أحمد الطاهري
فى أول حوار بعد تشكيل الحكومة الجديدة.. الفريق كامل الوزير: البنية الأساسية تمثل بداية النهضة.. ومن حقنا أن نسبق العالم
فى أول حوار تليفزيونى مع الفريق كامل الوزير نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل بعد تشكيل الحكومة الجديدة. يطرح عليه الكاتب الصحفى والإعلامى أحمد الطاهرى أهم الأسئلة التى تشغل الرأى العام، عن الخطط المستقبلية والمستهدفات. ليس بهدف استعراض الإنجازات فما تحقق فى وزارة النقل يعرفه الجميع، ولا التحامل على وزير يبدأ أيامه الأولى فى وزارة مهمة. نعلق عليها الكثير من الآمال.
من خلال إجابات الوزير نعرف كيف يفكر المسئول فى كثير من الملفات المهمة والمفصلية. بداية من التكامل بين وزارتى النقل والصناعة، وأهم الحزم التحفيزية التى يطرحها لتنشيط القطاع الصناعى وتشجيع وجذب الاستثمارات وخلق فرص عمل. فضلًا عن استعراض خطة تحويل مصر إلى مركز لوجيستى إقليمى. وحتى موعد الانتهاء من المونوريل وسعر تذكرته المتوقع وخط المترو الرابع. الكثير من الأسئلة فى ملفات مهمة تشغل المستثمر والمصنع والمواطن، وتشكل فى مجموعها خريطة المستقبل لهذا البلد.. وإلى نص الحوار:
أول قرار لك فى وزارة الصناعة كان زيادة أيام عمل موظفى هيئة التنمية الصناعية إلى 6 أيام.. ما الهدف من القرار؟
- هذه نقطة مهمة جدًا من المهم توضيحها للمواطنين ولزملائى فى وزارة الصناعة. فقانون العمل يحدد ساعات العمل فى الأسبوع بين 35 ساعة إلى 42 ساعة كحد أقصى، وبالتالى العمل 6 أيام فى الأسبوع بمعدل 7 ساعات يوميًا سنصل إلى الحد الأقصى من ساعات العمل المنصوص عليها فى القانون.
وهذا النظام طبقناه فى السكة الحديد، والموظفون تقبلوه بطيب خاطر. خصوصًا أن منظومة السكة الحديدة تعمل على مدار الساعة لخدمة المواطنين.
نفس الأمر فى وزارة الصناعة، تعمل المصانع على مدار الساعة لتحقيق خطط الإنتاج. وبالتوازى نحتاج لمساعدة المصانع المتعثرة وإنهاء كافة التراخيص المؤجلة.
لذلك كان القرار بعمل موظفى هيئة التنمية الصناعية هدفه الاساسى مشاركة الجميع فى تحقيق التنمية الصناعية المستهدفة فى مصر، ولتذليل جميع العقبات أمام المستثمرين حيث يمكنهم الآن الحضور لإنهاء إجراءاتهم حتى فى يوم السبت.
وفى الوقت نفسه يمكن ذلك القرار الموظف من إنهاء قدر أكبر من التراخيص المطلوبة وتقليل نسبة المتأخرة.
والحقيقة الموظف عندما يجد منظومة عمل جادة وحقيقية يكون متجاوبًا ومتعاونًا، خصوصًا أن ملف الصناعة ستنعكس نتائجه على حياة كل المواطنين. وفى الوقت نفسه ينعكس ذلك على زيادة حوافز الموظفين، مع مراعاة الظروف والحالات الفردية لبعض الموظفين. وبالتالى الموضوع يعتمد فى الأساس على الإقناع والاقتناع.
إلى جانب بيان الحكومة الذى تم عرضه على مجلس النواب بالتأكيد عند تكليفك كان لديك خطة عمل.. ما أهم بنود هذه الخطة؟
- هذا ما دار خلال المناقشات مع لجنة مجلس النواب لدراسة بيان الحكومة. خصوصًا أنه من الصعب ذكر كل التفاصيل فى بيان الحكومة وإلا كنا سنحتاج إلى مجلدات، بجانب ضغط الوقت لذكر كل التفاصيل.
