احتمال وقوع مواجهة محتملة بين إدارة ترامب والمحاكم وهى فرع مستقل ومساو للحكومة وقد أثبت أكثر من قرنين من التاريخ الأمريكى أن المحاكم مخولة بإلغاء القوانين ومنع الإجراءات التنفيذية التى تعتبرها غير دستورية وإذا تحدى ترامب أمرًا قضائيًا لم يعجبه فسوف يؤدى ذلك إلى قلب نظام الضوابط والتوازنات فى البلاد رأسًا على عقب دون وجود علاج واضح، أما الحكومة الأمريكية فتتبع استراتيجية هادئة وخبيثة فلا تعلن بصوت عال عن تحدى القانون والأحكام القضائية بل تفعل ذلك بهدوء مع الإصرار على أن كل شيء فى مساره الصحيح ومن الواضح أن العديد من هذه القضايا سوف يتجه إلى المحكمة العليا قريبًا بعد أن أصر القضاة على اتباع الأوامر القضائية ورغم كل الدعاوى القضائية لا يزال ترامب يتمادى فى تنفيذ أجندته المتطرفة فى السياسة الخارجية والداخلية وبالمقارنة بما كان عليه خلال ولايته الأولى فقد أصبح لديه اليوم مخطط تفصيلى وعاد إلى البيت الأبيض بفريق من الصهاينة المتطرفين الذين يدعمون أجندته الانعزالية العنيفة.