الأربعاء 12 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

روزاليوسف ترصد محطات حياة السير من طب قصر العينى للعالمية د. مجدى يعقوب أكثر أطباء العالم إنجازا وابتكارا

يعتبر د. مجـدى يعقوب أحد أشهر جراحى القلب فى العالم.. نجح فى كتابة اسمه فى كتب التاريخ العالمية بعد أن تم تصنيفه كأكثر أطباء العالم إنجازا فى عدد عمليات زرع القلب.. يحمل د. مجدى يعقوب على كتفيه رحلة عطاء من العمل والكفاح والإنجاز والشهرة، تستحق أن يعلمها ويتعلم منها شباب وعلماء وباحثو العالم أجمع.



حصل د. مجدى عام 2018 على لقب أسطورة الطب فى العالم، من جمعية القلب الأمريكية بشيكاغو، ضمن أكبر خمس شخصيات طبية أثرت فى تاريخ الطب، فهو شخصية استثنائية وقيمة إنسانية.

 

 ابن الشرقية

ولد مجدى يعقوب حبيب فى مركز بلبيس بالشرقية فى 16 نوفمبر عام 1935، لعائلة تنحدر أصولها الكاثوليكية من محافظة أسيوط، وعشق مهنة الطب بسبب والده «حبيب يعقوب» جراح وزارة الصحة، وله شارع يحمل اسمه بمنطقة العجوزة فى قلب القاهرة، وقد عمل فى مستشفيات أسوان وقنا ومعظم محافظات الجمهورية وكان وراء سبب عشق الابن مجدى لمهنة الطب.

أما اتجاهه للتخصص فى جراحة القلب والصدر فجاء منذ أن فقدت الأسرة عمته الصغرى أوجينى التى توفيت عن 21 عاما بسبب إصابتها بضيق فى صمام القلب، وحزن الأب حبيب يعقوب على شقيقته التى اختطفها الموت فى سن مبكرة، وظلت هذه القصة تتردد فى عقل مجدى يعقوب الابن حتى قرر أن يصبح هدفه التخصص فى علاج القلب لإنقاذ حياة المرضى.

تزوج د. مجدى يعقوب فى بداية التسعينيات من زميلته فى المستشفى «ماريا» وهى ألمانية الجنسية وأنجبت له ولداً وبنتين، ومع انشغال الزوج بالأبحاث والعمليات الجراحية قررت أن تتفرغ لتربية الأبناء.. الابن «اندرو» طيار «وليزا» وهبت حياتها للخدمة الاجتماعية وتعمل منسقا بمؤسسة سلاسل الأمل اللندنية والابنة الصغرى «صوفى» طبيبة متخصصة فى طب المناطق الحارة وتعمل فى إفريقيا وأستراليا وأمريكا الجنوبية.

 تخصصه ونجاحاته 

تخرج مجدى يعقوب فى طب قصر العينى عام 1957 وكان ترتيبه الخامس على الدفعة، وعمل نائبا للجراحة بقصر العينى، ثم سافر إلى إنجلترا عام 1962 لاستكمال الدراسة والحصول على الدكتوراه والتخصص فى جراحات القلب والصدر.

حصل الدكتور مجدى يعقوب على الزمالة الملكية من ثلاث جامعات (كلية الجراحين البريطانيين بلندن - زمالة كلية الجراحين بأدنبرا- زمالة كلية الجراحين الملكية بجلاسكو)، وتدرج فى العديد من المناصب الأكاديمية، وبدأ حياته العلمية باحثًا فى جامعة شيكاغو الأمريكية عام 1969م، ثم رئيسًا لقسم جراحة القلب عام 1972م، فأستاذًا لجراحة القلب بمستشفى برومتون فى لندن عام 1986م.

أصبح رئيسًا لمؤسسة زراعة القلب ببريطانيا عام 1987م، وأستاذًا لجراحة القلب والصدر بجامعة لندن، كما شغل منصب مدير البحوث والتعليم الطبى والمستشار الفخرى لكلية الملك إدوارد الطبية، بالإضافة إلى رئاسة مؤسسة زراعة القلب والرئتين البريطانية، كما شغل منصب مدير البحوث والتعليم الطبى ومستشار فخرى لكلية الملك إدوارد الطبية فى لاهور بباكستان.