وبالتالى خلال مناقشة البيان الخاص بوزارة الصناعة، ذكرت تفاصيل أكثر بالأرقام تتضمن تفصيلًا وتوضيحًا لما نص عليه البيان المجمع للحكومة.
لدينا 7 محاور رئيسية لتحقيق التنمية الصناعية فى مصر خلال 3 سنوات، والتى تحقق الصورة الأشمل وهى رؤية مصر 2030، ولتحقيق هذه الأهداف فإننا نحتاج لعدد كبير جدًا من المصانع والأراضى وتذليل كل الصعاب التى تواجه المستثمرين والمصنعين.
ولكن خطة السنوات الثلاث يمكن اعتبارها خطة عاجلة للخروج من العثرات التى يعانيها قطاع الصناعة.
هدفنا الأول وقف نزيف الدولار، من خلال التصنيع العاجل للواردات المصنعة التى نستوردها من الخارج بفاتورة تتراوح بين 25 إلى 35 مليار دولار. وبالدراسة وجدنا 152 فرصة استثمارية يمكن من خلالها تحقيق ذلك. حيث توجد سلع تتوافر موادها الأولية فى مصر وبالتالى من السهل البدء السريع فى تصنيعها لتحقيق احتياجات السوق المحلية وتصدير الفائض. مثل صناعات النسيج ومواد البناء.
وهناك نوع ثان من الصناعات قد لا تتوافر مواده الأولية، ولكن لدينا تكنولوجيا إنتاجه، مثل مصانع الحديد والصلب. من المؤكد أننا لن نستطيع وقف الاستيراد كليًا ولكن على الأقل نحد منه.
أما العامل الثالث لتقليل فجوة الاستيراد فهو تنفيذ الجودة التى تنافس المنتج المستورد، وبالسعر المعقول.
بالتوازى مع ذلك لدينا محور بخصوص زيادة التصدير، خصوصًا أن لدينا قدرات تنافسية فى صناعات بعينها مثلًا فى صناعة السيراميك والحديد وصناعات النسيج. وبالتالى هدفنا العمل على زيادة إنتاج تلك الصناعات لزيادة صادراتها للمنطقة.
ومن أولوياتنا أيضًا تحسين الجودة فى كل صناعاتنا، من خلال الاهتمام بالمواصفات القياسية ومعايير الجودة للحد من الاستيراد وتشجيع التصدير.
لدينا أيضًا تركيز على ملف المصانع المتعثرة، من خلال تسهيل كل الإجراءات والأوراق بشكل فورى، كما سيتم التنسيق مع البنوك الممولة لمساعدة المصانع المتعثرة حتى لا نخسر إنتاجها.
والعنصر البشرى هو الذى سينفذ هذه الخطط، وبالتالى نولى اهتمامًا كبيرًا لتدريب العنصر البشرى واختيار عناصر كفء، كما سيتم التوسع فى المدارس الفنية الصناعية التى يتبناها المستثمرون حتى يضمن الخريج فرصة عمل ونقضى على البطالة ويضمن المستثمر عمالة مدربة لمصانعه. وبتحقيق ذلك سيكون بمقدورنا تصدير العمالة أيضًا. ولنا تجربة فى وزارة النقل تخص هذا الملف بين عمال ومهندسين مطلوبين لتنفيذ مشروعات فى ألمانيا.
النقطة الأخيرة التى نوليها اهتمامًا هى الدعم الفنى للمصانع وتأهيلها للمنافسة والإنتاج بمواصفات عالمية.
ولكن اسمح لى وأكيد سمعت هذا الكلام من المستثمرين والمصنعين أن كثيرًا من الأفكار والخطط الطموحة تنكسر أمام البيروقراطية المعطلة حتى أن هناك بعض المستثمرين يصفونها بالـ«عرقلة الصناعية» وليست تنمية صناعية.. كيف ستقضى على ذلك كما فعلت فى وزارة النقل؟
- منذ توليت مهام نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة كان من المهم سماع وجهة نظر المستثمرين ونواب الشعب لمعرفة مواطن الخلل فى وزارة الصناعة وهيئة التنمية الصناعية حتى تكون الصورة واضحة.
خصوصًا أن رئيس الجمهورية كلفنى بشكل مباشر بتحقيق مؤشرات للنهضة الصناعية خلال الفترة المقبلة وأن مستقبلنا فى الصناعة.
