بحضور أبومازن وبمشاركة إيران وتركيا مبادرات مصرية لقضايا المنطقة على طاولة D-8

داليا طه
تشهد القاهرة حدثًا تاريخيًا بمثابة منعطف جديد فى مسيرة التعاون الإسلامى، حيث تستضيف قمة طموحة تجمع قادة الدول الإسلامية.. هذه القمة التى تأتى فى وقت تتزايد فيه التحديات التى تواجه العالم الإسلامى، تحمل فى طياتها آمالًا عريضة ببناء مستقبل مشرق لشعوبنا.
وانطلقت فى العاصمة الإدارية الجديدة القمة الحادية عشرة لمنظمة الدول الثمانى النامية للتعاون الاقتصادى (D-8) التى تأسست فى عام 1997، بمشاركة قادة من تركيا وإيران ونيجيريا وباكستان وبنجلاديش وإندونيسيا وماليزيا، إضافة إلى حضور الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبومازن بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسى.
وتتصدر التطورات السياسية والأمنية بسوريا وغزة، اهتمام قمة الثمانى النامية حيث تضم المجموعة الدول الإسلامية الأكبر من حيث عدد السكان، واتخاذ القمة موقفًا تجاه الأوضاع الإقليمية سيقدم رسالة عالمية من الدول الإسلامية.. وترأست مصر النسخة الحالية من القمة حيث تولت رئاسة المجموعة فى مايو الماضى وتستمر فى قيادة أعمالها حتى نهاية العام المقبل.
شارك فى القمة التى تعقد كل عامين، الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، والإيرانى مسعود بزشكيان، والإندونيسى برابوو سوبيانتو، ورئيس وزراء باكستان شهباز شريف، ورئيس حكومة بنجلاديش الانتقالية محمد يونس، فيما سيرأس وفد ماليزيا وزير التعليم العالى زامبرى عبدالقادر.
وقد بدأت الاجتماعات الرسمية للدول الأعضاء على مستوى المفوضين للإعداد لقمة المنظمة فى إطار الرئاسة المصرية لمنظمة الدول الثمانى النامية للتعاون الاقتصادى D-8، حيث ترأس الاجتماعات السفير راجى الإتربى، مفوض مصر لدى المنظمة ومساعد وزير الخارجية للشئون الاقتصادية متعددة الأطراف الدولية والإقليمية.
ورأى دبلوماسيون سابقون وخبراء أن تطورات الأوضاع الإقليمية ستفرض نفسها على أجندة مناقشات قادة مجموعة الثمانى النامية، وقالوا إن اجتماع المجموعة على مستوى القمة، له أبعاد سياسية وأمنية، فى ضوء الصراع الذى تشهده دول المنطقة، مع البعد الاقتصادى لتعزيز التعاون الصناعى بين تلك الدول.
كما يعكس توقيت انعقاد قمة «الثمانى النامية» أبعادًا سياسية وأمنية واقتصادية حيث إن عودة الزخم لاجتماعات منظمة دول الثمانى النامية على مستوى القمة خطوة إيجابية ومهمة، فى ضوء التطورات السياسية التى تشهدها المنطقة، خصوصًا فى غزة وسوريا.
الدول الأعضاء بالمنظمة لديها فاعلية على الصعيدين الإقليمى والدولى، ومناقشة اجتماعات القمة تطورات الأوضاع الإقليمية ستمثل صوتًا دوليًا مهمًا فى هذا التوقيت، لتهدئة الصراعات بالمنطقة. ويحظى التعاون الصناعى بأولوية فى اجتماعات القمة، حيث إن دعم الصناعات المشتركة، كان الهدف الأساسى لتشكيل مجموعة الثمانى النامية.
غزة ولبنان
وقد قرر الرئيس عبدالفتاح السيسى، تخصيص جلسة خلال قمة الدول الثمانى النامية، لبحث الأوضاع فى فلسطين ولبنان، وذلك انطلاقًا من المسئولية المشتركة للتضامن مع الشعبين الفلسطينى واللبنانى الشقيقين.
