الأحد 20 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
عكس الاتجاه.. ملحمة  غزة

عكس الاتجاه.. ملحمة غزة

مابين حكايا الطوفان فى التاريخ وبين سِرّ رقم (7) - أو سيم 7- أدرك العالم مغزى ليلة 7 أكتوبر من العام 2023، إذ سار طوفان غزة على شوارع القصص القديمة منذ «جلجامش» وما قبلها، على الخط ذاته، لم ينحرف ولم ينجرف ولم يغرق ولم يتوقف وأخذ يطالعُ فى سفينته روايات ما قبل التاريخ ليكتب فصله الأكبر والأكثر بطولة، وكما اعتاد التاريخ أن يقسم العالم إلى قسمين ما قبل التاريخ نفسه وما بعده، حيث انقسم العالم إلى حقبتيْن: ما قبل الطوفان ومابعده، وتؤكد الحَكَايا القديمة دينية كانت أو بشرية أن «آدم» أول الخلق كان موجودًا فى حقبة ما قبل الطوفان.



هامش

(و لا تنسى أن قصة الطوفان فى ملحمة جلجامش 2100:2000 قبل الميلاد قد كُتِبَت أولا قبل أن تُكتب ذات السردية بحذافيرها فى القص الدينى بعدها بمئات السنين بحيث إن طوفان نوح لم يختلف عن طوفان جلجامش، لا يختلف حتى فى التطابق اللافت بين شخصيتى «ديوكاليون» وسيدنا «نوح»، وستجد فى الطوفان شخوصا شبيهة).

فنحنُ هُنا فى ليلة السابع من أكتوبر العام الماضى أمام حكاية ملهمة نحكيها كأحياء شهود ونؤرخ لسرديتها ونحكى ونكتب ونُغَنّى ملحمة حديثة عما قبل طوفان الأقصى وما بعده.

فى فجر السابع من أكتوبر العام الماضى أذّنَ -بطريقته الفجائية المزلزلة للبشرية - «محمد الضيف» قائد الأركان فى كتائب عز الدين القسام الجناح العسكرى لحركة حماس معلنا شن هجوم برى وبحرى وبرى كاسح علىٰ عدة مستوطنات فى غلاف غزة وسُلّت يد وقدم وعين العدو الإسرائيلى وفى أول عشرين دقيقة من الهجوم بخمسة آلاف صاروخ وذخيرة استهدف مقاتلو القسام مطارات وتحصينات عسكرية، وكانت الحصيلة ألف قتيل ومائتان وثلاثون أسيرًا إسرائيليًا.

لم تكن حدود مياه الطوفان داخل تخوم فلسطين المحتلة إذ انفجر الطوفان وانزلقت مياهه لتصل إلى أربعة أرجاء الكرة الأرضية، فكان أن أيقظ صوت (المؤذن ) «محمد الضيف» نيام العالمين، وعليه فقد انتظر شباب أمريكا وأوروبا وصول سفينة أبطال غزة لتحكى لهم عن أسطورتها المنسية والمطمورة منذ ما قبل وعد بلفور وحتى جرفها الطوفان إليهم فصارت غزة أغنيةً وملحمةً لن يكف صدح غنائها مع عصفورة الفجر ولن يغلق كتاب سرديتها إلا كما أراد لها صانعوها.

نحن هنا اليوم فى الذكرى الأولى لطوفان 7 أكتوبر متمثلا ومستلهمًا طوفان نوح الذى استمر 7 أشهر و17 يومًا، معتمدًا على قوة الرقم 7 المتكرر فى الزمن كثيرًا منذ أن خلق الله الأرض فى ستةٍ أيامٍ واستوى على العرش فى اليوم السابع. 

فما الذى الذى أحدثته سردية غزة فى السابع من أكتوبر خلال عام ؟

الإجابة ملأى بالتفاصيل المهمة التى حدثت فى منطقتنا والعالم، وما حدث فى العالم أجمع جدير بالحكيِّ وبالتدوين، فلا العالم عاد إلى ماقبل السابع من الشهر العاشر من العام الماضى ولا هو قد خرج من مياه الطوفان بعد، نحن نحكى هنا تحديدا عما حدث من انقلاب فى ذهنية شباب مجتمع أروبا وأمريكا : النيام أو السائرون نياما أو المغيبون بفعل حكوماتهم الاستعمارية المتعاقبة والتى أبقتهم معلقين قيد خطوط الموضة ،و روائح إمدادات الطعام الذكية، والجنس، هؤلاء الشباب الذين خرجوا للشوارع وجربوا عدة انتفاضات كبرى فى الأعوام الأخيرة أشهرها حركة السترات الصفراء فى فرنسا بخروج 290000 متظاهر وكذا حركة حياة السود مهمة فى أمريكا 2020 بخروج 25 مليون متظاهر، وهى حركة بدأت على استحياء فى 2013 وصارت ثورة خلال سبع سنوات.

من استحضار هذا الزخم وبعد الطوفان وبمجرد شن هجوم إسرائيلى وإبادة شعب غزة، انتفض العالم وخلع وجهه المزرى المُغيّب القديم ليصارع سياسات وقوانين سادة الحرب والسياسة والحكم فى أوروبا وأمريكا ليعلن ميلاد (طفل) جديد وروح وثابة حرة لا تزال محلقة ترفض وتنتفض وتثور وتتابع: وتتابعنا، وهذا هو الأهم، لم نعد وحدنا قطمة فى فك الوحش الصهيونى، ورغم الدمار والخراب والتفوق العسكرى الأمريكى والإسرائيلى على السلاح الغزاوى وتجريف لأراضى البلاد وتشريده لأهلها وقتل العدو لأكثر من مائة ألف فلسطينى ومثلهم مفقودين صارت فلسطين كلها قضية حية فى ذاكرة الأحرار والأشرار، قضية عالمية محرجة ومربكة لكل الأوغاد والأنطاع والمرتزقة فى الإدارة الأمريكية والحكومات الأوروبية، وصارت غزة صندوق اقتراع رئاسى عالمى يقيس نسبة بياض وسواد الضمير العالمى المخاتل ونسبة إنسانية الشعوب ونسبة نجاح ورسوب ترامب أو كمالا هاريس.