اجتمعت مع المستثمرين واستمعت إلى طلباتهم ومشكلاتهم وهناك أشياء تم حلها فورًا ومشكلات أخرى تحتاج لوقت يتم متابعتها بشكل عاجل. سواء تخص وزارة الصناعة أو فيما يتعلق بموافقة وزارات أخرى مثل الموافقة البيئية وغيرها.
ولكن تصعيد هذا الملف لمنصب نائب رئيس وزراء يعنى القضاء على البيروقراطية المعطلة؟
- طبعًا وهذا ما نعمل عليه.. ولذلك كان هدفى معرفة مواطن الخلل فى الصورة بشكل كامل سواء فى هيئات وزارة الصناعة أو لدى المستثمرين. ووجدت أزمة كبيرة فى التواصل بين الوزارة والمستثمر. وأعترف أن هناك بعض الموظفين لديهم بعض القواعد الروتينية المعطلة سواء كانت هذه طبيعته أو خوفًا من الخطأ والمحاسبة. وبالتالى بدأت بالتحدث مع الموظفين فى الوزارة بأننى متحمل المسئولية كاملة وقلت لهم بشكل واضح: «طالما ماخدتش حاجة من المستثمر حطيتها فى جيبك ما تخافش.. ولو أخطأت خطأ إدارى أو فنى أنا فى ضهرك».
هذا الكلام أرسى مساحة مهمة من الثقة لدى الموظفين داخل الوزارة، خصوصًا أننا نحتاج 13 ألف مصنع لتحقيق مستهدفاتنا، ونحن مستعدون للعمل والتعب من أجل تحقيقه.
وطلبت من الموظفين مساعدة المستثمر والمصنع والمتابعة معه خطوة بخطوة، خصوصًا أننا نحتاج إرساء قاعدة أن الموظف ليس عدوًا للمستثمر، وهدفنا جميعًا سد الفجوة الاستيرادية.
وماذا عن ملف الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر خصوصًا أنها حتى الآن لم تنطلق بالشكل المطلوب؟
- كل أجهزة الدولة المعنية تتشارك مع وزارة الصناعة وتجتمع على هدف واحد هو تطوير الصناعة المصرية، وأيًا كان حجم تلك الصناعات سواء صغيرة أو متوسطة تنميتها ستكون هدفًا لدينا كما نفعل مع الصناعات الاستراتيجية الكبرى.
الطاقة واحدة من المشاكل التى يواجهها العالم.. هل لدينا حجم الطاقة التى يمكن توفيرها لآلاف المصانع ؟
- حاليًا نستطيع ذلك، من خلال محطات الطاقة وما نحتاجه من مستلزمات تشغيل تلك المحطات نستورده من الخارج. ولتوفير الطاقة التى تحتاجها المصانع المستهدفة فإن فخامة الرئيس كلف وزارتى البترول والكهرباء لتطوير إنتاجاتنا من البترول والغاز سواء بتنمية الحقول الحالية أو اكتشاف حقول جديدة. وأيضًا إيجاد طرق لتوليد الكهرباء من الوقود الأحفورى المتاح لسد الفجوة. وتوليد الكهرباء من الطاقات المتجددة لتوفير احتياجات المصانع المستهدفة من الطاقة. وهذا اتجاه فى العالم كله.
نفهم من ذلك أن التوسع المستهدف فى الرقعة الصناعية يتماشى مع استراتيجية مصر 2030 فى الاعتماد على الطاقة النظيفة والمتجددة وتوفير الطاقة اللازمة لتلك المصانع.. حتى لا يتم افتتاح مصانع تواجه عجزًا فى الطاقة فيما بعد؟
- بالتأكيد.. قبل إصدار رخصة لأى مصنع لا بد أن يحصل على موافقة المجلس الأعلى للطاقة لحساب قدر احتياجه، والأمر يتم بالتنسيق مع وزارتى البترول والكهرباء.
ربما يتساءل البعض: «يعنى الكهربا بتقطع وانت عاوز تتوسع فى الصناعة؟» ولأننا نريد التوسع فى الصناعة نهتم بملف الطاقة من مصادرها الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر وهو ما نعمل على استخراجه بالتعاون مع شركتين عالميتين.
