الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و 1 / 2.. الفيلم الجزائرى واللهجة البيضاء فى (الجونة)

كلمة و 1 / 2.. الفيلم الجزائرى واللهجة البيضاء فى (الجونة)

قال المطرب التونسى لطفى بو شناق: (أنا شيخ حارة) أضاف فى حواره مؤخرًا مع منى الشاذلى (احنا اللى خرمنا التعريفة ودهنا الهوا دوكو)، ورغم ذلك يغضب عدد من صناع الأفلام المغاربية الناطقة بالعربية عندما يتم كتابة تعليق الأفلام باللغة العربية (البيضاء) والدافع هو ضمان تفهم اللهجة المغرقة فى محليتها!



قبل أيام فى مهرجان الجونة شاهدت الفيلم الجزائرى (196 مترًا)، المرشح هذا العام لجائزة (الأوسكار).

الفيلم الناطق باللهجة الجزائرية، تم إضافة ترجمتين واحدة بالإنجليزية كما تشترط القواعد، والثانية إلى اللغة العربية حتى يسهل تعاطى الجمهور المصري مع الفيلم، المؤكد أن المخرج الجزائرى شكيب طالب بن دياب وافق على هذا الاقتراح، أتذكر عندما ناقشنا هذا  الحل  مع المخرج التونسى الكبير نورى بو زيد قبل نحو عشر سنوات عند عرضه فيلمه « مانموتش» فى مهرجان «أبو ظبى»، أعتبرها نورى خيانة لا تغتفر للعمل الفنى.

ولنا فى الحقيقة تجارب غير سعيدة فى هذا الشأن،أتذكر عام 1991 فى مهرجان «تطوان» بالمملكة المغربية، كانت هناك كالعادة حفاوة منقطعة النظير بالوفد المصري وخاصة المخرج الكبير صلاح أبوسيف، وكانت الصحافة المغربية تطلق على أبوسيف لقب عميد المخرجين العرب، وكان السؤال هو لماذا لا تُعرض أفلام مغربية فى دور العرض المصرية مثلما تعرض أفلام مصرية فى المغرب؟

 

وجاءت إجابة أبو سيف قاطعة وصادمة فى نفس الوقت،عندما قال (إنها اللهجة التي تشكل عائقًا فى الاستيعاب)، وأقترح أن تتم على الشريط إضافة ترجمة للعربية، وهنا انقلبت الحفاوة إلى همهمات واستهجان،لأنهم اعتبروا أن هذا الرأى يعنى تشكيكا فى عروبتهم، واستغرق الأمر مناقشات مستفيضة انتهت إلى أن أبو سيف سحب اقتراحه، فعادت الحفاوة وعاد الدفء.

كتابة حوار بالعربية لفيلم من المغرب العربى، صارت أشبه بلغم مدفون تحت الأرض، وقابل للاشتعال فى كل لحظة، حيث تتم الترجمة إلى ما يطلقون عليها  اللغة العربية «الثالثة»،المقصود بالثالثة، التي تقف بين الفصحى والعامية، وهى تُسمى أيضاً «اللهجة البيضاء» التي يستوعبها كل مواطن عربى.. أكثر من مهرجان عربى سبقنا إلى ذلك. الكل بالطبع يُجمع بلا جدال أن أفضل علاقة تقيمها مع العمل الفنى هى تلك التي تصلك مباشرة من خلال الشاشة، والترجمة بالتأكيد تخصم من روح الفيلم،أيضاً فإن المفردات المحلية والمغرقة فى دلالاتها البيئية تفقد الكثير من بكارتها اللغوية إذا حاولنا أن نعثر على مرادف عربى مماثل لها.. إلا أننا فى النهاية أمام اختيارين، أحلاهما مُر، كل منهما يحمل فى داخله مرارة ما وأقلهما الترجمة إلى ( اللهجة البيضاء ).

 

 ولا تزال مع الأسف الترجمة من المحلية إلى العربية البيضاء هى الحل وحتى إشعار آخر، مثلما حدث مع الفيلم الجزائرى الرائع (196مترًا) ورحب مخرجه شكيب طالب بن دياب بكتابة (اللهجة البيضاء) على الشاشة، وانفعل الجمهور الغفير بالفيلم لأنه استوعب كل مفرداته المغرقة فى محليتها، وهو يشاهده فى قصر المهرجان بـ(الجونة)!