نبيل عمر
هجمات سبتمبر أكاذيب وحقائـق ـ 1ـ الهندى الذى أعاد فتح الملف الغامض!
بالمصادفة البحتة شاهدت قبل أيام فيديو على اليوتيوب، مصنوع فى أكتوبر 2023 عنوانه «انهيار مركز التجارة العالمي/ التفسير الفيزيائى الكامل»، يتجاوز عرضه ربع الساعة، تفسيرات هندسية معقدة ومملة جدا عن مواصفات أعمدة الفولاذ وتأثير الصدمة والحرارة عليها، لا مانع من الصبر والتحمل، فالحقيقة لها ثمن مادى ونفسى، الفيديو يؤيد التفسير الأمريكى الرسمى، للهجمات الإرهابية التى ضربت مركز التجارة العالمى، بطائرتين مدنيتين مخطوفتين فى 11 سبتمبر 2001، وسقط فيها ثلاثة آلاف قتيل، ويستخدم علم الفيزياء فى شرح كيفية انهيار البرجين التوأمين الشمالى والجنوبى، إلى كومتين من الفولاذ الممزق والخرسانة المفتتة.
الفيديو لم يضف جديدا، إلا فى المصطلحات والنظريات العلمية، لكن اليوتيوب صار عملا مربحا للغاية خاصة فى «القضايا» المُعلقة التى لا تتوقف التساؤلات حولها، وفعلاً أثار الفيديو شغف ما يزيد على 11 مليون مشاهد، فى 11 شهرا فقط، ونال ما يقرب من 64 ألف تعليق آخرها يوم 1 سبتمبر الحالى..
المدهش أن الفيديو لم يصنعه أمريكى أو أوروبى من الدول التى تمضى خلف العم سام مغمضة العينين حافية القدمين، وإنما صنعه مهندس هندى، اسمه سابين ماثيو، يعيش فى مدينة بونى، على بعد 120 كليومترا من جنوب شرق بومباى، وهى ثانى أكبر مدن ولاية ماهراشترا الهندية، وأسس قناة للهندسة باسم «ليسكس»، ويحترف مجال الروبوتات والتحكم الآلى الصناعى..
لكن يبدو أن الفيديو لم يحقق المراد منه، إذ جاءت أغلب التعليقات ساخرة غير مقتنعة بالتفسير الذى لبس ثياب العلم، واختار واحدًا من أصعب العلوم وهو «الفيزياء»!
كان أكثر التعليقات سخرية: كيف أنهار المبنى رقم 7 بنفس طريقة البرجين، دون أن تضربه طائرة؟، انهار المبنى رقم 7 من شدة الغيرة من طريقة التدمير المثالية للبرجين التوأم، قال الرئيس بوش: ما كان أحد أن يتخيل أن شخصا ممكن أن يقود طائرات إلى المبنى، هذا الفيديو يقول إن المهندسين صمموا مركز التجارى العالمى من أجل هذا الاحتمال بالضبط..هذا أغرب فيديو يشرح الفيزياء.
أما فرانك كاسل، فقد كتب: لا تخبر رجال الإطفاء الذين أبلغوا عن انفجارات فى قاعدة الأبراج، وفرانك كاسل اسم مستعار انتقاه من فيلم شهير هو «المُعَاقِب»، عن رجل بوليس قتلت عصابة أسرته بالكامل وضربوه بالرصاص والقوه فى البحر وأنقذه بعض الصيادين وعالجوه، فنهض وعاد إلى المجرمين منتقما معاقبا لهم على ما فعلوه به وأسرته. باختصار بعد ما يقرب من ربع قرن مازال الملايين من سكان كوكب الأرض لا يقبلون التفسير الأمريكى الرسمى لأحداث 11 سبتمبر أو لا يصدقونه، وقالت دراسة فى عام 2016، من جامعة تشابمان فى كاليفورنيا: إن أكثر من نصف الأمريكيين يعتقدون أن الحكومة تخفى معلومات حول هجمات 11 سبتمبر، وقد حدثت إضافات وتصويبات على تقرير الحكومة الرسمى على مدى سنوات، ولم أسد ثغرات بعض المعلومات المفقودة، ولا يعنى هذا أن هناك أى دليل على نظريات المؤامرة، لكن الغريب أن المزاعم المتواترة على الإنترنت حول تلك الهجمات متزايدة، وتصرح أو تلمح بأن الحكومة الأمريكية كانت متواطئة، أو أن المسئولين تركوا الهجمات عن عمد أو أن بعضهم شارك فى التخطيط لها..
يشرج الخبراء أسباب تصاعد نظريات المؤامرة: أن جزءا من استمرارية هذه النظريات راجع إلى التنافر الذى ينتج عند الناس، حين يقال لهم إن مجموعة صغيرة نسبيا من الرجال، يستخدمون أسلحة منخفضة التقنية، يمكن أن يتسببوا فى وقوع هذه المذبحة الكارثية.
بالفعل تبدو هذه الشكوك منطقية إلى حد كبير، وعند البعض تتحول إلى حقائق، وإن لم يكن عليها أدلة قاطعة، فالمؤامرات لا تترك وراءها آثار تحدد «أصحابها» ويغيب عنها دوما براهين الإدانة التى لا تقبل الدحض، فقط تعريها قرائن وشواهد ودلالات، منها على سبيل المثال القوى «جواز سفر خارق للطبيعة»، وقد ذكره مشاهد فى تعليقه على فيدو سابين ماثيو : هل يمكن أن تصنع فيديو جديد بالفيزياء عن «جواز السفر» الذى عثروا عليه بين الأنقاض؟
إنه جوار سفر المصرى محمد عطا، واحد من المتهمين الـ19 المدانين باختطاف الطائرات، وارتكاب الجريمة الإرهابية، عثرت عليه قوات الإنقاذ والإطفاء تحت ركام البرج الشمالى، لم يكن رمادا وأعادوه إلى الحياة بمعالجات كيميائية، وإنما كان نصف محترق، أما النصف غير المحترق فهو الذى حوى بياناته الشخصية..