ومن المهم أن يعرف المواطن أن تكليف الرئيس بالتوسع فى ملف الصناعة هدفه الأساسى أن ينعكس على الأمور اليومية والمعيشية للمواطن، فعندما نطور الصناعة ونزود إنتاجنا من الصناعة، سنوفر الدولار.
نفهم من كلامك أن الهدف الأساسى الآن من ملف الصناعة الآن هو توفير ملاءة مالية من العملة الصعبة من خلال تخفيف فاتورة الاستيراد وزيادة التصدير وهو ما تطلق عليه مجازًا «تصنيع الدولار»؟
- بالتأكيد سيكون لدينا وفرة من الدولار كما أن تخفيض قيمة الجنيه فى الفترة الحالية يعطينى كمصنع ووزارة صناعة ومستثمرين أفضلية، وهذا ما قاله لى الكثير من المصنعين والمستثمرين، انخفاض سعر الجنيه المصرى أمام الدولار حاليًا فرصة كبيرة لتشجيع الصناعة ثم تقوية الجنيه أمام الدولار فينعكس على حياة المواطن. وإذا قلنا أن الدولار الآن بـ50 جنيهًا، يمكن أن يصل مع نهضة القطاع الصناعى إلى 25 جنيهًا، «ولو اجتهدنا أكتر وصنعنا ممكن يبقى الدولار بـ 10 جنيه» وهذا يمكن أن يحدث.
وذلك الانخفاض فى سعر الدولار سينعكس على رغيف العيش بدلًا من أن يتكلف 120 قرشًا يمكن أن يصل إلى 60 قرشًا، وساعتها يمكن استخدام فائض الدعم إلى مجالات الصحة والتعليم. وهكذا يعود إلى إنجاز فى ملف الصناعة على المواطن مباشرة.
نريد الانتقال إلى ملف النقل والتكامل بينه وبين الصناعة خصوصًا أننا نتحدث عن توطين الصناعة واستغلال مميزات كل محافظة.. كيف سيتم استخدام ما تحقق من إنجازات فى البنية التحتية لخدمة ملف الصناعة؟
- هذا سؤال فى غاية الأهمية، النقل أحد المحاور المهمة فى مشروعات البنية الأساسية، بجانب الكهرباء والاتصالات والمياه والصرف الصحى، وعندما اهتمت الدولة فى العشر سنوات الماضية ووضعت خطة طموحة للغاية لتطوير البنية الأساسية كانت تهدف بشكل أساسى نهضة مصر، فى إطار الجمهورية الجديدة ببناء كل شيء من صناعة وزراعة وسياحة وخدمات على ما تم تنفيذه من بنية أساسية.
لم يكن باستطاعتى الذهاب للزراعة فى الضبعة دون إنشاء محور الضبعة، أو الزراعة فى شرق العوينات دون طريق شرق العوينات وطريق الصعيد الصحراوى الغربى وطريق أكتوبر - العوينات وإنشاء مطار هناك أو الذهاب لتوشكى دون إنشاء سكك حديدية، سواء ديزل أو كهرباء لنقل الحاصلات الزراعية ومستلزمات إنتاج.
كل دول العالم فعلت ذلك، سبب نهضة ألمانيا الصناعية بعد الحرب العالمية هى إنشاء بنية أساسية قوية ثم إنشاء المصانع بعدها، هل كنت أستطيع إنشاء مصنع فى سوهاج أو أسيوط أو أسوان أو إنشاء محطة للطاقة الشمسية فى بنبان إلا إذا كان هناك طريق للتوصيل؟ بالتالى البنية الأساسية هى بداية النهضة.
وسنستكمل ما بدأناه، نعمل حاليًا فى مشروع القطار الكهربائى LRT، وانتهينا من مرحلتين منه، والمرحلتان المتبقيتان لابد من عملهما.
المونوريل قاب قوسين أو أدنى من تشغيله، وسنستكمله، كما سنكمل مشروع القطار السريع، وسكك الحديد التى ننشئها فى كل الموانئ الجافة سنستكملها، لابد أن نستكمل ما بدأناه. حيث سيتم تشغيله فى أكتوبر القادم وفق التعاقد مع الشركة المنفذة.
