أصوات ليست طى الكتمان
همسٌ دار فى أذنيه حتى وجد ضوءًا حبيسًا مخرجًا بعينيه الضيقتين وابتسامة اتخذت طريقها لشفتيه فأشهر رصاصًا وحبرًا وأوراقًا فى وجه كاتم الصوت الهمجى الذى جمع ملامح المحتل الغاصب ووجه من لا تعدو القضية لديه سوى مصدر للثروة وهالة كاذبة للنضال والقيادة والزعامة المزعومة وروح للهزيمة والخنوع والكهنوت الدينى السياسي.
ازداد رأيه صخبًا بعد أن سال الحبر دمًا زكيًا وفاضت روحه ثمنًا للحرية.
لاجئ صغير أسماه حنظلة نبتًا من أحشاء أفكار الفنان الشهيد ناجى العلى وتشكل بريشته من بين أحباره السوداء التى تصطف جنبًا إلى جنب مع مساحاته البيضاء فى رفض تام للمساحات والآراء الرمادية.
وفى خرق كبير لقوانين الفيزياء يتوقف الزمن لدى الصغير عند العاشرة ولن يتحرك للمستقبل إلا حين يعود لوطنه حرًا فيكبر ويشيخ ويموت ويدفن.
يحمل رأسًا مضيئًا كقرص الشمس ويشبك كفين صغيرين خلف ظهره وقدمين حافيتين كبيرتين تقفان خلف سياج من السلك الشائك.
يقول رأيًا صارخًا تارة، وتارة يلقى حجرًا وتارة أخرى يحرث أرضًا تمهيدًا ليزرعها بالأمل والحرية. ليس أردنيًا أو مصريًا أو لبنانيًا أو سودانيًا أو حتى مغاربيًا أو خليجيًا فقط طفل عربى مهجر.
يخفى وجهه مديرًا ظهره للقارئ فى موقف معترض رافضًا للتنازل رفضًا باتًا، وتزداد أغلاله إحكامًا بازدياد المتنازلين ومن ثم يجعلنا نتساءل حزنًا: متى يدير لنا وجهه المضيء؟ ومتى تشرق شمس الحرية بوطنه السليب ؟!
كما تساءل محمود درويش:
ما قيمة الإنسان؟!
بلا وطن ولا علم ودونما عنوان ما قيمة الإنسان؟!
روزاليوسف