تبسيط الإجراءات الضريبية وإقرار 20 تيسيرًا لأصحاب المشروعات الصغيرة ورواد الأعمال «ضرائب» بلا «تضارُب»

أحمد زغلول
بدأت وزارة المالية، ممثلة في مصلحة الضرائب، عهدًا جديدًا مع الممولين أصحاب المشروعات الصغيرة ورواد الأعمال والمهنيين، من خلال إقرار حزمة تيسيرات وإعفاءات غير مسبوقة قوامها 20 إجراءً تضمن من خلالها إنهاء حالة الارتياب وتضارب تفسير الإجراءات الضريبية التي كانت تمثل عقبة في سبيل جذب أصحاب الأعمال من خارج الاقتصاد الرسمي للانضمام للمنظومة الرسمية.
وسادت حالة من الارتياح في أوساط مجتمع الأعمال بعد إقرار التيسيرات الجديدة بشكل نهائي من مجلس النواب، خاصة أنها جاءت استجابة ومعبرة عن الطلبات التي تمت مناقشتها في الحوار المجتمعي الذي أجرته مصلحة الضرائب مع اتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية، وجمعيات رجال الأعمال، وأصحاب الفكر الاقتصادي، إلى جانب جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.
حيث أكد المهندس فتح الله فوزي، رئيس مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين اللبنانيين، أن التيسيرات الضريبية التي أصدرتها وزارة المالية ومصلحة الضرائب تدعم بشكل كبير القطاع الخاص، خاصة من شركات المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتوفر بيئة عمل محفزة للنمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات.
وأضاف أن التيسيرات جاءت بعد الحوار والتعاون وهما الطريق الأمثل لتعزيز الثقة بين قطاع الأعمال والجهات الحكومية، من أجل بناء منظومة ضريبية أكثر كفاءة وشفافية تدعم الاستقرار المالي وتتيح الفرص للنمو والتوسع.
المستفيدون من التيسيرات
وطبقًا للخبراء فإن لحزمة التيسيرات الجديدة نتائج مهمة للاقتصاد المصري بصفة عامة، في ظل حرص الدولة على ضم الاقتصاد غير الرسمي، حيث تمثل التيسيرات الضريبية التي تم إقرارها محفزًا قويًا لأصحاب المشروعات الصغيرة غير المسجلة للانضمام إلى المنظومة الرسمية.
وفي هذا الإطار أكد الخبير الاقتصادي د.عبد السلام أبوضيف، أن حجم الاقتصاد غير الرسمي في مصر يمثل 50% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك طبقًًا للتقديرات الرسمية الصادرة عن وزارة التخطيط، لافتًا إلى أن هذا الحجم الكبير من الأعمال يشير إلى إمكانية حدوث ارتفاع كبير في الإيرادات الضريبية في حالة الانضمام للمنظومة الرسمية.
وأشار إلى أن التيسيرات تضمن أيضًا تحقيق مستهدفات الدولة بشأن استثمارات القطاع الخاص، والتي تتمثل في ضخ 987 مليار جنيه استثمارات جديدة خلال العام المالي الجاري بنسبة 49% من إجمالي الاستثمارات خلال العام.
كما أكد أن مثل هذه التيسرات ستعزز من مكانة مصر في مؤشرات سهولة الأعمال والتي تصدرها المؤسسات الدولية، ولها تأثيراتها على حركة الاستثمار في الدول، موضحًا أن الحديث أيضًا عن حزم تيسيرات أخرى خلال الفترة المقبلة، لاسيما ما يتعلق بإلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية بالنسبة للاستثمار في البورصة، فذلك سيعزز حجم التداولات بشكل غير مسبوق.
كذلك يأتي إقرار التيسيرات الجديدة في إطار خطط الحكومة لدعم المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وذلك فى إطار دعم ريادة الأعمال، فهناك حزمة من الإجراءات المتمثلة فى التيسيرات والتسهيلات والحوافز لدعم قطاع المشروعات الصغيرة، وتُعد المشروعات الصغيرة قاطرة التنمية الحقيقية، حيث تساهم بنحو %80 من الناتج المحلي الإجمالي المصري.