نستكمل هذه المشروعات ليس كما يردد البعض فى عدم خسارتنا للأموال التى أنفقناها، لكن لأن لدينا هدفًا وخطة.
بالحديث عن تلك النقطة المهمة.. اشرح لنا أكثر طبيعة الهدف وأولويات تلك الخطة وهل هناك مشروعات عاجلة ومشروعات أخرى يمكن أن نصبر على تنفيذها بعض الوقت؟
- هذا كلام محترم فيما يخص الأولويات، ولابد أن أوضح أن ما تم تنفيذه من مشروعات كان فى أولوياتنا العاجلة وكان من الضرورى تنفيذه، أما المشروعات الأخرى التى أبطأنا فى تنفيذها كانت ضمن المشروعات الخدمية. وهناك مشروعات طموحة لم نبدأ بها بعد وسنصبر عليها قليلًا لأنها مرتبطة بفرص استثمارية قادمة. أسمع الناس يقولون: «كان لازم نرتب أولوياتنا»، بالفعل نحن نسير وفق أولويات تم ترتيبها وفق خطة، وانتهينا من العاجل منها.
ويتم العمل فى الوقت الحالى على الأسبقية الثانية، فمثلًا إقامة مصانع فى توشكى، لا يمكن إتمامه إلا بالقطار السريع الذى يذهب إلى هناك.
ولو أردنا زراعة مليون فدان فى غرب مصر فى منطقة النوبرية والدلتا الجديدة والضبعة يجب أن يتم الانتهاء من الطرق، فمثلاً تم الانتهاء من محور الضبعة، ولكن تأتى بعد ذلك البنية الأساسية كالمياه والكهرباء والصرف.
قيام المشروعات الزراعية يحتاج إلى البنى الأساسية التحتية لقيامها وأهم هذه البنى هى المياه، ويمكن تأجيل المشاريع القائمة على الفرص الاستثمارية التى أمامها وقت للاستفادة منها.
عند عمل القطار السريع وإضافة محطة رأس الحكمة، جاء من هنا الاهتمام بمنطقة رأس الحكمة، المنطقة خلابة ولكن لم يفكر بها أحد قبل تطوير الطريق الدولى الساحلى، ولكن بعد الاهتمام بطرق الوصول إليها أصبحت رأس الحكمة فرصة استثمارية، ومن هنا تأتى الفرص.
شبكة النقل والطرق كانت أحد المميزات التى أسهمت فى تسويق مشروع رأس الحكمة، خصوصًا أن شبكة الطرق كانت شبه متهالكة منها 10 آلاف كيلو من الطرق الرئيسية تحتاج إلى رفع الكفاءة والتجديد وكان هناك احتياج فعلى لـ7 آلاف كيلو متر طرق جديدة.
تم عمل ما يسمى بخطة تطوير الطرق المحلية فى المحافظات، وتم تطوير الطرق داخل القرى فى إطار الخطة القومية الطموحة الخاصة بـ«حياة كريمة» لتحسين حياة المواطن المصرى فى الريف. وكل القرى التى تدخل ضمن «حياة كريمة» يتم تجديد الطرق الرئيسية بداخلها ومن الطرق الرئيسية حتى مراكز الخدمات، بهدف الاهتمام بالمواطن المصرى البسيط خصوصًا أن «المواطن الغلبان بيستخدم الطرق الجديدة فى طريقه لعمله سواء الإسكندرية أو السويس».
الشخص الغنى عندما يذهب لإقامة مشروع استثمارى فى إسكندرية يفيد الشخص الفقير الذى يحتاج إلى العمل، فبالتالى الدولة تصنع الطرق وتطورها لكل الطبقات الغنية والفقيرة. وقفزنا فى ترتيب الطرق العالمى من المركز 128 إلى المركز الـ18 عالميًا والبقية تأتى. وهو ما انعكس بشكل واضح على تخفيض المصروفات على الدولة وهذا ما قاله البنك الدولى حيث أشار إلى أن تطوير شبكة الطرق فى مصر والاعتماد على النقل الجماعى وفر على مصر 8 مليارات دولار سنويًا. وهو ما سينعكس بدوره على السياحة والزراعة والصناعة.
