الإثنين 4 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
هل يفعلها ترامب؟

هل يفعلها ترامب؟

فى مقال مهم نشرته مجلة «فورين أفيرز» الأمريكية مؤخرا، بعنوان: «نتنياهو يُفسد فرصة ترامب للسلام»، يكتمل المعنى بالعنوان التمهيدى الذى نشرته المجلة عبر موقعها بـ«بنط أقل»، وجاء فيه: «لكن، لا يزال بإمكان أمريكا استخدام نفوذها لإنهاء الحرب فى غزة».



كاتبة المقال هى السيدة زها حسن، الكاتبة والحقوقية الأمريكية (من أصل فلسطيني)، وهى زميلة فى برنامج الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيغى للسلام الدولى، وما جاء فى عنوانها، تشابه إلى حد التطابق مع نص رسالة الرئيس السيسى لنظيره الأمريكى دونالد ترامب فى كلمته التليفزيونية القصيرة التى تم بثها منتصف الأسبوع الماضى، حيث قال الرئيس: «أوجه نداء خاصًا للرئيس ترامب، من فضلك ابذل كل الجهد لإيقاف الحرب وإدخال المساعدات. أتصور أن الوقت قد حان لإنهاء هذه الحرب».

وكان الرئيس السيسى قد ألقى كلمة تليفزيونية مسجلة، أعدت بشكل طارئ، انتقى كل حرف فيها بميزان الحكمة، فكانت بمثابة توجيه استراتيجى للحرب ضد التضليل والتدليس. وكان اختيار توقيتها موفقا، فقد استبق مؤتمرا دوليا كبيرا تشارك فيه مصر مع الشقيقة السعودية، والشريكة فرنسا، استهدف إعادة الاعتبار لمبدأ «حل الدولتين» الذى كان ركيزة أساسية فى خطط السلام العربية. 

وحققت كلمة الرئيس بمحتواها، موجة من التأثير الإيجابى، بعد أن تلقفها الإعلام المحلى والعربى والدولى، مفندين رسائلها ومبحرين تحليلا فيما بين سطورها. لترسخ «الكلمة الرئاسية» قوة مصر وقدرتها على أن تكون حائط صد منيعا، ضد الحملات المأجورة التى تقف وراءها قوى الشر، بهدف تحميل مصر ما يجرى للشعب الفلسطينى فى غزة، مدعين أنها تغلق معبر رفح فى وجه المساعدات الإنسانية، مغفلين ما قامت وتقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلى من جرائم إبادة وتجويع ضد الشعب الفلسطينى.

ولم يعد خافيا على أحد أن هذه الأكاذيب التى تروج لها لجان إخوانية، تأتى فى سياق حرب نفسية موسعة ضد الشعوب العربية، كما تحاول هذه الترهات، الانتقاص من قيمة الدور المصرى الراسخ فى دعم الشعب الفلسطينى وحقوقه، ورفض القيادة السياسية لمشروع التهجير وتصفية القضية الفلسطينية.

وجاء مقال زها حسن الذى نشرته الـ«فورين افيرز» بعد يومين من كلمة الرئيس، بمثابة ضربة مزدوجة فى وجه الإدارة الأمريكية، لعلها تفهم الرسائل التى صاغتها الكاتبة الفلسطينية الأمريكية، ببراعة ودعمتها بأحدث الدراسات واستطلاعات الرأى التى تخدم فكرتها، والتى يختصرها العبارة الرئاسية: «ترامب قادر على إنهاء الحرب». 

أكدت زها قائلة: «إن حرب إسرائيل فى غزة، هى حرب يعارضها شركاء الولايات المتحدة العرب، لذا يجب على إدارة ترامب إعادة ضبط السياسة الأمريكية لتحقيق السلام». وأضافت: «لقد أبدى ترامب استعدادًا فريدًا للانفصال عن إسرائيل فى العديد من القضايا، من خلال عقد صفقات مع جماعة الحوثى المسلحة فى اليمن وفتح حوار دبلوماسى مع الزعيم السورى الجديد، أحمد الشرع»، ثم أوضحت: «سيتعين على ترامب الانفصال عن نتنياهو مجددًا، بغض النظر عن تداعيات ذلك على مستقبله السياسى. عليه توضيح موقفه مباشرةً للإسرائيليين بأن أمنهم مرتبط بأمن الفلسطينيين وسائر دول المنطقة». 

وتستدل الباحثة الحقوقية باستطلاع رأى حديث أجراه مركز «بيو للأبحاث»، يشير إلى أن أكثر من 80% من الإسرائيليين يثقون بالرئيس الأمريكى ترامب كزعيم عالمى. لذا فهو قادر على إقناعهم بأن معارضة حق تقرير المصير الفلسطينى ستقوض أمن إسرائيل وتمنع التطبيع مع الدول العربية وتكامل إسرائيل الإقليمى.

مقال زها جدير بالقراءة والتحليل، وقد ترجمته بالكامل لأهميته ونشرت مقاطع منه عبر حسابى على إحدى مواقع التواصل الاجتماعى لتعم الفائدة. وأختم بهذه الفقرة التى تقول الكثير عن حالنا فى الشرق الأوسط، حيث توضح كاتبة المقال، زها حسن، قائلة: «لقد أصبح غياب الحل بمثابة حبل المشنقة الأمنى القومى الذى يلفّ عنق كل دولة فى الشرق الأوسط، سواءً بسبب امتداد القتال منذ السابع من أكتوبر، أو خطر تدفق اللاجئين عبر الحدود، أو تأثير الاضطرابات الإقليمية المستمرة على قدرة الدول على تحقيق أهداف التنمية الوطنية الأساسية».

توقفت أمام تعبير «مشنقة الأمن القومي»، الذى فسر لى أسباب إصرار نتنياهو وحكومته من المتطرفين على استمرار الحرب فى غزة، فهل يفعلها ترامب ويتدخل لصالح شعوب الشرق الأوسط، وفى مقدمتهم الشعب الفلسطيني؟

 

كاتب صحفى، مدير المنتدى الاستراتيجى للفكر والحوار «بيت فكر»