السبت 5 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

من تعليق المعاهدات إلى حرب «البالونات» الأزمة الكورية تتخذ منعطفًا خطيرًا

يومًا تلو الآخر، وتتصاعد حدة التوترات داخل شبه الجزيرة الكورية، على غرار مواصلة «كوريا الشمالية» لاختبارات صواريخها الباليستية، فيما تقوم جارتها الجنوبية بزيادة وتيرة المناورات العسكرية بالتعاون مع «الولايات المتحدة».. ولكن، خلال الأيام القليلة الماضية، اتخذ التصعيد منحنى خطيرًا، جراء التعليق الكامل للاتفاقية العسكرية الشاملة بين البلدين، بسبب ما عُرِف باسم «حرب البالونات» بين الكوريتين.



تصعيد خطير

فى يوم الأربعاء الماضى، قالت مصادر عسكرية كورية جنوبية، إن «سول» قد تستأنف تدريبات المدفعية بالقرب من خط   ترسيم  الحدود العسكرية مع «كوريا الشمالية»، والجزر الحدودية الشمالية الغربية خلال هذا الشهر على أقرب تقدير،  موضحة أن قوات سلاح مشاة البحرية المتمركزة فى الجزر الحدودية الشمالية الغربية، تخطط لإجراء تدريبات إطلاق النار باستخدام مدافع (هاوتزر) ذاتية الدفع من طراز (K-9) لأول مرة، منذ ما يقرب من 6 سنوات.

ومن المتوقع -أيضًا- أن يستأنف الجيش الكورى الجنوبى تدريبات المدفعية فى 3 ميادين رماية تقع فى المناطق، التى كانت مخصصة سابقًا كمنطقة عازلة برية.. حيث قال مسئول فى الجيش الكورى الجنوبى، إن وحدات الجبهة الأمامية تحافظ على استعدادها، من أجل إجراء تدريبات المدفعية فى المنشآت بمجرد وضع خطط التدريب؛ وذلك بعد أن كانت التدريبات المدفعية، والبحرية، وكذلك المناورات الميدانية محظورة، بسبب المناطق العازلة البرية والبحرية التى أقامها الاتفاق العسكرى بين البلدين؛ كما تم تحديد مناطق لحظر الطيران بالقرب من الحدود، من أجل منع الاشتباكات العرضية للطائرات.

ويأتى قرار استئناف التدريبات فى المناطق العازلة بين البلدين، بعد أن علقت «كوريا الجنوبية» اتفاقية خفض التوتر العسكرى بين الكوريتين لعام 2018، إذ وافق الرئيس الكورى الجنوبى «يون سيوك-يول» على التعليق الكامل للاتفاقية العسكرية الشاملة مع الشمالية. 

 

 

 

ومع التعليق، أعلنت «كوريا الجنوبية» أنها ستستعيد جميع الأنشطة العسكرية بالقرب من خط ترسيم الحدود، وعلى جزرها الأمامية الشمالية الغربية.. حيث ستكون «سول» بذلك قادرة على استئناف التدريبات الميدانية بالقرب من الحدود،  كما يمكنها استئناف الحملات الدعائية عبر مكبرات الصوت ضد «كوريا الشمالية»، وهى أداة تعد ضمن الأدوات القوية والمؤثرة فيما يخص الحرب النفسية.

حرب البالونات

التحركات الكورية  الجنوبية  الأخيرة، التى يمكن وصفها بالعدائية ضد الشمالية، جاءت ردًا على حملة البالونات المحملة بالنفايات، التى أرسلتها «بيونج يانج» لجارتها الجنوبية، إلى جانب هجمات التشويش على نظام تحديد المواقع العالمى (GPS) فى الأيام الأخيرة؛ وهى تحركات كانت نقطة تحول أخرى فى مرحلة تصعيد التوترات بين الجانبين.

وقال الجيش الكورى الشمالى يوم الأحد الماضى، إنه أرسل نحو 720 بالونا يحمل النفايات إلى «كوريا الجنوبية»، كما واصل التشويش على إشارات النظام العالمى لتحديد المواقع (GPS) لمدة 5 أيام متتالية ضد الجارة الجنوبية.

وكانت البالونات الساقطة داخل الأراضى الكورية الجنوبية تحمل قطعًا مختلفة من النفايات، مثل: أعقاب السجائر، وبقايا ورق، والأكياس البلاستيكية وغيرها، وفقًا لبيانات هيئة الأركان المشتركة الكورية الجنوبية. 