وطالب الرئيس الفلسطينى محمود عباس بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات لكامل غزة ومواصلة «الأونروا» عملها، وأضاف أن تحقيق الامن والاقتصاد فى المنطقة يقتضى حصول فلسطين على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة والمزيد من الاعترافات بها الأمر الذى سيسهم فى بقاء الأمل لمستقبل أفضل، موضحا أن ما تقوم به إسرائيل من جرائم حرب يستدعى تدخلا فوريا لتنفيذ قرار مجلس الأمن حتى يعم الأمن والسلام فى جميع دول وشعوب دول المنطقة.
وأعرب سفير دولة فلسطين لدى القاهرة دياب اللوح، عن أهمية مشاركة الرئيس محمود عباس فى قمة D-8 فى ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطينى من حرب إبادة جماعية ممنهجة تستهدف وجوده على أرضه وتدمير مقدساته، وكذلك للتباحث حول التحرك الفلسطينى - المصرى المشترك مع الأشقاء والأصدقاء لوقف حرب الإبادة التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى وحمايته وإغاثته وإعادة إعمار ما دمرته الحرب المستمرة على الشعب الفلسطينى، وحشد الجهود كافة لإنهاء الإحتلال الإسرائيلى لأرض فلسطين وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة المتصلة جغرافيا والقابلة للحياة وعاصمتها القدس.
وفيما يخص لبنان قال رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتى إن العمل الجماعى مصيره النجاح، موضحا أن لبنان على استعداد أنّ يكون إلى جانبكم لإنجاح ما هو فى مصلحة شعوبنا.
مبادرات مصرية
وبحث القادة خلال القمة «مبادرات مصرية» تهدف لدفع التعاون الاقتصادى بين الدول الثمانى، وخاصة تلك المتعلقة بالتعاون فى مجال الصناعة والتجارة والتعليم والصحة والسياحة ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، بالإضافة إلى تعزيز التعاون فى المجال البحثى من خلال إنشاء شبكة بين دول المنظمة لمراكز الأبحاث الاقتصادية.
وأعلن السيسى عن إطلاق المبادرات التالية، خلال رئاسة مصر للمنظمة منها تدشين شبكة لمديرى المعاهد والأكاديميات الدبلوماسية لتعزيز التعاون فيما بينها، وبناء قدرات الكوادر الدبلوماسية، لمواكبة قضايا العصر الحديث.
كذلك، إطلاق مسابقة إلكترونية، لطلاب التعليم ما قبل الجامعى فى الدول الأعضاء فى مجالات العلوم والهندسة والتكنولوجيات التطبيقية، وتدشين «شبكة للتعاون بين مراكز الفكر الاقتصادى» فى الدول الأعضاء لتبادل الأفكار والرؤى، حول سبل الارتقاء بالتعاون الاقتصادى والاستثمارى ومعدلات التجارة بين دولنا.. بالإضافة إلى ذلك، تدشين اجتماعات دورية لوزراء الصحة بالدول الأعضاء، واستضافة مصر الاجتماع الأول عام 2025 لمناقشة سبل تعظيم الاستفادة من التطبيقات التكنولوجية والعلمية المتطورة، لتطوير هذا القطاع المهم.
وقدّم الأمين العام للمنظمة، إسياكا عبدالقادر إمام، 3 مقترحات رئيسية تهدف لتعزيز التكامل الاقتصادى بين دول المنظمة وهى «إضفاء الطابع المؤسسى على معارض القمة السنوية»، و«إنشاء أنظمة لتمويل التجارى والضمانات وآلية مبتكرة للدفع» و«تطوير مراكز التصدير ومنصات بورصة السلع الأساسية».
وقد عقدت على هامش انعقاد قمة منظمة الدول الثمانى الإسلامية فى القاهرة سواء على مستوى الرؤساء أو الوفود المشاركة فى المؤتمر اجتماعات وعدة قمم ولقاءات ثنائية.
وقبيل انعقاد القمة،التقى د.بدر عبدالعاطى وزير الخارجية والهجرة فى لقاءات ثنائية على هامش أعمال الدورة الـ21 لمجلس وزراء مجموعة الدول الثمانى النامية D-8 مع «هاكان فيدان» وزير خارجية تركيا، و«عباس عراقجى» وزير خارجية ايران، و«يوسف مايتانا توجار» وزير خارجية نيجيريا، و«زامبرى عبدالقادر» وزير التعليم العالى الماليزى.
