سباقات رياضية وعروض تراثية بهوية مصرية.. قوة مصر الناعمة تفوز فى «مهرجان الهجن»

شهدت مدينة شرم الشيخ، الأسبوع الماضي، تنظيم المهرجان العربى للهجن والتراث، ويوافق هذا الحدث السنوى تاريخ افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى لمضمار سباقات الهجن بشرم الشيخ فى يناير2020، بحضور الشيخ محمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات العربية الشقيقة، قد يظن البعض أن المهرجان لا يعدو عن كونه مناسبة ترفيهية، لكن عزيزى القارئ عليك أن تعلم أن تراثنا وهويتنا هما سر عظمة الدولة المصرية، التى تدرك جيدًا أدوات قوتها الناعمة، خاصة عندما يتعلق الأمر بسيناء الطيبة، التى فشل الإرهاب فى أن يلوث فيروزها بالبارود.

 

يضع الرئيس السيسى تراث الدولة وقوتها الناعمة فى مقدمة الأولويات، وقد أخذ على عاتقه هذا النهج منذ تسلمه السلطة، فخلال احتفالية تنصيبه فى 2014 أكد أن «مصر الجديدة لن تغفل قوتها الناعمة»، وقد ظهرت نتائج هذا النهج وفقًا لمؤسسات تصنيف عالمية، بإعلانها أن مصر من أفضل دول العالم أداء فى مؤشر القوة الناعمة عام 2022، كما تصدرت قائمة الدول الإفريقية فى 2024.

وعلى مدار يومى الأربعاء والخميس الماضيين، انطلقت فعاليات النسخة الجديدة من المهرجان العربى للهجن والتراث، بمدينة شرم الشيخ، برعاية الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، وبمشاركة 6 دول عربية السعودية: الإمارات، الأردن، البحرين، قطر، الكويت، تونس، الجزائر، إلى جانب مشاركة 17 محافظة مصرية، وذلك فى إطار تكليفات الرئيس السيسى، بالاهتمام برياضة الهجن وإحياء التراث البدوى لما لها من مردود إيجابى على تنشيط السياحة، خاصة لعشاق هذه الرياضة على مستوى العالم، حيث كان افتتاح الرئيس للمضمار إشارة انطلاق هذه الرياضة بشكل عالمى على أرض مصر.

د مضمار عالمى

يقع مضمار شرم الشيخ العالمى للهجن فى منطقة السفارى، جرى إنشاؤه عام 2020، بتكلفة 125 مليون جنيه، وأقيم على مساحة 2 مليون متر مربع، وتم تطوير منصة المضمار عام 2022، وإنشاء أماكن خدمية بتكلفة 27 مليون جنيه، ويتضمن منصة لاستقبال الرؤساء والملوك، ومنصة لاستقبال المشاركين فى السباقات والمشجعين، ومزود بأعمدة إنارة لإقامة السباقات الليلية، ويضم مضمارًا للفروسية، وقرية للتراث البدوى بهدف عرض المشغولات اليدوية السيناوية والتراثية، ومسجدًا يسع 2000 شخص، ووحدة بيطرية لمتابعة الحيوانات، ومنطقة إيواء «أماكن لاستقبال الهجن خلال فترة السباقات والتدريبات».

وتحظى سباقات الهجن فى شرم الشيخ بأهمية كبيرة، جعلت مضمار الهجن ملتقى دوليًا لممارسة واحدة من أهم الرياضات التراثية فى الوطن العربي، حيث تحظى هذه الرياضة بإقبال كبير من السياح من مختلف دول العالم، ويحرصون على حضور الفعاليات ومشاهدة العروض المميزة.

 إشادة من رموز القبائل

قدم رموز القبائل وكبار ملاك الهجن الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى، للجهود التى قدمتها الدولة لنجاح تلك الرياضة، مؤكدين أنها تحولت من المحلية للعالمية، لافتين إلى أن هذا تم بعد أن قدم الرئيس لهم الدعم وأمر بتذليل العقبات لتنجح تلك الفعالية، وقدموا الشكر لإحياء ذكرى افتتاح الهجن والحرص على استمرار تلك الرياضة المحببة لديهم التى تجمع ملاك الهجن من جميع الدول العربية على أرض شرم الشيخ.

وقال عيد حمدان، رئيس اتحاد الهجن المصرى، إن الدولة تقف بجانب أهل الهجن من أجل نجاح كل الفعاليات، وقدم شكره للرئيس السيسي، كما شكر محافظ جنوب سيناء لجهوده فى إعادة الفعاليات على أرض شرم الشيخ.

دعم الاقتصاد المحلى

أكد الدكتور خالد مبارك محافظ جنوب سيناء على ضرورة الحفاظ على الاستدامة لتوفير أماكن عرض دائمة للمشغولات والمنتجات البدوية، وفتح فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لأبناء البدو، مؤكدًا حرصه على استمرار رياضة الهجن فى مدينة السلام، لما لها من مردود إيجابى على تنشيط السياحة، خاصة لعشاق هذه الرياضة على مستوى العالم. وأضاف إن هذه الفعاليات لا تقتصر فقط على تعزيز الهوية الثقافية والتراثية، بل تسهم أيضًا فى دعم الاقتصاد المحلى من خلال توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لسكان المحافظة، خصوصًا المهتمين بهذه الرياضة.

وشدد على أن التنظيم المشرف للمهرجان يعكس قدرة مصر على تنظيم فعاليات دولية متميزة، بما يعزز من مكانتها كوجهة رائدة للسياحة التراثية والرياضية على مستوى العالم.