وقال مسئول فى هيئة الأركان المشتركة الكورية الجنوبية لوسائل الإعلام فى بلاده، إن: «نحو 20 إلى 50 بالونًا يتحرك فى الساعة فى الهواء، وتسقط هذه البالونات فى «سول»، وإقليم «جيونججي»، وإقليم شمال «تشونج تشيونج»، وإقليم شمال «جيونج سانج».

كما نصحت الهيئة الكورية الجنوبية الناس بعدم لمس هذه البالونات، وإبلاغ السلطات العسكرية، أو الشرطة القريبة منها؛ محذرة من الأضرار المحتملة منها. 

جاء ذلك، بعد وابل آخر من بالونات النفايات والفضلات، التى شملت نحو 260 بالونًا إلى الجنوب يومى الثلاثاء والأربعاء من الأسبوع الأسبق، ما وصفه وزير الدفاع الكورى الجنوبى بتصرف تافه ودنيء بشكل لا يمكن تصوره، معتبرًا أن هذا ينتهك حدود الاتفاقية بين الجانبين، فيما نددت السلطات الكورية الجنوبية، والأمريكية بتحركات «بيونج يانج» التى وصفتها بالعدوانية.

ويماثل عدد البالونات الأخير، إجمالى عدد البالونات التى تم رصدها سنويًا فى الفترة بين عامى 2016 و2017.

 

 

 

من جانبها، أكدت «كوريا الشمالية»، أن البالونات كانت ردًا على حملة دعائية مستمرة يقوم بها نشطاء من «كوريا الجنوبية» دأبوا على إرسال بالونات -أيضًا- عبر الحدود، محملة بمنشورات مناهضة لبيونج يانج، ومعها طعام، ومال، وغيرهما.

كما وصفت «كيم يو جونج» شقيقة الزعيم الكورى الشمالى، البالونات التى أرسلتها بلادها بأنها «هدية إخلاص»؛ متعهدة بإرسال عشرات أمثالها حال استمرار التصعيد.

ولكن، ما لبثت أيام قليلة على تصريحات المسئولة الكورية الشمالية، حتى أعلن نائب وزير الدفاع الكورى الشمالى «كيم كانج إيل» أن «بيونج-يانج» ستتوقف -مؤقتًا- عن إرسال بالونات مملوءة بالنفايات، لأنه كان مجرد رد على المنشورات المناهضة لكوريا الشمالية، موضحًا أن بلاده أرسلت 3 آلاف و500 بالون، تحمل 15 طنًا من النفايات، باتجاه «كوريا الجنوبية» الأسبوع الماضى.

هدم الصلات

الأزمة المتفاقمة بين البلدين لم تتوقف عند هذا الحد، إذ أفادت وكالة الاستخبارات الكورية الجنوبية يوم الأربعاء الماضى برصد علامات على أن «كوريا الشمالية» قامت -مؤخرًا- بهدم بعض الأجزاء من خط السكة الحديدية «دونجهيه». 

كما نقلت صحيفة «دونجا إلبو» الكورية الجنوبية عن مصدر حكومى فى «سول» قوله، إنه تم رصد قيام «الشمال» بإزالة دعامات قضبان السكك الحديدية على الجانب الشمالى من خط «دونجهيه».

وفى الشهور الأخيرة، قامت «كوريا الشمالية» بزراعة ألغام، وإزالة أضواء الشوارع على طول جانبها من الطريقين النادرين الواصلين بين الكوريتين، وهما طريقا «جيونجوي» و«دونجهيه»، فى محاولة واضحة للإغلاق الكامل للطريقين البريين، اللذين كانا يعتبران فى السابق من رموز التعاون والتبادل بين البلدين.

وفى هذا الصدد.. تتوقع وسائل إعلام كورية جنوبية، أن تعقد «كوريا الشمالية» اجتماعًا برلمانيًا رئيسيًا قريبًا، من أجل مراجعة الدستور، من المتوقع أن يعرف فيه «كوريا الجنوبية» بأنها عدوها الرئيسى الثابت؛ كما توضح حدودها الإقليمية، بما فى ذلك الحدود البحرية.



فى النهاية، من الملاحظ تراجع العلاقات بين الكوريتين لنقطة متدهورة للغاية، فى ظل تصاعد حدة التوترات، والتى تنجم عما يحدث فى الكواليس من اتخاذ القوى الكبرى من شبه الجزيرة الكورية موقعًا آخر لإثبات نفوذها، وتحقيق مصالحها، حيث ينتمى البلدان لمعسكرات مختلفة بين (الشرق، والغرب).