تناولت اللقاءات مجمل العلاقات الثنائية بين مصر وكل من تركيا وإيران ونيجيريا وماليزيا، وسبل تطويرها فى المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والدفع بها إلى آفاق أرحب، كما تطرقت إلى أبرز المستجدات محل الاهتمام المشترك فى الشرق الأوسط وإفريقيا وأبرزها التطورات فى سوريا وغزة ولبنان والسودان والقرن الإفريقى. وعكست المناقشات رغبة متبادلة فى الارتقاء بمستوى التنسيق والتشاور لدعم العلاقات الثنائية وتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمى، فضلا عن تعزيز التعاون فى الأطر متعددة الأطراف سواء فى الاتحاد الإفريقى أو الأمم المتحدة.
وخلال القمة، أكد شهباز شريف التزام باكستان بمبادئ المجموعة، وأهمية تعزيز الشراكات من أجل تحقيق المنفعة المتبادلة بالإضافة إلى تعزيز التعاون فى مجالات الزراعة والأمن الغذائى والسياحة، كما سلط الضوء على الحوافز التى تقدمها باكستان لتمكين الشباب وتحقيق التنمية المالية.
تعاون اقتصادى
وتسعى القمة إلى تحقيق أهداف استراتيجية عبر التركيز على الاستثمار فى الشباب، الذى يعتبر ركيزة أساسية لضمان استدامة النمو الاقتصادى، إضافة إلى دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة التى تُعد محركًا رئيسيًا للابتكار وخلق فرص العمل.
ومع ذلك، تواجه القمة تحديات عدة أبرزها تمويل المشاريع المشتركة وتعزيز التكامل الاقتصادى بين الدول الأعضاء فى ظل التغييرات العالمية السريعة.
وقد أعلن السيسى عن اعتزام مصر، التصديق على اتفاقية التجارة التفضيلية التابعة للمنظمة تأكيدًا لأهمية تعزيز التجارة البينية بين الدول الأعضاء.
وأكد الرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان، أن منظمة الدول الثمانى النامية للتعاون الاقتصادى ستكون قادرة على المضى قدما ودعم الشراكات فيما بين دولها، من خلال إدارة الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكيمة لقمة الثمانى النامية، موضحًا أنه لا بد من دعم التعاون والشراكة وأهمية الوحدة الكاملة لتحقيق الصالح العام لكل الدول، ودعم العجلات التجارية والشراكة بين دول المنظمة.
ومن خلال هذه القمة، تأمل الدول الأعضاء فى تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتوسيع التعاون فى مجالات مثل التكنولوجيا والتعليم والصحة. بذلك، تُعد القمة خطوة مهمة نحو تحقيق التنمية المستدامة والتكامل الاقتصادى بين الدول الأعضاء، ما يسهم فى بناء مستقبل مزدهر لشعوب هذه الدول. وأكد خبراء الاقتصاد أن قمة منظمة الدول الثمانية الإسلامية للتعاون الاقتصادى تعد خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الاقتصادى بين الدول الأعضاء، خاصة فى مجالات الاستثمار والشركات الصغيرة والمتوسطة.وأشار الخبراء إلى أن القمة تمثل فرصة لتطوير البنية التحتية وتعزيز التكامل الاقتصادى من خلال مشاريع مشتركة بين الدول الأعضاء، ما يسهم فى تعزيز الاستدامة الاقتصادية فى المنطقة.
وتمثل اللقاءات الثنائية بين مصر وبقية الدول المشاركة فى القمة فرصة كبيرة لعرض الفرص الاستثمارية المتاحة فى مصر، والتعريف بالإنجازات التى حققتها البلاد فى تهيئة مناخ الاستثمار، بالإضافة إلى الإصلاحات الاقتصادية والتشريعات المحفزة للاستثمار. كما يمكن لمصر عرض مشروعاتها الضخمة والمناطق الاقتصادية مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ما يسهم فى جذب استثمارات من دول المنظمة إلى الاقتصاد المصرى.
