نبيل عمر
هجمات 11 سبتمبر أكاذيب وحقائـق .. الكاتب الذى انتحر والاعترافات المخفية "3"
سؤال قد يكون نوعًا من العبث أو اللا معقول، أو بمعنى أدق قد يبدو نوعا من الجنون: هل ثمة تشابه بين الهجوم اليابانى على الأسطول الأمريكى فى بيرل هاربر 7 ديسمبر 1941، والهجمات الإرهابية على نيويورك وواشنطن فى 11 سبتمبر 2001 ؟
بالطبع التشابه مستحيل، على الأقل بينهما ستون سنة زمنًا، وخمسة آلاف ميل مسافةً، التشابه الوحيد أن كليهما كان بالطائرات..
فى بيرل هاربر: 353 طائرة يابانية حربية دمرت سبع بوارج، وثلاث مدمرات، وثلاثة طرادات وسفينة تدريب و188 طائرة، وأسقطت 2402 قتيل و1282 مصابًا.
فى نيويورك وواشنطن: ثلاث طائرات مدنية، طائرتان ضربتا برجى مركز التجارة العالمى، وطائرة ضربت مقر البنتاجون، وسقط 2977 قتيلا وأكثر من ستة آلاف مصاب.
لكن المدهش حقا هو التشابه المذهل فى النتائج والتداعيات التى نجمت عن العمليتين.
الأولى: إعلان الحرب على اليابان ودول المحور وذهاب القوات الأمريكية إلى أوروبا، لكى تكون الولايات المتحدة لاعبا رئيسيا فى النظام العالمى الجديد الذى تأسس بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وتحل مع الاتحاد السوفيتى محل بريطانيا وفرنسا.
الثانى: إعلان الحرب على أفغانستان والعراق وغزوهما، وصناعة الشرق الأوسط الكبير، حفاظًا على بقاء الولايات المتحدة قطبا واحدا حاكما فى النظام العالمى الجديد، وتسود القرن الحادى والعشرين منفردة وتجرجر بقية دول العالم خلفها، بعد تفكك الاتحاد السوفيتى وانتهاء الحرب الباردة، وكتب فلسفتها المحافظون الجدد فى وثيقة معلنة عنوانها «من أجل قرن أمريكى جديد»!
قد يضرب أحدكم الهواء بقبضته معترضا ومتحديا: ما هذا الهراء الغارق فى نظرية المؤامرة التعيسة التى يهوى الشرقيون السباحة فى مياهها الراكدة؟، وقد يرتفع الغضب إلى اشتباك، إذا كان الغاضب من المولعين بالعم سام وشعاراته عن الديمقراطية وقيم الحرية وحقوق الإنسان التى يدافع عنها حسب مزاجه ومصالحه!
لن نجيب.. فأهل مكة أدرى بشعابها، أقصد ندع الأمريكان يردون..
لنبدأ بحكاية هنتر أس طومسون، صحفى ومؤلف شهير، قيل إنه انتحر فى 20 فبراير 2005، عن عمر يناهز 67 عاما، ونشرت جريدة واشنطن بوست الخبر فى الصفحة الرابعة: أطلق هنتر طومسون النار على نفسه بمنزله بالقرب من مدينة أسبن، وهو الكاتب الذى صنعت كتاباته وحياته الرمز الأساسى للثقافة الأمريكية المضادة، وقد عرف عنه الوضوح الشديد وردود الأفعال غير المألوفة، وقال العمدة بوب برادس من مقاطعة بيتكن التابعة لها مدينة أسبن، بولاية كلورادو إن طومسون كان وحده فى مطبخ بيته الخشبى الواقع على جدول مياه، حين أطلق على نفسه الرصاص من مسدس صغير، وكانت زوجته وقتها فى الجمانيزيوم.
وقالت وكالة اسوشيتد برس التى كانت أول من نقل الخبر: إنه قتل نفسه بينما كان يتحدث إلى زوجته من التليفون فى المطبخ!
عادى جدا أن ينتحر أمريكى حتى لو كان كاتبا مرموقا، فى مجتمع انتحر فيه ما يقرب من 58 ألف شخص فى ذلك العام، خاصة أن نسبة الانتحار ارتفعت بمقدار 24 % خلال الفترة من 1999 إلى 2014، وصار الانتحار عموما سابع أسباب موت الذكور فى الولايات المتحدة!
لكن بعد حادث هنتر بستة أيام نشرت جريدة «ذا جلوب آند ميل» قصة فى منتهى الغرابة كتبها ألكس جونز، وذا جلوب آند ميل جريدة كندية مقرها تورنتو بكندا، وتأسست عام 1844، ولها سمعة جيدة، وتشتهر بتغطيتها الإخبارية الموثوقة، وتطبع فى خمس مدن، ويقدر عدد قرائها بـ6 ملايين قارئ أسبوعيا، (ملحوظة ذكرت رقم القراء فقط كى أغيظ هؤلاء الذين يهرطلون جهلا بأن الصحافة ماتت)!
أما ألكس جونز فهو صحفى ومخرج أفلام تسجيلية، وأيضا صاحب برنامج إذاعى باسمه، ومؤسس موقع «إنفو-وارز» على شبكة الإنترنت سنة 1999، يمينى متشدد، يصنفه الإعلام الأمريكى بأنه من أتباع نظريات المؤامرة، وأن موقعه ينشر أخبارا مفبركة، وفى الوقت نفسه يقر بأن زواره لا يقلون عن عشرة ملايين زائر شهريا، وجونز من مؤسسى حركة «حقيقة 11 سبتمبر»، وقد تنبأ بالهجمات قبل وقوعها بشهرين، وقال إن الإدارة الأمريكية تخطط لها، وسوف تُحمل أسامة بن لادن مسئوليتها!