تمكن الجراح العالمى عام 1980 من إجراء أول عملية جراحية لزراعة القلب حيث قام بنقل قلب للمريض دريك موريس والذى أصبح أطول مريض نقل قلب أوروبى على قيد الحياة حتى وفاته فى يوليو 2005، ومن بين المشاهير الذين أجرى لهم عمليات الكوميدى البريطانى «إريك موركامب» والفنان عمر الشريف.

يحظى الجراح المصرى والعالمى بمكانة علمية متميزة فى مجال جراحة القلب والأوعية الدموية، فهو يعد واحدًا من رواد جراحة زراعة القلب بالعالم، وقام بالعديد من العمليات الجراحية الناجحة على مستوى العالم، ويعتبر ثانى جراح يجرى عملية زراعة قلب بعد الدكتور العالمى «كريستيان برناردن» وواحدا من أشهر ستة جراحين للقلب فى العالم.

نجح د. مجدى يعقوب مع فريق طبى بريطانى بتطوير صمام للقلب باستخدام الخلايا الجذعية، عن طريق استخراج الخلايا الجذعية من العظام وزرعها وتطويرها إلى أنسجة تحولت إلى صمامات للقلب، هذا الاكتشاف الذى سيسمح باستخدام أجزاء من القلب تمت زراعتها صناعيًا فى غضون ثلاثة أعوام، ويقول د. مجدى: «إنه فى خلال عشرة أعوام سيتم التوصل إلى زراعة قلب كامل باستخدام الخلايا الجذعية».

قام من خلال عمله كجراح قلب فى المستشفيات البريطانية، بتقديم العديد من الأساليب الجراحية الجديدة لعلاج أمراض القلب، خاصة الأمراض الوراثية، وعكف بعد تمكنه من إجراء أول عملية جراحية لزراعة القلب عام 1980، على إجراء هذه الجراحات على نفقته ونفقة المتبرعين، حيث لم يكن هذا النوع من الجراحات منتشرًا فى ذلك الوقت، ولم تكن تكاليف هذه العملية تخضع لنظام التأمين الصحى للمرضى، وقد نجح د. يعقوب نجاحًا باهرًا فى مجال زراعة القلب والرئة، ثم زراعة الاثنين فى الوقت نفسه عام 1986، وأصدر العديد من الأبحاث العالمية المتميزة والتى فاقت الأربعمائة بحث متخصص فى جراحات القلب والصدر.

يعد أول من ابتكر جراحة «الدومينو»، التى تتضمن زراعة قلب ورئتين فى مريض يعانى من فشل الرئة، وفى الوقت نفسه، يؤخذ القلب السليم من المريض نفسه ليزرع فى مريض ثانٍ، كما أجرى من خلال عمله فى المستشفيات البريطانية منذ عام 1962 ما يقرب من 25 ألف عملية خلال مشواره الطبى الطويل، منها 2500 عملية زراعة قلب.

اهتم خلال مشواره بتدريب الأطباء على مستوى العالم كله، مؤكدًا أنه بهذا ينقذ مريضًا قد لا يتحمل الانتظار حتى يأتى بنفسه لإجراء العملية، وهو يفخر فى كل مكان بالأطباء المصريين الذين تتلمذوا على يديه، وأصبحوا قادرين على إجراء عمليات زراعة القلب بنجاح.

على الرغم من تقاعده واعتزاله العمليات الجراحية حين أصبح عمره 65 عامًا إلا أنه استمر كاستشارى لعمليات نقل الأعضاء، واستمر عمله فى مجال البحوث الطبية وكتابة التقارير والمقالات العلمية، هذا بالإضافة لقيامه بممارسة الجراحة بعيادته الخاصة ببريطانيا، كما عمل كاستشارى ومُنظر لعمليات نقل الأعضاء، لكنه فى عام 2006 قطع اعتزاله العمليات ليقود عملية معقدة تتطلب إزالة قلب مزروع فى مريضة بعد شفاء قلبها الطبيعى، حيث لم يزل القلب الطبيعى للطفلة المريضة خلال عملية الزرع السابقة والتى قام بها.