تركيا وماليزيا، باعتبارهما من الدول المتقدمة صناعيًا واللتان تمتلكان تقنيات وتكنولوجيا متطورة، تمثلان فرصة كبيرة لمصر للاستفادة من هذه الخبرات فى المجالات الصناعية والتكنولوجية. يمكن لمصر جذب استثمارات فى هذه الصناعات بفضل بنيتها التحتية المتطورة والقوانين الاقتصادية التى تدعم الاستثمار.. كما أن مصر تعد بوابة إفريقيا ويمكن أن تصبح مركزًا لوجستيًا مهمًا، حيث يمكن تصنيع المنتجات فى شركات مصرية ثم تصديرها إلى دول إفريقيا وأوروبا، خاصة بفضل الاتفاقيات التجارية التى تتمتع بها مصر، ما يقلل من تكلفة الشحن ويوفر مزايا جمركية.
وستشهد الفترة المقبلة زيادة فى حجم التبادل التجارى بين مصر ودول المنظمة، خاصة فى ظل أن التجارة البينية بين دول المنظمة لا تزال صغيرة، حيث تمثل نحو 7% فقط من حجم تجارتها العالمية.
كما أن رئاسة مصر لغرفة مجموعة الدول الثمانى ستسهم فى تعزيز حركة التجارة بين مصر ودول المنظمة باستخدام العملات الوطنية، بالإضافة إلى فتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية فى هذه الدول.
وترتبط مصر بدول الثمانى الإسلامية النامية بعلاقات ثقافية وتاريخية قوية، هذا بجانب العلاقات السياسية والاقتصادية التى أسهمت فى الارتقاء بالشراكة بين القاهرة وعواصم تلك الدول، فقد وصلت قيمة التبادل التجارى بين مصر والدول الأعضاء فى المجموعة إلى 5.9 مليار دولار خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024، وفقًا لأحدث الإحصائيات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
وكشفت الدراسة عن قيمة الصادرات المصرية إلى الدول الأعضاء والتى تُقدر بنحو 2.4 مليار دولار خلال الفترة نفسها لعام 2024، فيما بلغت قيمة الواردات المصرية 3.5 مليار دولار. وتصدرت تركيا قائمة أعلى الدول الأعضاء استيرادًا من مصر بقيمة مليارى دولار، تليها نيجيريا 88.9 مليون دولار، ثم إندونيسيا 79.6 مليون دولار، ثم باكستان 67.7 مليون دولار، ثم ماليزيا 61.6 مليون دولار، ثم بنجلاديش 57 مليون دولار، وأخيرًا إيران 2.3 مليون دولار.
ووفقا للدراسة جاءت تركيا على رأس قائمة الدول الأعضاء تصديرًا إلى مصر بقيمة 2.1 مليار دولار، تليها إندونيسيا 928.6 مليون دولار، ثم ماليزيا 404 ملايين دولار، ثم باكستان 67.3 مليون دولار، ثم بنجلادش 41 مليون دولار، ثم نيجيريا 6 ملايين دولار، فإيران 3.7 مليون دولار.
وفيما يتعلق بحجم الاستثمارات داخل مصر بين دول المجموعة، فقد ارتفعت قيمة استثمارات دول مجموعة الثمانى الإسلامية فى مصر لتصل إلى 200.4 مليون دولار خلال العام المالى 2022 / 2023 مقابل 188.7 مليون دولار خلال العام المالى 2021 / 2022 بنسبة ارتفاع قدرها 6.2 %.، واحتلت تركيا المرتبة الأولى بقائمة أعلى دول المجموعة استثمارًا فى مصر خلال العام المالى 2022 / 2023، حيث سجلت قيمة استثماراتها فى مصر 167.2 مليون دولار، تليها فى المرتبة الثانية ماليزيا 24 مليون دولار، ثم نيجيريا 7.6 مليون دولار، ثم إندونيسيا 1.2 مليون دولار، ثم باكستان 400 ألف دولار.
