
مى كرم جبر
البوصلة
1
قررت أن آخذ إجازة من كل الموضوعات التى اعتدنا مناقشتها وأن نهتم قليلاً أنا وأنت عزيزى القارئ بالعلاقات والتى قد تضعنا بين خيارين لا ثالث لهما إما الحياة الهادئة أو الحياة التى لن ينفع معها شىء ليصلح اعوجاجها، خلال السطور التالية سأحاول أن أجيب عن أسئلة وصلتنى خاصة بالعلاقات على أن نعاود النقاش السياسى الأسابيع المقبلة.
2
تقول: أشعر بانعدام الطاقة لفعل أى شىء حتى إن صحتى بدأت تتأثر دون أن أجد تفسيرًا محددًا عند الأطباء وجميعهم أرجعوا الأسباب للأعراض النفس جسمانية، فهل لديك حل؟
أقول: فى الواقع لدىّ عدة حلول وأنتِ لديك حلول أكثر منى فقط إن فهمتِ نفسكِ واحتياجاتها، فى حالة أننى لا أعرف ما الظروف التى أتت بك إلى هذه المنطقة المظلمة من الحياة، سأبدأ من حيث بدأتِ أنتِ كلامك، فلم يعد لك طاقة لفعل أى شىء وهنا مكمن الخطورة، فالحياة عبارة عن حركة مستمرة قد نجد فى أنفسنا عدم الرغبة فى فعل شىء ما، لكن رغباتنا تتفجر حيث تجد هوانا وسعادتنا، قد يكون انعدام الرغبة سببه تقصيرك فى حق نفسك، هل أغلقتِ أبوابك أمام الناس والعلاقات والهوايات والعبادة وكل الخبرات والتجارب الجديدة؟! عزيزتى كلما مر بكِ موقف صعب ألقِ بنفسك فى دنيا جديدة، ربما صداقات أو تعلم شىء جديد أو اكتساب مهارة جديدة، فى النهاية ستجدين أنك تعلمتِ أشياء جديدة بعدد المرات التى حاول فيها اليأس أن ينال من عزيمتكِ.
3
يقول: أحبها وأحب غيرها، لا أتخيل نفسى بدونها ولا أتخيل حياتى مغلقة عليها وحدها!
أقول: هذا ليس حبًا، وإنما إحساس متطور من الاحتياج، فهذه الفتاة تمنح احتياجًا معينًا بداخلك وهذه هى وظيفتها فى حياتك، وأنت تشعر بالرغبة فى تملكها كى تحافظ على هذا المصدر المتدفق، وفى النهاية هذا ليس حبًا ومشاعرك ستتبدل تمامًا إن اختفى سبب تعلقك بها.
4
يقول: مات والدى أصبح بداخلى رغبة لأن أفعل كل الأشياء التى كان يرفضها، لست راضيًا عن نفسى، لكن لا أرغب فى العودة لما كنت عليه!
أقول: هى مرحلة وستمر بسلام فقط إن أدركت أنت ذلك، ما تمر به هو ردة فعل على عدم إحساسك بالاستقلال وقت حياة والدك، أما الآن فلك كامل الاستقلال، استغله لمنفعتك الخاصة وحقق قيمة مضافة لحياتك، ولا تدع الانتقام يأخذك إلى مناطق ظلامية من التفكير، كن لنفسك نافعًا ولا تنتقم من ضعفك وقت سيطرة والدك على قرارك.
5
تقول: أحبه ولا أعرف متى نستقر، هو مشغول لا يفكر فى الارتباط وغير مستعد!
أقول: عزيزتى سيقع عليكِ عبء تمييز نوع «عدم الاستعداد» الذى يمر به، هل هو مادى أو نفسى أم الاثنان معًا، وفى هذه الحالة الأمر ليس بمستحيل، لكن به قدر من الصعوبة يتوقف على سبب تردده فى اتخاذ القرار الارتباط.. المستمر، فإن قرر مصارحتك به فهذه بادرة جيدة تعاملى مع مخاوفه بعقل وحكمة، وإن قرر عدم المصارحة فأى محاولة منك لفرض الارتباط ستتحول بالنسبة له إلى قيود وأغلال سيتخلص منها عاجلًا أم آجلًا، وإذا كان عدم الاستعداد بسبب عدم الثقة فى مشاعره تجاهك فهذا هو المستحيل بعينه، عزيزتى الحب بالنسبة للرجل إما أبيض أو أسود، أما المنطقة الرمادية فهى لن ترضى من ترغب فى الاستقرار وبناء أسرة.
6
يقول: هى متحررة وأحبها بشدة لكنى أرفض تحررها!
أقول: الزواج فى مجتمعنا الشرقى هو حالة من الاندماج بين العائلات، فبالتالى عليك أولًا قياس مفهوم عائلتك للتحرر ومدى تقبلهم لشريكتك المستقبلية، الأمر الآخر هو مدى تقبلك لمفهوم التحرر فما تراه أنت غير لائق قد يراه غيرك أمرًا عاديًا، وفى النهاية الإنسان ابن بيئته وسيعود لها إن حاول التمرد عليها، فلا تبنِ حياة كاملة على افتراض أن فتاتك ستقبل بمفاهيمك وتطبقها طوال العمر، ولا يأخذك حب التملك لتدمير حياتها فأنت تراها بها عيب ما وغيرك قد يراها بلا عيوب، الحب لا يعنى إعادة تربية البشر وفق معتقداتنا.