ومن المهم الإشارة إلى أن أول من طلب إنشاء القطار السريع بين الغردقة والأقصر كانوا السياح الألمان والروس وبالتالى كان ضمن أولوياتنا ربط مصر ببنية أساسية قوية.
هذا ما حدث فقط فى مجال السكة الحديد بالإضافة للتطوير الهائل فى الموانئ المصرية.
قبل الذهاب لملف الموانئ من المهم الإشارة إلى أنه لا يوجد مجتمع يكون فيه الاستثمار فى البنية التحتية مثار جدل مثل مجتمعنا ولكنه جدل من أجل الفهم ويجب توضيحه؟
- فى حديثى مع زملائى من الوزراء فى ملفى الصحة والتعليم قالوا لي: «أخذت استثماراتنا فى الصحة والتعليم لإنشاء طرق» فقلت لهم: وكيف ستذهب لإنشاء مستشفى أو مدرسة من دون وجود طريق ممهد.
لا يمكن بناء مستشفيات فى مجتمع عمرانى جديد دون مشروعات الطرق، وشعبنا ذكى وفاهم، ولا نتعب من الهجوم، ونحن نراعى الأولويات جيدًا.
كرجل دولة.. كيف ترى حالة التنافس العالمى من القوى العظمى أو القوى المتوسطة إقليميًا الذى يتجه إلى الموانئ واللوجيستيات.. أين وضع مصر على هذه الخريطة العالمية الآن؟
- من حق كل دولة تنمية نفسها وتعمل على ذلك، يعنى إذا جاءت دولة تقول أنها تعمل على محور جديد يربط الهند بأوروبا هل من حقى أن أقول له «بتعمل إيه؟» أو ربط أحد الموانئ بدولة عربية بتركيا ودول أوروبا، أو أن نجد دولة عظمى مثل الصين تقول إنها تعمل على إنشاء طريق الحرير وربط الشرق الأوسط والشرق الأقصى مع أوروبا، بالتأكيد ليس دورنا أبدًا معارضة هذه المشروعات.. ولكن الذكاء هو التعاون مع تلك المشروعات والتكامل معها.
من حق كل دولة تنفيذ المشروعات التى تحقق رؤيتها المستقبلية، ويجب التعامل مع الدول والمشروعات مثل طريق الحرير بحيث نتكامل ونتعاون ونكون جزءًا من هذا النظام العالمى، ومثلما أقرينا بحق الدول فى تدشين المشروعات والممرات والطرق، وكان يجب على الدول أن تقر بحقنا فى أن نسبقها أو على الأقل التشارك والتعاون معها.
وفى هذا الإطار كان لدى تكليف واضح من الرئيس السيسى فى أكتوبر 2022 بتحويل مصر إلى مركز إقليمى للنقل واللوجيستيات وتجارة الترانزيت. وبالتالى كل المشروعات التى نعمل عليها فى البنية الأساسية هدفها تحقيق هذا الهدف.
لكى نتشارك مع الدول يجب أن نكون وسيلة جذب بتعديل التشريعات والمقابل المادى الذى نحصل عليه من السفن فى الموانئ وتعديل القوانين، والأهم من التشريعات هو تطوير الموانئ وإنشاء مناطق الرسو وتدشين وسائل مواصلات سريعة تربط بينها أو تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط.
وإذا تذكرنا حديث الرئيس وقت تعويم السفينة إيفر جيفن فى قناة السويس قال إننا نعمل على إنشاء القطار السريع الذى يربط البحر الأحمر بالمتوسط ليكون قناة سويس أخرى ومكملًا لها، ولذلك نسميه ممرًا لوجيستيًا.
وبالتالى تم التخطيط لممرات لوجيستية داخل مصر لتنفيذ توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسى، بتحويل مصر إلى مركز إقليمى للنقل واللوجيستيات وتجارة الترانزيت.
الممر اللوجيستى يعتمد فى بدايته على منطقة صناعية أو منطقة إنتاج صناعى أو زراعى أو خدمى، وسيتم الربط بميناء للتصدير، بحيث يتم استقبال المواد الخام والأولية أو المبيدات والبذور. ووسيلة النقل يجب أن تكون حرة وسريعة، إما طريق سريع أو قطر ديزل متطور أو قطر سريع ينقل البضاعة بسرعة.