وأكدت الدراسة أنه من التجارب المصرية الناجحة التى عُدّت مصدرًا لإلهام باقى الدول فى المجموعة هى تجربة «حياة كريمة» لإعادة بناء الإنسان المصرى، والتى حظيت بإشادة دولية كبيرة لدورها فى تحسين جودة حياة ملايين المصريين، وبخاصة فى مناطق الريف، والفئات المجتمعية الأكثر احتياجًا فى محافظات الجمهورية، إذ تعد المبادرة الأكبر على مستوى العالم من حيث عدد المستفيدين البالغ عددهم فى المرحلة الأولى من تنفيذها 18 مليون مواطن.
الشباب والقمة
وتركز القمة على تعزيز التعاون فى عدة مجالات اقتصادية حيوية مثل التجارة، الاستثمار، الصناعة، والزراعة. كما تسعى الدول الأعضاء من خلالها إلى تعزيز التكامل الاقتصادى فيما بينها، ما يعزز القدرة على مواجهة التحديات المشتركة. ومن خلال دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، تسعى القمة إلى تحفيز الاقتصاد من خلال دعم الابتكار وتوسيع الفرص الاقتصادية، وهو أمر بالغ الأهمية فى عالم يشهد تغيرات سريعة فى مختلف الأصعدة.
ومن بين أبرز النقاط التى تميز هذه القمة هو تركيزها على الشباب والشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث إن هؤلاء يمثلون المحرك الرئيسى للتنمية الاقتصادية المستدامة، خاصة فى ظل التحديات التى تواجهها العديد من الدول الأعضاء فى تطوير قطاعاتها الاقتصادية. كما أن السوق الموحدة لهذه الدول تشكل فرصة كبيرة للنمو والاستثمار، ما يعزز فرص التعاون التجارى بين الدول الأعضاء ويخلق بيئة مواتية لتوسيع الأسواق.
وتحظى القمة بدعم إقليمى ودولى كبير، ما يعكس أهميتها البالغة فى الساحة العالمية، إلا أنه لا يخلو الأمر من التحديات، مثل توفير التمويل اللازم لتنفيذ المشاريع المشتركة بين الدول الأعضاء وتعزيز التكامل الاقتصادى فى ظل التغيرات السريعة التى يشهدها الاقتصاد العالمى، إن معالجة هذه التحديات تتطلب جهودًا مشتركة من الدول الأعضاء للتنفيذ الفعّال للقرارات التى يتم اتخاذها، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
ولتجاوز هذه العقبات، من الضرورى أن تستثمر الدول الأعضاء فى تطوير البنية التحتية وتعزيز القدرات البشرية من خلال التعليم والتدريب المستمر. كما ينبغى على الدول أن تعزز التعاون فى المجالات التكنولوجية والابتكار لتسريع عمليات التحول الاقتصادى.
وتمثل قمة منظمة الدول الثماني الإسلامية نقطة تحول مهمة فى رسم ملامح المستقبل الاقتصادى للدول الأعضاء، فهى تشكل فرصة لتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز التكامل الاقتصادى، وبناء مستقبل مزدهر لشعوبها.
وقال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان إن المنظمات الدولية عليها أن تتواكب مع المستجدات العالمية، ونأمل أن تكون القرارات التى سيجرى اتخاذها فى قمة الدول الثمانى النامية، واعدة وبنظرة شاملة واستراتيجية للمستقبل وللتعافى من الأزمات العالمية، مؤكدا أن دعم الشباب ودعم المشروعات الصغيرة شىء بالغ الأهمية من أجل النمو الاقتصادى ولذلك على الدول الأعضاء أن تمكن الشباب.
وأضاف الرئيس التركى فى الكلمة الافتتاحية لأعمال القمة الحادية عشرة لمنظمة الدول الثمانى النامية للتعاون الاقتصادى، التى تستضيفها مصر فى العاصمة الإدارية الجديدة، أن مجتمعاتنا بها ميزة كبيرة فالغالبية العظمى من سكاننا من الشباب، عكس الدول الغربية التى لديها الأغلبية من الشيوخ وكبار السن، ولهذا يجب علينا شمول الشباب فى مشروعات الدول، ودعم ريادة الأعمال الخاصة بهم، والتفكير فى أهمية دعم الدول الأعضاء، وهذا لن يحدث إلا بتنفيذ البنية التحتية الشاملة التى تدعم الذكاء الاصطناعى والتكنولوجيا الحديثة.
