
محمد مصطفى سالم
إسرائيل من الفكرة إلى أرض الواقع «من سباتاى إلى هرتزل»
على مدار المقالات الماضية تناولنا مستقبل الكيان الصهيونى وطريقة تفكيره وأهدافه ومخاوفه، ولكن فى هذا المقال سنتحدث عن نشأته كيف بدأ، من أول من سعى إليه، من الذى استكمله، ولماذا وأين كانوا يريدون إقامته، هل كانت فلسطين هى المكان المختار منذ البداية أم غيرها، جميعها أسئلة سنجيب عليها.
عزيزى القارئ دعنى أطرح عليك سؤالًا من كان أول من فكر فى تأسيس دولة تدعى إسرائيل وسعى اليها؛ هل حقًا كان تيودور هرتزل؟ الحقيقه «لا»، فعليًا أول من زرع هذه البذره كان يهوديًا إسبانيًا يدعى اسبتاى سيفى ولد عام 1626 فى إزمير، نشأ سباتاى على الكتب الدينية اليهودية لأن عائلته كانت تحلم أن يصبح يومًا ما رجل دين ولكن سباتاى لم يكتف بالدين، فتعلم معه السحر المعروف بكبالا ليأتى عام 1648 ويعلن سباتاى نفسه امشياح المخلص لينقسم الحاخامات بين مؤيد ومعارض لفكرته، مما دفعه للانتقال والبحث عن مؤيدين فى سالونيك، وقد لقى ما بحث عنه فقد آمن بفكرته يهود سالونيكى وبدأت فكرته فى الانتشار وظل يتنقل حتى ذهب لاسطنبول عاصمة الدولة العثمانية فى تلك الحقبة لينشر فكرته بها، ولكنه لم يجد الدعم الكافى فعاد إلى إزمير مسقط رأسه وأعلن عام ظهوره وهو عام 1666 ومن ثم ذهب فى رحلة إلى القدس ولا أحد يعلم ماذا فعل هناك أو لماذا ذهب ومن القدس إلى القاهرة ومنها عاد إلى إزمير، وأعلنت فتاة أوروبية بأنها حلمت بزواج من امشياح فى عام 1666 نفس العام الذى قد حدده هو ليظهر نفسه بقوة وأعلن سباتاى أنه حلم نفس الحلم وهو أنه سيتزوج من هذه الفتاة وحدد ميعاد زواجه منها فى القاهرة وقد حدث، وإن كنت أرى أنها مجرد لعبة ليضفى على ذاته نوعًا من المصداقية على أنه حقا المخلص وعاد إلى إزمير التى أصبحت موطنا له ولأتباعه،
ولكن بدأت الدولة العثمانية تغضب مما يفعله سباتاى فهى بالبداية لم تهتم ولكن مع زيادة أتباعه وسرعة انتشار فكرته انتبهت لخطره فسرعان ما ألقت القبض عليه وحكمت عليه بالإعدام، ولكن الحظ كان حليفه حيث قال له أحد الحاضرين: انطق الشهادتين، فقال له: أتسخر منى قال لا بل إنى يهودي مثلك فانطقها حتى لا تعدم ونطقها بالفعل وأصبح اسمه محمد عزيز افندى وجعل أتباعه جميعهم يعتنقون الإسلام وقال لهم يجب أن تملكوا اسمين؛ اسم إسلامى ظاهر واسم يهودى خفى وأطلق عليهم الأتراك اسم يهود الدونمة التى تعنى اليهود العائدين أو التائبين، ومن هنا كانت نشأة أول خلية سرطانية فى منطقة الشرق الأوسط.
والآن لننتقل إلى ما بعد عام 1860 تاريخ ميلاد تيودور هرتزل الذى سعى إلى إقامة دولة لليهود ففكر فى العديد من الدول أبرزها أوغندا ولكن من داخله كان يريد فلسطين فذهب لمقابلة السلطان العثمانى عبدالحميد الثانى عارضًا عليه شراء جزء من فلسطين مقابل تسديد ديون الدولة العثمانية ولكن السلطان رفض قائلًا لن تأخذوها إلا برحيلى أنا ودولتى، فخرج هرتزل غاضبًا قائلا: هذه الدولة يجب أن تسقط.
ولننتقل الآن بالمشهد إلى مؤتمر عام 1905 الذى دعا إليه كامبل بنرمان رئيس وزراء بريطانيا وقد شاركت فيه إيطاليا وفرنسا وبلجيكا وهولندا وإسبانيا والبرتغال وكان سبب الاجتماع خوفهم من نهوض العرب لأنها أمة ذات لغة واحدة وثقافة واحدة وتطل على جميع المضايق الرئيسية فكان يجب تقسيمها وخلق حالة من عدم الاستقرار بينها عن طريق زرع جسم غريب هكذا وصفه ويدين بالولاء الكامل لهم ويفصل المشرق عن المغرب حتى يجعل المنطقة العربية فى حالة خلل وصراع دائم، وانتهى الاجتماع الذى عقِد لعامين وأصبحنا فى عام 1907، عندها هرتزل كان قد مات وخلفه حاييم وايزمان الذى علم بالمؤتمر هذا وتواصل مع الدول المشاركة وعلى رأسها بريطانيا بأن يكونوا هم الجسد الغريب، وكان يميل إلى فلسطين فهى حلمهم منذ البداية وبعد مرور عامين تم عزل السلطان عبدالحميد الثانى على يد حزب الاتحاد والترقى الذى كان يضم العديد من القوميات على رأسهم القومية اليهودية، ومن ثم نهاية الدولة العثمانية وأصبح مصطفى كمال رئيس الجمهورية والذى يقال «وهذه معلومة لم تثبت دقتها» فتحمل الصدق والكذب أن أصول مصطفى كمال ترجع إلى يهود الدونمة.
وفى عام 1947 صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 بتقسيم أرض فلسطين بين اليهود والعرب ثم أخيرًا العام المشئوم 1948 الذى أعلن فيه قيام دولة إسرائيل ومن ثم خرجت الفكرة من الحلم إلى أرض الواقع وليقيموا دولتهم على الدماء عبر عشرات المذابح بحق أبناء فلسطين مثل دير ياسين وهى مذابح مستمرة حتى يومنا هذا للسيطرة على كامل أرض فلسطين.. فإذا ربطنا عزيزى القارئ الأحداث بعضها البعض، ستظهر لنا الصورة واضحة، ونعلم أنه ليس هناك شىء فى العالم وليد الصدفة فهناك مخططات توضع فى قرون وتنفذ فى عقود.
والآن هم فى انتظار الجائزة الكبرى بلد الهرم مصر ليتحقق حلمهم فنرى نتنياهو يقول علنا الآن سنبدأ فى تنفيذ سفر أشعياء الذى يحتوى نبوة صريحة عن جفاف مصر لهذا نرى الدعم الكامل لإثيوبيا ولكن من أعادهم بالكستور مرة فإنه قادر على إعادتهم به مرة أخرى.