 موسوعة جينيس

يمتلك د. يعقوب قدرة عالية على العمل المتواصل والعطاء، وقد تمكن من خلال مشوار عمله الطويل من تأسيس العديد من الأفكار والأماكن ذات الشأن العام والتى تحقق خيرا وفيرا للبشرية كلها.

فقد تمكن من تأسيس جراحة زرع القلب فى بريطانيا، وأنشأ مركزا لعلوم القلب بها، وجمعية Chain of Hope الخيرية لرعاية الأطفال فى دول العالم الثالث، وساهم فى إنقاذ أرواح العديد من الأطفال فى العالم الذين ولدوا بعيب خلقى فى الأوعية الدموية الكبرى، أشرف على أكثر من 18 رسالة دكتوراه فى جراحة القلب ونشر أكثر من 1000 مقال علمى، وله نشاط واضح فى تطوير برامج جراحة القلب والأوعية الدموية فى كل من منطقة الخليج العربى وفلسطين وموزمبيق وإثيوبيا وجامايكا والكونغو.

دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية بإجرائه 100 عملية قلب فى عام واحد فقط، وكان سببا فى دخول رجل إنجليزى قام بعملية زرع قلب له عام 1980 بسبب تلك الجراحة الموسوعة كأطول شخص يعيش بقلب منقول وذلك لمدة 33 عاما حتى توفى.

 الألقاب والأوسمة

حصل د. مجدى يعقوب طوال مشوار حياته العملية على العديد من الأوسمة، لكنه يرى أن الوسام المفضل لديه على الإطلاق هو رؤية المرضى يتحسنون فالأوسمة لا تعطى شيئا للعلم أو الإنسان ويقول إن الذى يمنحنى السعادة الداخلية هو الوصول لاكتشاف جديد يؤثر على آلاف من الناس ويطبق على ملايين منهم.

يحمل د. مجدى لقب «أكثر أطباء العالم إنجازا فى عدد عمليات زرع القلب»، التى قام بها خلال مسيرته الطبية الطويلة، ومنحته الملكة إليزابيث الثانية لقب فارس فى عام 1966، بينما لقّبته أميرة ويلز الراحلة، ديانا، بملك القلوب.

كما أفردت له جريدة التايمز البريطانية فى عام 1978 صفحاتها الأولى لتقدم لقرائها يوما فى حياة مجدى يعقوب تحت عنوان «الجراح النابغة الذى يعزف يوميا لحن الأمل والحياة» وتعود الصحيفة العريقة فى عام 2001 وتنشر تحقيقا مصورا عن الرحلات المكوكية ليعقوب إلى مصر ودول إفريقيا لإجراء جراحات بالقلب بالمجان للأطفال.

واختاره رئيس وزراء بريطانيا السابق تونى بلير لإصلاح نظام التأمين الصحى فى المملكة المتحدة والذى يعتبر من الأنظمة الهامة والمحورية للشعب الإنجليزى، وحصل على لقب بروفيسور فى جراحة القلب عام 1985، وقامت ملكة بريطانيا بمنحه لقب «سير» عام 1991.

وفاز بجائزة الشعب عام 2000 التى قامت بتنظيمها هيئة الإذاعة البريطانية BBC، كما تم انتخابه من قبل الشعب البريطانى ليفوز بجائزة الإنجازات المتميزة فى المملكة المتحدة وتقدم لأصحاب الإنجازات المتميزة بالمملكة، كما تم منحه جائزة فخر بريطانيا فى 11 أكتوبر 2007 على الهواء مباشرة من قناة إى تى فى البريطانية بحضور رئيس الوزراء جوردن براون وتمنح للأشخاص الذين ساهموا بأشكال مختلفة من الشجاعة والعطاء أو ممن ساهم فى التنمية الاجتماعية والمحلية. 