ماذا كتب ألكس فى ذا جلوبال آند ميل؟
اتصل بى هنتر فى الليلة السابقة على موته، كان يبدو خائفا للغاية، ليس من السهل عادة أن تفهم ما يقوله عبر التليفون، لكن حين تريد أن تفهم منه شيئا بوضوح سوف تفهم، كان هنتر يعمل على قصة حول الهجمات على مركز التجارة العالمى، وقد وقع فى طريقه بالمصادفة ما جعله يشعر أنه دليل قوى جدا، ويبين أن البرجين لم يدمرا بالطائرات التى ضربتهما، إنما بمتفجرات وضعت فى الأساسات، وشك هنتر أن شخصا ما يراقبه ويترقبه ليوقف نشر هذه القصة، وإنهم سيجعلون الأمر كما لو أنه انتحار، أعرف كيف يفكر هؤلاء الأوغاد!
ويدلل ألكس على صحة روايته بأن وقائع انتحار هنتر تغيرت عما رُويت أول مرة، فالخبر كما نشر فى «أسبن ديلى نيوز» يقول إن إنيتا طومسون زوجة هنتر كانت معه على التليفون، كما حكت للجريدة، (كان يطلب منى العودة السريعة من الجمانيزيوم، حتى أساعده فى كتابة عموده الأسبوعى، لكنه ترك السماعة وسمعت طلقة نارية وضوضاء وشخشخة، لم أعرف ماذا حدث، وانتظرته على التليفون دون رد).
لكن كلام الزوجة جاء مختلفا مع الصحفى جيف كاس المنشور فى جريدة روكى ماونتون اليومية، التى كانت تصدر فى مدينة دينفر بولاية كلورادو من سنة 1858 إلى 2009، إذا قالت: لم أسمع أى فرقعة، كان ابننا موجودا بالمنزل فى ذلك الوقت، وتصور أن كتابا قد سقط حين سمع الطلقة!
وهذا ما جعل «ماك وايت» وهو فنان وكاتب ساخر، يعيش فى تكساس، يضع علامات استفهام تحيط بمقتل هنتر: لم تقل العائلة أن هنتر كان مصابًا باكتئاب أو محبطًا، ولم يكن يعانى من آلام مبرحة إلى درجة قتل نفسه، كل التقارير تؤكد أنه كان سعيدا إلى حد ما، يحادث زوجته ويستعد لكتابة عموده ثم يغير رأيه ويقتل نفسه.
لم تعثر الشرطة على أى دليل يثبت أن هنتر قُتل، وأغلقت قضيته فى دفاترها بـ«حادث انتحار»، وقد يكون ذلك صحيحًا، وقد تكون جريمة عادية لا علاقة لها بالقصة التى كان ينتوى كتابتها عن هجمات 11 سبتمبر، فعدد الذين شككوا فى الرواية الرسمية من كتاب، وإعلاميين، وعلماء، ومهندسين وأساتذة جامعات يصعب حصره ويستحيل إسكاتهم جميعا بالقتل!
لكن ثمة جانب آخر..
كان هنتر قد أجرى حوارا مع مايك أو ريجان ونشره موقع «ليبرال إسبيتش»، قال فيه: إن الهجمات عمل داخلى، واستشهد بـ«بمقولات» دالة هى أشبه باعترافات مخفية:-
- يجب أن تكون هناك حدود للحرية.. الرئيس جورج بوش الابن.
- من المحتمل أن تكون عملية التحول طويلة، مع غياب حدث كارثى على غرار ما حدث فى بيرل هاربر.. من مشروع قرن أمريكى جديد.
- نحن على حافة تحول كونى وكل ما نحتاجه هو أزمة عظيمة مناسبة، تجعل الأمم تقبل النظام العالمى الجديد..دافيد روكفلر.
وختم حواره بعبارة للزعيم النازى أدولف هتلر: «الإرهاب هو أمضى سلاح ولا شىء يقود الناس أشد من الموت المفاجئ»، كى يقنع الألمان بالإذعان له وخوض الحروب التى شنها!
سواء كانت هنتر أس طومسون مات مقتولا أو منتحرا، لا يهم، فالمهم الوقائع التى كان يعمل عليها ويحقق فيها، وإذا كان قد رحل قبل أن يستكملها، فقد كتب كريستوفر شاريت دراسة تحليلية فى سنة 2007، من 5631 كلمة مصحوبة بأكثر من ستين صورة وشكلا توضيحيا ، بعنوان «دون ضبط النفس.. مقاطع الفيديو والسعى وراء حقيقة 11-9، ونشرها فى مجلة سينيست، وهى مجلة أفلام ربع سنوية، وشاريت يدرس النقد السينمائى وصناعة الأفلام بجامعة سيتون هول، فى قرية ساوث أورانج، بمقاطعة إسكس، ولاية نيو جيرسى، وتبعد 14 ميلا جنوب غرب مدنية نيويورك.
ويستعرض شاريت فى الدراسة كل الأفلام والفيديوهات التى وثقت هجمات 11 سبتمبر، وبدأها بعبارة حاكمة: مع تحول الحرب الوحشية التى لا مبرر لها إلى كارثة كاملة، من الولايات المتحدة على العراق، من الضرورى إعادة النظر فى الأكاذيب التى جعلت الأمريكيين يقبلون الغزو، الذى أودى بحياة ستمائة ألف عراقى، وأكثر من أربعة آلاف جندى!
للحديث بقية