التنمية مستمرة

على هامش فعاليات المهرجان، وفى إطار تكليفات القيادة السياسية للمحافظين بأولوية وصول جميع الخدمات للمواطن المصرى بصفة عامة والسيناوى بصفة خاصة مع التأكيد على جودة الخدمات المقدمة، استعرض محافظ جنوب سيناء بعض المشروعات ذات الأولوية فى مجال التعليم والزراعة البيئية والإدارة العمرانية، والتى تتوافق مع البيئة ومتطلبات المجتمع المحلى والمحاور التنموية لمدينتى دهب ونويبع، حيث تم استعرض الأماكن المقترحة لإقامة جامعة تكنولوجية وملحق بها مدرسة تكنولوجية تقومان بخدمة الأغراض التنموية والمستدامة وتتكاملان مع الأنشطة الاقتصادية بهما مثل صيانة السفن والمراكب والزراعة البيئية المستدامة والسياحة البيئية والسياحة العلاجية والتمريض.

كما ناقش المحافظ كتيب موجهات البناء والتصميم المعمارى لمدينة دهب وذلك فى إطار المخطط الاستراتيجى المعتمد للمدينة، وذلك بغرض الحفاظ على الطابع العمرانى والمعمارى المميز للمدينة وأيضًا لتنسيق الفراغات العامة والمناطق المفتوحة فى إطار نسق عمرانى وفراغى متجانس مع الطبيعة المحيطة بالمدينة، ورفع مستوى التصنيف العالمى لمدن محافظة جنوب سيناء فى الحفاظ على البيئة والكاربون كرديت لخفض الانبعاثات.

وتابع المحافظ تطور المشروعات الزراعية المتجددة والمستدامة للشباب بمدينة نويبع فى إطار توجيهات رئيس الجمهورية، والمتابعة المستمرة لرئيس مجلس الوزراء، لدعم وتمكين الشباب ومشروعاتهم الناشئة فى أعماق الصحراء كأمثلة متميزة للتنمية المستدامة على أرض المحافظة؛ تشجيعًا لجهود العاملين فى هذا المجال والتى أثبتت جودة إنتاجية الأراضى القابلة للزراعة بالمدينة ونجاح استزراع نباتات متميزة وعالية القيمة، وخصوصًا تلك التى يتم استيرادها للمنشآت السياحية.

زيادة الجذب السياحي

فى إطار تكليفات رئيس الجمهورية للمحافظين نحو حل مشكلات المواطنين ومنهم المستثمرون، عقد محافظ جنوب سيناء، اجتماعًا بمكتبه بمدينة شرم الشيخ، مع عدد من المستثمرين أصحاب بعض المشروعات المتعثرة؛ لبحث آرائهم ومقترحاتهم لوضع أكثر التحديات التى تواجههم وإيجاد حلول لها فى إطار دفع معدلات التنمية بالمحافظة، وزيادة جذب استثمارات لزيادة الجذب السياحي، وذلك بحضور ممثل هيئة التنمية السياحية بالمحافظة.

وأكد المحافظ أن حل مشكلات جميع القطاعات على أرض المحافظة عامة وفى مجال التنمية السياحية خاصة على رأس أولوياته؛ من أجل تعزيز الاستثمار السياحى على أرض المحافظة بما يوفره من موارد للدولة والآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.

وخلال الاجتماع تم التوصل إلى بعض التحديات والاتفاق عليها والتى تتطلب التنسيق مع بعض الجهات والأجهزة بالدولة لإزالة تلك المعوقات ووعد محافظ جنوب سيناء بأنه سيتم مخاطبة تلك الجهات كل فيما يخصه، ومتابعة تلك المشروعات لبحث الجدية وعرض تقرير كل ثلاثة أشهر لتحديد نسب التنفيذ.

من جانبهم أعرب المستثمرون عن سعادتهم ورضاهم التام بما لمسوه من مبادرة محافظ جنوب سيناء لحل مشكلاتهم، خاصة أنه الداعى لهذا الاجتماع وتعهدوا باستئناف العمل وتحقيق معدلات تنفيذ مرضية تتوافق مع البرنامج الزمنى والشروط التى وضعتها الدولة فى هذا الشأن.

مركز ثقافى فرنسى بشرم الشيخ

وعلى هامش المؤتمر، استقبل الدكتور خالد مبارك، محافظ جنوب سيناء السفير الفرنسى فى مصر، إريك شوفالييه، بمكتبه بمدينة شرم الشيخ، يرافقه جيهان خاطى القنصل الفخرى الفرنسى بشرم الشيخ، فى إطار توجيهات القيادة السياسية لتعزيز التعاون السياحى بين الدول وزيادة الجذب السياحى وفتح أسواق جديدة واعدة ومتنوعة.

وخلال اللقاء  تمت مناقشة العديد من الموضوعات الخاصة بتعزيز أطر التعاون السياحى بين البلدين، والتعاون فى مختلف المجالات، وأشار المحافظ إلى أن الدولة المصرية بذلت جهدًا كبيرًا فى تطوير البنية الأساسية والتحول للأخضر بمدينة شرم الشيخ، مشيرًا إلى أنه جارٍ إنشاء مجمع أديان يحتوى على كنيسة كاثوليكية ومسجد بشرم الشيخ فى مجال المعمار الأخضر أيضا، وذلك فى ظل توجيهات القيادة السياسية كما تم التصديق على استراتيجية التنمية المستدامة بجنوب سيناء والتى من ضمنها إشراك الشباب والبدو باعتبارهم شركاء أساسيين فى التنمية.

 وتناول اللقاء مقترح إنشاء مركز ثقافى فرنسى للحضارة الإنسانية والإشعاع الثقافى بمدينة شرم الشيخ، وبه نواة لمقر القنصلية الفخرية الفرنسية بشرم الشيخ توطيدًا للعلاقات والتى تعد عنصرًا من عناصراهتمام السائحين الفرنسيين بشرم الشيخ.