وتعد مصر من أكبر الدول العربية من حيث عدد وكثافة المشروعات الصغيرة والمتوسطة العاملة فيها، إذ يبلغ عدد هذه المشروعات حوالي 2.4 مليون مشروع، وتستهدف الحكومة من خلال التيسيرات التي تقدمها للمشروعات الصغيرة توليد فرص عمل جديدة ودعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال.
وبصفة عامة، فإن التيسيرات الجديدة تمثل نظامًا ضريبيًا متكاملًا للشركات الصغيرة وأنشطة ريادة الأعمال والمهنيين، تشمل حوافز وإعفاءات وتيسيرات لكل أنواع الضرائب «الدخل والقيمة المضافة والدمغة ورسم التنمية»، وتنطبق على كل الممولين المسجلين الحاليين والجدد فى أى أنشطة لاتتجاوز إيراداتها 20 مليون جنيه سنويًا.
نظام ضريبي متكامل
وتمثلت التيسيرات في الإعفاء من «ضريبة الدمغة» و«رسم التنمية» و«رسوم الشهر والتوثيق» و«ضريبة الأرباح الرأسمالية» و«توزيعات الأرباح»، واحتساب ضريبة نسبية مبسطة على الإيرادات السنوية حسب حجم الأعمال دون الحاجة لحساب صافي الأرباح.
كذلك تبسيط وتسهيل الإجراءات لتخفيف الالتزامات الضريبية عن صغار الممولين، بالإضافة إلى السماح بتقديم إقرار مبسط لضريبة الدخل سنويًا.. وآخر لضريبة المرتبات والأجور، كذلك سيتم الاقتصار على إقرارات ربع سنوية وليست شهرية للقيمة المضافة لمن حجم إيراداته لا يتجاوز 20 مليون جنيه سنويًا.. ونظم مبسطة للسجلات والدفاتر والمستندات.
يضاف إلى ما سبق أن أول فحص ضريبي سيكون بعد خمس سنوات، كذلك تضمن الحزمة الجديدة الإعفاء من نظام الخصم تحت حساب الضريبة أو الدفعات المقدمة، كذلك فلن يتم المحاسبة عن أى فترات ضريبية سابقة على تاريخ التسجيل، مع السماح بتقديم أو تعديل الإقرارات والنماذج الضريبية عن الفترات من عام 2020 حتى 2024 دون احتساب مقابل تأخير أو التعرض لأى عقوبات.
كذلك يتضمن النظام الضريبي الجديد آليات ميسرة لتسوية المنازعات الضريبية وخلق بيئة استثمارية مستقرة وجاذبة، والسماح للممولين بتسوية المنازعات الناتجة عن الفحص التقديري خلال الفترات الضريبية المنتهية قبل 2020 مقابل أداء نسبة من الضريبة.
بالإضافة إلى السماح بتقسيط الضريبة الناتجة عن تسوية النزاع على أقساط ربع سنوية لمدة عام دون احتساب مقابل تأخير، والسماح للممولين بتسوية المنازعات الناتجة عن فحص الدفاتر والحسابات للأعوام حتى 2020 مع التجاوز عن 100% من مقابل التأخير والضريبة والمبالغ الإضافية.
كذلك تشمل التيسيرات، السماح للأفراد بتسوية المنازعات الناتجة عن التصرفات العقارية وأرباح الأسهم غير المقيدة بالبورصة مع التجاوز عن 100% من مقابل التأخير، والتجاوز عن 100% من مقابل التأخير لمن يطلب المحاسبة عن التصرفات العقارية أو أرباح الأسهم غير المقيدة بالبورصة، كذلك عدم المحاسبة عن التصرفات العقارية والأسهم غير المقيدة بعد مضى خمس سنوات على التصرف فيها.
أما مقابل التأخير أو الضريبة الإضافية فلن يتجاوز «أصل الضريبة»، مع استخدام آليات مستحدثة ومبسطة للتصالح في المخالفات الضريبية «التي لا تتعلق بمستحقات ضريبية»، وجواز التصالح فى مخالفات عدم تطبيق نظام الخصم تحت حساب الضريبة مقابل سداد نصف الغرامة المقررة.
رسائل وزير المالية لمجتمع الأعمال
وفور إقرار حزمة التيسرات الجديدة من مجلس النواب وجَّه أحمد كجوك وزير المالية، رسائل إيجابية لمجتمع الأعمال، على رأسها الترحيب بدعم ومساندة مجلس النواب لمسار وزارة المالية الهادف إلى عودة الثقة والشراكة والمساندة لمجتمع الأعمال لتحفيز صغار وكبار المستثمرين.