ومن أجل زيادة حركة الموانئ، يجب عمل الميناء الجاف والمنطقة اللوجيستية، بحيث يتم استقبال البضاعة من الميناء، ثم توضع فى القطر السريع حتى تنتقل إلى الميناء الجاف، مثل الميناء الجاف فى 6 أكتوبر.
نفهم من ذلك أن ملف الممرات اللوجيستية التى تم العمل عليها هو ملف أمن قومى؟.
- طبعًا.. هذا قول واحد. وسأشرح لك من البداية كيف تم العمل على تخطيط وتنفيذ تلك المناطق اللوجيستية.
شركة هاتشيسون العالمية فى البداية قالت إننا سنربط ميناء السخنة على البحر الأحمر والمنطقة الصناعة الاقتصادية هناك بميناء الإسكندرية والدخيلة على البحر المتوسط، ربطت بينهما بقطار سريع، ويمر بميناء جاف فى العاشر من رمضان و6 أكتوبر ومدينة السادات، وبالتالى هذا نموذج للربط بين البحرين ويمر بمناطق صناعية ومدن سكنية، لتكون بمثابة قناة سويس تمشى على قضبان.
هناك ممر لوجيستى ثانٍ مهم للغاية، وهو طنطا - المنصورة - دمياط، حيث تعد طنطا قلب الدلتا وبها كل الحاصلات الزراعية، فيمكن التصدير من طنطا واستيراد كل ما ترغب به للحاصلات الزراعية من دمياط ونقلها لطنطا، وبالتالى هذا يعد ممرًا لوجيستيًا صناعيًا زراعيًا.
أما ما يخص الممر اللوجيستى «طابا - العريش» لدينا شركة الجسر العربى للملاحة مملوكة لمصر والأردن والعراق لنقل البضاعة، ففكرنا بإمكانية أن نتعاون مع الآخرين أو ننافسهم فى إنشاء ممر يسمى خط التجارة العربى، لنقل البضاعة من الخليج العربى عبر السعودية أو العراق أو الأردن حتى العقبة للعبور إلى طابا ثم إلى العريش عبر خط القطار أو من طابا إلى شرق بورسعيد أو إلى الإسكندرية وكل أنحاء مصر.
بالطبع هذه خريطة العالم الآن ولا بد من التفاعل معها.. ماذا عن ملف تجارة الترانزيت التى كلف به الرئيس؟
- مصر كانت لديها 37 كم من الأرصفة فى كل موانئ مصر البالغ عددها 15 ميناء، بينما الآن أصبح عددها 18 ميناء تجاريًا بإضافة برنيس وأبوقير وجرجوب، عمق الرصيف كان يتراوح ما بين 8 إلى 12 و14 مترًا، والميناء الوحيد قبل 2014 الذى كان به رصيف بعمق 17 مترًا، كان عبارة عن محطة صغيرة فى السخنة وأخرى فى شرق بورسعيد.
تم تعميق الأرصفة بالموانئ لاستقبال السفن الضخمة وتعظيم الترانزيت ومركز توزيع فى المنطقة، زودنا الـ 37 كم وأصبح لدينا 100 كم، ونكمل ميناء السخنة بواقع 18 كم أرصفة، ليصبح الإجمالى 21 كم.
ونعمل على إنشاء أرصفة كبيرة فى ميناء الإسكندرية، والذى يعد الميناء الرئيسى لمصر، فتم تزويد الميناء بمحطة تحيا مصر، التى افتتحها الرئيس السيسى فى يونيو 2023، وساهمت بدخل كبير لمصر وأدخلت سفنًا كبيرة، ونعمل على إنشاء محطة أخرى تسمى رصيف 100 بالدخيلة، وإنشاء محطة صب جاف نظيف فى الدخيلة، ومحطة 85 فى الإسكندرية، وهكذا نطور ميناء الإسكندرية كله.
وكل هذه الموانئ ترتبط بشكل مباشر مع الممرات اللوجيستية لتحقيق الهدف الذى حدده سيادة الرئيس بتحويل مصر إلى مركز لوجيستى للتجارة العالمية.
