الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
قرار تأخر عشر سنوات

قرار تأخر عشر سنوات

هل تصدق أن قرار وزارة التعليم بتدريس اللغة والتاريخ فى المدارس الدولية كان يجب أن يصدر من عشر سنوات؟ فقد تقاعس وزراء التربية والتعليم السابقين والذين تولوا هذا المنصب خلال العشر سنوات السابقة والذين جلسوا على نفس مقعد عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين عن نصرة اللغة العربية طوال فترة تواجدهم فى الوزارة، ولا أدرى السبب وراء هذا التقاعس هل هو الخوف من أصحاب المدارس الدولية أم أنهم كانوا يجهلون نص الدستور الذى يلزمهم بذلك؟ الدستور نص فى المادة 24 على «اللغة العربية والتربية الدينية والتاريخ الوطنى بكل مراحله مواد أساسية فى التعليم الحكومى والخاص وتعمل الجامعات على تدريس حقوق الإنسان والقيم والأخلاق المهنية للتخصصات العلمية المختلفة»، ورغم أن الدستور صدر عام 2014 أى منذ عشر سنوات فقد ظلت هذه المادة معطلة حتى قام وزير التعليم الحالى محمد عبداللطيف بتفعيلها وأصدر قرارا بتدريسها فى كل أنواع ومدارس التعليم ما قبل الثانوى وإضافتها إلى المجموع الكلى، حيث كان يتم تدريسها فى المدارس الدولية والامتحان فيه دون أن تضاف درجاتها إلى المجموع وهو ما كان يعنى عدم الاهتمام بها من المدرسة ومن الطلاب الذين كانوا يتعاملون معها باعتبارها مادة هامشية لا أهمية لها، والحقيقة أن عدم الالتفات إلى تطبيق المادة الدستورية لا يقع على عاتق وزراء التعليم السابقين فقط رغم أنهم المسئولون الأساسيون، فكل المعنيين باللغة العربية والمنادين بالاهتمام بها لم يطالبوا بتطبيق هذه المادة، وكل المتباكين على اللغة العربية وغربتها فى بلادها تناسوها أو لم يعرفوا بها، الآن على الجميع وفى المقدمة مجمع اللغة العربية وأقسام اللغة العربية بكليات الآداب والأدباء والمبدعون والصحفيون أن يدعموا قرار الوزير، وإذا كانت بعض قراراته الأخرى واجهت معارضة كبيرة مثل تقليص عدد المواد الدراسية وإلغاء تدريس اللغة الفرنسية ودمج مواد فى كتاب واحد مثل الفيزياء والكيمياء، والتاريخ مع الجغرافيا، وتدريس الفلسفة دون إضافتها للمجموع ما يعنى تهميشها، فإن قراره بتدريس اللغة العربية فى مرحلة ما قبل الجامعى فى كل أنواع التعليم يحتاج إلى مؤازرة ومساندة فى مواجهة رفض بعض أصحاب وملاك المدارس الدولية وعدد غير قليل من أولياء الأمور الذين يرون فى القرار عبئًا إضافيًا على أولادهم، القرار الذى تأخر صدوره كثيرا هدفه كما قال وزير التعليم فى تصريحات له «الحفاظ على الهوية الوطنية والثقافية المصرية وترسيخ الانتماء لدى الطلاب، من خلال دعم تعليم اللغة العربية والتاريخ لأنهما يربطان الطالب بجذوره وهويته، ليكون أكثر ولاء لمجتمعه، وأكثر انتماء له، وكل دول العالم تحرص على تدريس لغتها الأساسية وتاريخها بمختلف النماذج التعليمية لديها»، كلام الوزير صحيح ولكنه لا يكفى ونحتاج إلى تصحيح وضع اللغة العربية والتى تمر منذ سنوات غير قليلة بمرحلة تدهور كبير، فإلى جانب اتجاه البعض إلى استخدام اللهجة العامية فى الكتابة بدلا من الفصحى، فهناك الاهتمام بتعلم اللغات الأجنبية والتكلم بها بين بعض الطبقات ومدعى الثقافة والذين «يحشرونها» فى أحاديثهم بمناسبة وغير مناسبة سوى التباهى بتعليمهم الأجنبى، وفى شوارعنا نشاهد لافتات وأسماء محلات مكتوبة بلغات أجنبية وكأن من العيب أن تكتب أسمائها بالعربية، بل إن الوظائف المميزة تشترط للالتحاق بها إجادة لغة أجنبية وليس مهما إجادة العربية، ووصل بنا الأمر إلا أنه يندر أن تجد مسئولا أو إعلاميا لا يخطئ فى نطق لغتنا الأم فى حين يبرع فى الكلام بالإنجليزية أو الفرنسية أو غيرهما من اللغات.



قرار الوزير خطوة صغيرة نحو الحفاظ على اللغة العربية من الاندثار، والتى تحتاج إلى مزيد من الخطوات حتى لا تأتى أجيال مسماها عربى ولسانها أجنبى، وهو ما لا نجده فى معظم دول العالم التى تعتز بلغتها وهويتها ولا تقبل لها بديلًا.>