
محمد مصطفى سالم
ما هو مصير «العرين» بعد هروب الأسد؟
فى مقالنا السابق «برنارد لويس وتفتيت المنطقة»، سردنا كيف سيتم بناء ما عرِف بالشرق الأوسط الجديد وتحدثنا عن مصير سوريا، والتى كان مرادًا لها التقسيم لأربع دول على النحو التالي: دولة علوية وأخرى كردية وثالثة سنية ورابعة درزية.
ومن تابع الأحداث الأخيرة، يرى أن ما حدث فى سوريا جاء مباشرة بعد التصريح الشهير للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وهو يعلن أنه سيوجه ضربة شاملة للشرق الأوسط، ومن قبل هذا، تصريح سبق له أن أعلنه كان نصه «إسرائيل يجب أن تتسع ونحن نعلم أن إسرائيل لن تتسع إلا رغبة لإتمام أرض الميعاد من الفرات إلى النيل» هذه النية من البداية سبق أن شرحناها فى العديد من المقالات السابقة ولنتعمق الآن فى التفاصيل ونلقى الضوء على بضعة من التساؤلات التى تشغل الرأى العام، لكن كان صوت الفرحة لإخواننا السوريين بالعودة لوطنهم أعلى من صوت التساؤلات.
أولًا.. وقبل كل شيء كيف لحرب دامت أكثر من 14 سنة ونظام دام لأكثر من خمسة عقود أن ينهار فى غضون بضعة أيام؟ أين طائراته وصواريخه التى دمر بها أحياءً ومنازل من قبل ولماذا هذه المرة انهار بدون أدنى مقاومة لنقول إن الله جعلهم يهربون خوفًا، لماذا لم يهربوا خوفًا من قبل ولماذا هربوا فى هذه الظروف وبعد التصريحات الأخيرة.
ومن جانب آخر نرى إيران تصرح بأنها مع حرية الشعب السورى فى تقرير مصيره، ومن جانب ثالث روسيا تصرح بأنها تؤيد حرية الشعب السورى، والكرملين يصرح أيضًا أنه لا توجد مواعيد للقاء الرئيس الروسى مع بشار الأسد.
أو لم يكن هذا حليفكم يا إيران يا روسيا؟..وهل استيقظ ضميركم الآن وأصبحتم تدعمون تقرير المصير، أم أن هناك اتفاقات لا نعلمها؟.. لكننا بالعقل والمنطق سنحلل لنفهم، فلست كاتبًا بحثيًا؛ بل إننى كاتب رأي، أفكر وأحلل ومن ثم أطرح رأيى على الساحة السياسية، وقد يحمل الصواب أو الخطأ.
لماذا لا نقول بأن هناك اتفاقًا بين إسرائيل وبشار، نصه إما أن يستسلم ويهرب، وإما أن يحارب فيكون مصيره مثل مصير صدام حسين أو القذافى.
فمنذ بداية الحرب وتحرير سوريا كاملة فى بضعة أيام وأنا أشتم رائحة العقل الصهيونى، فالنظام السورى هو أسهل يد إيرانية يستطيعون قطعها ومن المهم قطعها وهذا لعدة أسباب:
أولها.. هو أنها أضعف يد إيرانية، كشعبية فهو مكروه من شعبه ومن باقى الشعوب العربية وليست له قاعدة جماهيرية مثل حماس أو حزب الله أو الحشد الشعبى وليس له تنظيم، فهو نظام الرجل الأوحد، إن سقط الرجل سقط النظام.
والسبب الثانى هو وجوده حدوديًا مع لبنان وفلسطين وغيرهما، فإن استطاعوا إسقاطه والسيطرة عليه، سيستطيعون إدخال الأسلحة من سوريا إلى لبنان، وستكون البدايه لضم أراضٍ جديدة.
وهناك سيناريو آخر.. وهو اتفاق إسرائيل مع الأتراك الذين بدورهم تواصلوا مع الفصائل، وكان المقابل تأمين مصالح الأتراك وإعطائهم قطعة من (الكعكة) فمنذ سقوط النظام قصفت إسرائيل 350 هدفًا ودمرت جميع القواعد العسكرية والمطارات ومستودعات الأسلحة والتى قال عنها وزير الدفاع الإسرائيلى هذه من أكبر العمليات الجوية فى تاريخنا، ولم يتكلم أحد زعماء الفصائل عن هذا الخبر ولم يرفعوا بندقية واحدة تجاه جندى إسرائيلى من الذين احتلوا الجولان وتعمقوا فى ما بعدها.. وأخيرًا قصف دمشق، فأين ذهبت الفصائل؟ أم أنهم تعلموا فقط الحرب ضد بشار ولم يتعلموا الحرب ضد نتنياهو؟ فنتنياهو لم يكن يستطيع مهاجمة سوريا ومخالفة اتفاقية 1974 ليس من أجل قوة سوريا، لكن وقتها سيكون نظام يهاجم نظامًا، أما الآن فالوضع مختلف، إذ يحاول تقديم نفسه بأنه يحمى حدوده.. وأخيرًا نرى الأمريكان يصرحون بمخاوفهم من ظهور داعش مجددًا، رغم يقينى أنهم طلقة البداية لداعش لتظهر وتسيطر من جديد.
حقًا أريد أن أوجه لهم سؤالًا واحدًا، ألم تملوا من تكرار السيناريو العقيم، فمن صنع داعش وأطلقها فى بلاد العرب؟.. ألم تكن حقوق الملكية الفكرية لداعش مملوكة للبيت الأبيض؟، لماذا لا تخجلون، لقد صدقت فيكم مقولة «إن لم تستح فاصنع ما شئت»، فالشعب السورى مع تقديرى الكبير له، فرح بسقوط بشار ودخل القصر الجمهوري، لكن فى النظريات العسكرية المعروفة باسم اليوم التالي، تختلف الرؤية هل سنرى تقسيمات بين الحكومة والفصائل كالعراق ولبنان وليبيا، أم توحيدًا وهل سيكون التوحيد تحت قيادة حكومة مدنية أم تحت جبهة تحرير الشام؟..هل ستستطيع تحرير الشام الخروج من عباءة الفصائل لترتدى عباءة الدولة؛ أم سنرى دولة علنية ودولة عميقة؟ وهل ستتوسع التقسيمات لنراها بين دول مختلفة على رأسها إيران وروسيا وإسرائيل؟..وإعادة ترسيم حدود؟..وما مصير آل الأسد هل هم أحياءً أم تم قصفهم وقتلهم فى الخفاء حتى لا يعودوا مجددًا؟
وفى النهاية عزيزى القارئ..أعود إلى مقولتى المعتادة: «السياسة لها ألف سيناريو وألف نهاية».