كما ثمن أردوغان الخطوات التى اتخذتها مصر لدعم وتمكين الشباب، مؤكدا متابعة بلاده جيدا لما يحدث فى فلسطين ولبنان: «نحن نتابع عن كثب، وأيضا التطورات التى حدثت فى سوريا التى تحتاج دعما، لذلك نعزز أهمية تمكين دعم سوريا ومحافظة شعب سوريا على أراضيها، واقتلاع الإرهاب من جذوره فى سوريا».
D-8
وتُعد مجموعة دول الثماني الإسلامية، التى تعرف أيضًا بدول الثماني النامية منظومة للتعاون التنموى بين الدول الأعضاء وهى، بنجلاديش، مصر، إندونيسيا، إيران، ماليزيا، نيجيريا، باكستان، تركيا، كما تضيف هذه المنظومة أيضًا بعدًا جديدًا يهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والروابط الاجتماعية بين أعضائها. وأُعلن رسميًا عن تأسيس مجموعة دول ثمانية فى قمة رؤساء الدول والحكومات التى انعقدت فى إسطنبول فى الخامس عشر من يونيو عام 1997، وذلك عقب مؤتمر «التعاون للتنمية» والذى عُقد فى الثانى والعشرين من أكتوبر عام 1996 وبعد سلسلة من الاجتماعات التحضيرية.. وتهدف مجموعة دول الثماني إلى تحسين أوضاع الدول النامية فى الاقتصاد العالمى، وخلق فرص جديدة فى العلاقات التجارية، وتعزيز مشاركة الدول النامية فى صنع القرار على الصعيد الدولى، بالإضافة إلى تحقيق مستويات معيشة أفضل.
وأهم ما يميز مجموعة الثماني أنّها منظومة عالمية وليست إقليمية كما يتضح جليًا فى أعضائها المؤسسين، وأن عضويتها مفتوحة أمام الدول النامية الأخرى التى تتفق مع دول المجموعة فى الأهداف والمبادئ وترتبط معها بروابط مشتركة، كما أنّها منتدى ليس له أى تأثير عكسى على التزامات دولها الأعضاء الثنائية والدولية تجاه عضويتها وتجاه المنظمات الدولية.
وتهدف المنظمة أيضًا إلى تحسين الظروف المعيشية، من خلال السعى لتوفير حياة كريمة للشعوب من خلال تعزيز النمو الاقتصادى والتنمية الاجتماعية، والتقليل من الفجوة التنموية، عبر دعم الدول الأعضاء التى تواجه تحديات اقتصادية لتحقيق النمو المستدام.. ومن أهداف المجموعة كذلك تشجيع الابتكار والتكنولوجيا من خلال تعزيز التعاون فى مجالات البحث العلمى والابتكار لتحقيق التنمية الصناعية والزراعية، وتعزيز التضامن.
وشهد إعلان قمة المنظمة الخامسة التى عقدت فى بالى فى عام 2006، توضيحًا لبعض أهداف المنظمة الرئيسية وآلية تطبيقها، ومنها «الالتزام بالعمل معًا لحل مشكلة التابين الاقتصادى بين دول المنظمة»، و«التأكيد على الالتزام بتعزيز التعاون فى مجال الطاقة لتطوير مصادر الطاقة البديلة والمتجددة»، و«التأكيد على أهمية مساهمة المنظمة فى التنمية الاقتصادية لدولها وضمان تعزيز التجارة الدولية».
وتعد إندونيسيا وتركيا أكبر اقتصادين فى المنظمة، إذ تظهر بيانات البنك الدولى أن الناتج المحلى الإجمالى لإندونيسيا بلغ 1.37 تريليون دولار فى 2023، فيما زاد تدفق استثمارات دول المنظمة الثمانى إلى مصر بنسبة 6.2 %، إذ سجلت الاستثمارات نحو 200 مليون دولار خلال العام المالى 2022-2023.