
محمد مصطفى سالم
من قتل الشعب إلى محاولات قتل القضية
تُعرَف الكوميديا السوداء بأنها الضحك الذى يصدر من قلب الأحزان، فنحن أصبحنا فى زمن لا ندرى نضحك أَمْ نبكى.
نبكى على شهداء أغلبهم من النساء والأطفال أمْ نضحك على طرد مواطنين من وطنهم الذى عاشوا فيه منذ آلاف السنين بحجة أنه أصبح مدمرًا.
حسنًا؛ لماذا لا نَطرد من دمره؟، فالمنطق البشرى يعاقب الفاعل أمْ المفعول به! يعاقب الجانى أمْ المجنى عليه! ولكن أى منطق وأى بشرية فهؤلاء ليسوا بشرًا وحتى ليسوا شياطين؛ بل إن إبليس إن رآهم يقينًا سيرفع لهم القبعة تقديرًا لتفوقهم عليه؛ لأنه لم يقصف مدينة ولم يقتل طفلاً، ولكن هم فعلوا ما لم يفعله.
وبالنهاية نرى الرئيس الامريكى مقترحًا تهجير الفلسطنيين للأردن ومصر!
ليتم نقل الصراع من صهاينة وعرب إلى عرب وعرب مكرّرين حوادث مشابهة لحادثة (أيلول الأسود) الحادثة التى نشبت من قبل بين المملكة الأردنية الهاشمية ومنظمة التحرير الفلسطينية، فالهدف من التهجير هو أمران:
أولهما.. إنهاء القضية الفلسطينية، فقوانين اللعبة مَن يخرج لا يعود، نعم سوف تعمر غزة، ليس من أجل الفلسطينيين، ولكن من أجل أن تكون مزارًا سياحيًا، فترامب قد صرّح بأن موقعها استثنائى على البحر ومناخها هو الأفضل، ولكنى أرى أنها إن أصبحت مدينة سياحية فمَن سيذهب لها لن يستنشق أفضل مناخ؛ بل سيستنشق رائحة الدم، ولن يسمع صوت الأمواج؛ بل سيسمع صوت أشباح الأطفال الذين قُتِلوا يصرخون، ولن يرى البحر بل سيرى قبور العُزّل الذين قتلوا غدرًا ومن دون أدنى رحمة.. هذا هو الأمر الأول.
أمّا الأمر الثانى؛ فهو الطمع الإسرائيلى فى التوسع على حساب أرض مصر والأردن.. ستسألنى عزيزى القارئ وكيف سيكون شكل الطمع؟!
دعنى أشرح لك..
لنقل إنه لو تم طردك من الحى الذى تسكن به إلى حى آخر هل ستترك بيتك وحيّك أمْ أنك ستذهب تقاتل عدوك وترجع إلى حيك القديم؟!
نعم هذا الذى أقصده، أنه سيتم مقاومة إسرائيل من مصر أو الأردن وبالتالى إسرائيل سترد، وبالتأكيد مصر أو الأردن لن يصمتوا فيتم جذبهم لحرب جديدة لا نعلم من سينتصر بها ولكننا نعلم أننا سنخسر بها العديد من الأرواح،
وإذا لم نحارب سنجد الجانب الإسرائيلى يقول نريد الدخول عندكم فى أرضكم والسيطرة على الوضع ومن ثم الرحيل، ونحن نعلم أنهم لن يرحلوا.
لنرى بلادنا تتحول إلى ساحة قتال حتى تصبح إسرائيل من النيل إلى الفرات، فما سبب إصرارهم على تهجير الإخوة الفلسطينيين إلى مصر حتى من قبل نشوب حرب غزة، فهذه الفكرة ظهرت منذ عهد الرئيس مبارك الذى تحدّث عنها قائلاً نصًا: (لقيت نتانياهو بيقول احنا لو ننقل الناس بتوع غزة دول.. ولقيته بيشاور على سيناء وقلت له انسى الموضوع ده انت عايز تبدأ حرب بيننا وبينكم تانى).. إذن فهذا الأمر مخطط له مسبقًا من جانب الكيان.
ومؤخرًا نرى فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي قائلاً نصًا: (إذا كان هناك نية للنقل المؤقت توجد صحراء النقب فى إسرائيل).. فهو بصفته رجل استخبارات يعلم أن نيتهم ما هى إلا الطمع فى تحقيق حلم النهرين من النيل إلى الفرات، فإننى أرى أنهم من صنعوا ثغرة 7أكتوبر من أجل شن الحرب ومن ثم تصفية المقاومة وتصفية القضية واحتلال أرض جديدة، آخرها تعمقهم فى دولة سوريا الشقيقة مستغلين حالة نقل السلطة وعدم الاستقرار الأمنى بها.
فأنت عزيزى القارئ اعتدت على مقولتى: (السياسة ليس لها سيناريو واحد؛ بل السياسة لها ألف سيناريو وألف نهاية).. فإننى أرى الهدف من وقف إطلاق النار هو ما ذكرته فى مقالى السابق (تداعيات فوز ترامب على حرب غزة) عندما طرحت فكرة وقف إطلاق النار التى كانت عكس التيار المتوقع فى هذا الؤقت والتى كنت أرى أنه، إن حدث سيحدث من أجل اتفاقيات جديدة، فهل كانت نيتهم هى وقف إطلاق النار ضد الشعب وبدء مرحلة إطلاق النار تجاه القضية ذاتها وتجاه شعوب أخرى لم يستطيعوا جذبهم إلى الساحة بالاستفزاز، فسيتم جذبهم بشكل آخر، وهو ما يجعل الحكومات أمام خيار من خيارين؛ إمّا محاربة المقاومة لأن الكيان سيقول إنهم يقاتلوننا من أرضكم، أو ترك أرضهم تكون ساحة حرب لأن الكيان سيقول دعونا نحن ندافع عن أنفسنا ولا تدخلوا أنتم، وإن تدخلنا ستنشب حرب جديدة.. وإننى أرى أنها إن نشبت ستكون حربًا وجودية.
والآن دعنا نرى المسرح السياسى عزيزى القارئ ماذا سوف يحدث عليه من ألعاب.!