وحصل على جائزة Bradshaw Lectures لأساتذة الكلية الملكية للطب عام 1988، ووسام الاستحقاق الملكى البريطانى عام 1991، كذلك وسام رى فيش المقدم من معهد تكساس للقلب عن إنجازاته فى جراحة القلب 1998، وحصل على وسام الواجب الأول ووسام الجمهورية من مصر فى يوم الطبيب لنفس العام، ووسام وزارة الصحة البريطانية عن دوره فى الطب عام 1999.

وحصل على جائزة قمة مؤسسة عيادة كليفلاند لفشل القلب 2001، جائزة أبوقراط الذهبية (موسكو) لدوره فى جراحة القلب 2003، وجائزة منظمة الصحة العالمية لخدمة الإنسانية لنفس العام، وجائزة الجمعية الدولية لزراعة القلب والرئة عام 2004، والوسام الذهبى للجمعية الأوروبية لطب القلب 2006، بينما حصل على جائزة فخر بريطانيا المقدمة من الديلى ميرور، والجنسية الفخرية لمدينة بيرجامو الإيطالية، ووسام الاستحقاق للأكاديمية الدولية لعلوم القلب لنفس العام أيضا.

وفى يناير 2011 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم‏1‏ لسنة ‏2011‏ بمنح قلادة النيل العظمى للدكتور مجدى يعقوب‏ لجهوده الوافرة والمخلصة فى مجال جراحة القلب وقد تسلمها بنفسه فى احتفال كبير بمقر رئاسة الجمهورية فى 11/1/2011، وفى وعام 2012 حصل على وسام العظام للجمعية الأمريكية للقلب.

وتسلم الميدالية الذهبية من ملكة إسبانيا صوفيا تقديرا لإنجازاته البارزة فى مجال جراحات القلب، وهو صاحب الـ15 دكتوراه فخرية من مختلف جامعات العالم ومنها: جامعة برونيل وجامعة كارديف وجامعة لوفبورا وجامعة ميدلساكس «جامعات بريطانية» وكذلك من جامعة لوند بالسويد، وحصل على درجة شرفية من جامعة سيينا بإيطاليا.

مصر فى القلب

فى سبتمبر 2013 انضم الطبيب مجدى يعقوب للجنة الخمسين المكلفة بصياغة دستور للبلاد عقب ثورة الـ30 من يونيو بقرار من رئيس الجمهورية المؤقت عدلى منصور، كما تم اختياره عضو المجلس الاستشارى العلمى لرئيس الجمهورية.

وفى لقاء صحفى قال معلقا على سؤال حول لقب السير: يا عم أنا شرقاوى.. السير ده لما أكون خارج مصر.. أنا هنا مصرى.. حتى يوم منحى قلادة السير من ملكة إنجلترا قلت لهم بالعربى: أولًا أنا شرقاوى من مصر والشرقية عندى هى مصر وهى نبع الكرم والعطاء.

 أعمال خيرية

قام د. مجدى يعقوب بتأسيس إحدى المؤسسات الخيرية العالمية منذ عام 1995 والتى عرفت باسم «تشين أوف هوب» أو «سلاسل الأمل» وسعى من خلالها لإجراء جراحات القلب للمرضى فى الدول النامية، وقد اهتم بإجراء العمليات الجراحية مجانًا فى عدد من الدول وعلى رأسها «مصر» وذلك للأطفال الذين لا يستطيع ذووهم تحمل نفقات الجراحة والعلاج لهم، كما عمل على إنشاء وحدة رعاية متكاملة بمستشفى قصر العينى بمصر لعلاج التشوهات الخلقية فى القلب. 

وتبنت «مؤسسة مجدى يعقوب» الخيرية بالتعاون مع «مكتبة الإسكندرية» برنامجا لأمراض القلب الوراثية على المستوى القومى بدءًا بمحافظات أسوان والقاهرة والإسكندرية والمنوفية، أسهم فى متابعة حالات أكثر من 1600 من الأسر المصرية، وذلك قبل يناير2011.