حتى هذه اللحظة هناك قطاع من الناس لا يستوعب أهمية مشروع المونوريل أو القطار السريع.. ما الفائدة التى تعود على المواطن من هذه المشروعات الآن؟
- لدينا خطة وخريطة للمواصلات «مش هنعمل مترو فى الإسكندرية وتسيب قطر أبو قير شغال لأن عمره يرجع إلى عام 1880، فهو بطىء جدًا وينتج عنه حجم دخان كبير».
أيضا، أكتوبر والسادات والعاشر من رمضان وأكبر مدن صناعية فى مصر لم يصل إليها وسيلة نقل جماعى، وبالتالى، فإن خطوط المواصلات الجديدة كانت ضرورية لخدمة التوسع العمرانى.
مدينة السادس من أكتوبر لم يكن بها وسائل مواصلات جماعية لذلك تم إنشاء المونوريل والخط الرابع لمترو الأنفاق والأتوبيس الترددى، ولا يمكن نقل الناس من القاهرة يوميًا إلى التجمعات العمرانية والصناعية بسيارات ملاكى وتاكسيات، وبالتالى كان لابد من بناء وسيلة مواصلات جماعية، كما يسأل البعض لماذا قمنا بعمل المونوريل وهو عالى التكلفة عوضًا عن الـlrt، والإجابة هى أن lrt أرخص لكنه فى حاجة إلى أرض شاغرة، وبالتالى، لكى نسير فى قلب مدينة نصر والجيزة دون نزع ملكية وتعويضات وغيرها من الأمور، كان يجب عمل مشروع أعلى الأرض مثل المترو أو المونوريل، وبالتالى، فإن المونوريل خضع لأسس فنية وعلمية.
وفى نفس الوقت يجب زيادة السكك الحديدية التى تبلغ 10 آلاف كم، وليس لدينا خطوط تربط العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر والسادات والمناطق الصناعية، وبالتالى كان يجب مد خطوط سكك حديدية جديدة لهذه المناطق.
لدينا إنجاز وإعجاز يخص قناة السويس.. نريد أن نعرف كيف تم تنفيذ أنفاق قناة السويس ؟
- إن أمن مصر القومى يبدأ من الشرق، وكان فى سيناء الكبارى العسكرية وكوبرى السلام فى القنطرة فقط، بالإضافة إلى معديات هيئة قناة السويس، فكانت هناك مشكلة فى العبور.
واقترحت على الرئيس السيسى إنشاء أنفاق أسفل قناة السويس بواقع 5 أنفاق مرتبطة بالطرق والكبارى، وطلب منا الاعتماد على الشركات المصرية وأخذ فرصتها، وشراء الماكينات وإعطاء الثقة لها ومساعدتها.
أنفاق قناة السويس مشروع بنية أساسية بامتياز لربط سيناء بالوطن الأم، ومشروع تنموى وتعميرى بامتياز فى سيناء، وتعاوننا مع شركات استشارية عالمية لتنفيذ أنفاق القناة، والمهندسون المصريون حفروا الأنفاق وتغلبوا على جميع العقبات.
الشركات المصرية التى نفذت أنفاق قناة السويس تعمل الآن فى الخط الرابع لمترو الأنفاق الذى يربط مدينة 6 أكتوبر وحتى الجيزة ثم الفسطاط ثم مدينة نصر والرحاب ثم يستكمل حتى العاصمة الإدارية الجديدة، الذى يعد إعجازًا يحدث أسفل الأرض.
حينما يتم تنفيذ الخط السادس لمترو الأنفاق سيتم زيادة عدد الشركات المصرية المنفذة له، لتأهيل الشركات المصرية لأعمال إعجازية وتكنولوجية مرتفعة للغاية ما يؤهلها لتصديرها للعمل بالخارج.
بدأت هذه الشركات تصدير خبرتها فى الدول العربية المحيطة وأفريقيا والدول الأوروبية، وبالتالى حققنا البنية الأساسية القوية للغاية التى نبنى عليها بداية من حفر قناة السويس، الذى يعد مشروعًا صعبًا وحجم عمل ضخمًا للغاية، لكن أنفاق القناة كان مشروعًا تكنولوجيًا معقدًا للغاية وتم تنفيذه بواسطة الشركات المصرية الوطنية المؤمنة بقدراتها.