كيف بالله عليكم أن تنفجر طائرة ركاب ضخمة فى البرج الشمالى، يقودها محمد عطا بنفسه وجوازه فى جيبه، فيندلع حريق هائل درجة حرارته لا تقل عن 650 درجة مئوية، وينصهر فولاذ المبنى ويتفتت أسمنته وجرانيته وينهار كليا، وتحترق الطائرة تماما، إلا جواز السفر الذى طار من الطابق 78 إلى الشارع، ويلحقه ركام البرج؟
هل يمكن لعاقل أن يصدق ذلك أيا كان التفسير العلمى لانهيار البرجين التوأم؟
ثانيا: صدمت الطائرة الأولى البرج الشمالى فى الساعة الثامنة وست وأربعين دقيقة، وصدمت الطائرة الثانية البرج الجنوبى فى التاسعة ودقيقتين من صباح التاسع من سبتمبر 2001، أى بعد الضربة الأولى بـ16 دقيقة، لكن فى الانهيار تبدلت الأحداث، البرج الجنوبى هو الذى انهار أولا فى العاشرة إلا دقيقة، بعد 57 دقيقة من ضربه، بينما البرج الشمالى انهار فى العاشرة وثمانية وعشرين دقيقة، أى بعد 112 دقيقة من ضربه..ولم يفسر أى فيديو أو بحث علمى كيف حدث هذا وما سبب تأخير سقوط البرج الشمالى، والبرجان توأم وبدأ البناء فيهما عام 1966، وافتتحا فى عام 1973.
ثالثا: كيف انهار البرج رقم 7 دون أن تضربه طائرة، وبعد سبع ساعات من انهيار البرجين التوأم ويبعد عنهما بـ100 متر تقريبا؟، بالطبع ممكن أن يتضرر من تطاير الأعمدة والخرسانات، لكن أن ينهدم تمامًا عموديًا، فهذا خارج عن المألوف!
المدهش أن الشكوك ولدت بعد أيام قليلة من العملية الإرهابية، مع أن أسامة بن لادن ولم تنتشر بين العامة فقط، وإنما بين مثقفين ومفكرين ومهندسين وعلماء وأساتذة جامعات، لم يخترعها العرب المتهمون بعشق نظريات المؤامرة والسباحة فى فضاء الأوهام والخيالات وقصائد الشعراء هروبا من عجزهم عن مواجهة الواقع المأزوم حولهم، فقط تعجب مثقفوهم من قدرات 19 عربيا إرهابيا فى التغلب على أجهزة الأمن الأمريكية ذات القدرات الهائلة علميا وتكنولوجيا ومعلوماتيا، واختراقها بسهولة فائقة، وخطف أربع طائرات من ثلاث مطارات مختلفة فى شرق الولايات المتحدة: طائرتان من مطار لوجان فى مدينة بوسطن، وطائرة من مطار دالاس فى واشنطن العاصمة، وطائرة من مطار نيويورك فى ولاية نيوجيرسى، والطائرات الأربعة كانت متجهة إلى كاليفورنيا، ويسيطرون على هذه الطائرات ويقودنها إلى نيويورك فيضربون برجى مركز التجارة العالمى، ثم يضربون بالثالثة مبنى البنتاجون ( وزارة الدفاع)، وتسقط الرابعة فى منطقة قريبة من شانكسفيل بولاية بنسلفانيا، وقيل إنها كانت متجهة إلى واشنطن لضرب مبنى الكابيتول «مقر الكونجرس والمحكمة العليا والقضاء الفيدرالى»، لكن صراعًا نشب بين ركابها والمختطفين أدى إلى سقوطها دون أن تبلغ اهدافها!
والسؤال: إذا كان هؤلاء العرب قادرين على اختراق الأمن فى الدولة العظمى الوحيدة فى العالم وضرب وزارة الدفاع ومركز التجارة «الرمز الأمريكى العالمى»، فلماذا لم يفعلوا مثل هذا النجاح المذهل فى بلادهم الأقل قدرات؟
وبالطبع لا توجد إجابة..خاصة أن أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة فى أفغانستان نفى أى علاقة لها بالهجمات الإرهابية، وأصدر بيانًا فى 16 سبتمبر من عام 2001، أى بعد الهجمات بأسبوع واحد يقول فيه: أؤكد أنَّنى لم أخطط لهذا العمل، الذى يبدو أن منفِّذيه أفرادٌ لهم دوافعهم الخاصة!
لكن فجأة فى عام 2004، أى بعد أن غزت أمريكا أفغانستان وطاردته فى الكهوف والجبال، وبعد أن غزت العراق، خرج فى شريط فيديو أذاعته قناة الجزيرة يعترف بالمسئولية التامة عن 11 سبتمبر!
تبدو فعلا مسألة محيرة لكن يمكن تفسيرها لاحقا..
المهم، بالرغم من هذا الاعتراف، لم تتراجع الشكوك، بل تكاثرت وأفاض فيها أمريكان وأوروبيون، مثلا فى يونيو عام 2005 أرسل الدكتور مايكل دراكسيلبوير أستاذ علم الاجتماع بجامعة فيينا، المتخصص فى الدراسات الأمريكية رسالة إلكترونية إلى الدكتور روبين ج رامبورت فى جامعة كاليفورنيا، عنوانها (مؤامرة أخرى).
الرسالة والرد.. الأسبوع القادم