كذلك الالتزام بسرعة إصدار القرارات التنفيذية اللازمة لتطبيق حزمة التسهيلات الضريبية فور صدور القوانين.. مع العمل على وضع منظومة للمتابعة والتقييم المحايد لضمان تنفيذ هذه التسهيلات والارتقاء بالمنظومة الضريبية».
كما أكد أن الدولة في الفترة الحالية تستهدف تخفيف الأعباء الضريبية عن كل صغار الممولين بما فيها الشركات الناشئة والمهنيون وأصحاب مشروعات ريادة الأعمال، لافتًا إلى أن هذا النظام الضريبي المبسط يتضمن الإعفاء من «ضريبة الدمغة» و«رسم التنمية» و«رسوم الشهر والتوثيق»، و«ضريبة الأرباح الرأسمالية» و«توزيعات الأرباح»، وإقرار ضريبة نسبية مبسطة على الإيرادات السنوية، حسب حجم الأعمال دون الحاجة لحساب صافي الأرباح.
ويتضمن هذا النظام أيضًا تبسيط وتسهيل الإجراءات لتخفيف الالتزامات الضريبية عن صغار الممولين، من خلال إقرار مبسط لضريبة الدخل سنويًا، وآخر لضريبة المرتبات والأجور، وإقرارات ربع سنوية وليست شهرية للقيمة المضافة لمن حجم إيراداته لا يتجاوز 20 مليون جنيه سنويًا، ونظم مبسطة للسجلات والدفاتر والمستندات، وكذلك الإعفاء من نظام الخصم تحت حساب الضريبة أو الدفعات المقدمة، وسيكون أول فحص ضريبي بعد خمس سنوات.
وأوضح الوزير أنه سيتم السماح للممولين بتسوية المنازعات الناتجة عن فحص الدفاتر والحسابات للأعوام حتى 2020 مع التجاوز عن 100% من مقابل التأخير والضريبة والمبالغ الإضافية، السماح للأفراد أيضًا بتسوية المنازعات الناتجة عن التصرفات العقارية وأرباح الأسهم غير المقيدة بالبورصة مع التجاوز عن 100% من مقابل التأخير.
ترقّب بالبورصة للتيسيرات المقبلة
وتسود حالة من الترقب بين المستثمرين في البورصة، في ظل مؤشرات قوية على إمكانية إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية على التعاملات في سوق المال، وأكد أعضاء بلجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب أن حزمة التيسيرات المقبلة قد تشمل إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة، والعودة إلى فرض «ضريبة الدمغة» المقطوعة.
وأوضحت لجنة الخطة بالمجلس أن الدراسات التي أجرتها الجهات المعنية بمجلس الوزراء، أظهرت أن النظام الحالي لاحتساب ضريبة الأرباح الرأسمالية معقد، ويحد من كفاءة التداولات في البورصة، وهو ما يستدعي البحث عن آلية أكثر بساطة ومرونة تتماشى مع الممارسات الضريبية العالمية.
وتعمل وزارة المالية حاليًا على إعداد حزمة ثانية من التيسيرات الضريبية، سيتم إرسالها إلى مجلس النواب بعد تطبيق الحزمة الأولى، وكانت البورصة المصرية قد شهدت في السنوات الأخيرة جدلًا واسعًا حول الضرائب المفروضة على المعاملات، إذ تذبذبت السياسات الضريبية بين ضريبة الدمغة على عمليات البيع والشراء، وضريبة الأرباح النقدية السنوية المحققة من التداولات.
وطبقًا لمصادر مطلعة فقد يتم طرح حزمة التيسيرات الثانية أمام مجلس النواب خلال أبريل المقبل.
ولفتت إلى أن التوجه نحو إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية جاء بعد ملاحظة انخفاض الطلب على مجموعة من الأسهم، ما أدى إلى تراجع قيمتها السوقية، مشيرة إلى أن هذا الواقع قد يؤدي إلى عدم تحقيق الدولة للعوائد المرجوة من طرح شركاتها في السوق، وهو ما تطلب إعادة تقييم السياسة الضريبية الحالية.