الأحد 29 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

النكبة فى أرقام «الصمود» أساس القضية ولا عــــــزاء للمواقف الغربية

الفلسطينيون يحيون الذكرى الـ76 للنكبة، وهو الحدث الذى يمثل قلب النضال الوطنى، إلا أن هذه التجربة تتضاءل فى نواح كثيرة مقارنة بالكارثة التى تحدث الآن فى قطاع غزة.



وقالت وكالة الأسوشيتد برس إنه خلال النكبة، فر نحو 700 ألف فلسطينى، كانوا يمثلون أغلبية السكان فى هذا الوقت، من منازلهم وبلدانهم أو تم إخراجهم منها قسرا قبل وأثناء حرب عام 1948.

 

وبعد الحرب، رفضت إسرائيل السماح لهم بالعودة حتى لا يكون هناك أغلبية فلسطينية داخلها. وبدلا من ذلك، أصبحوا مجتمع لاجئين دائما يتجاوز عددهم الآن نحو 6 ملايين، يعيشون فى بعض الدول العربية. وفى غزة يمثل اللاجئون وأحفادهم نحو ثلاثة أرباع السكان. ويعد رفض إسرائيل لحق الفلسطينيين فى العودة أحد المطالب الرئيسية فى الصراع العربى - الإسرائيلى.

والآن، يخشى كثيرون من الفلسطينيين تكرار تاريخهم المؤلم على مدى أكثر كارثية. ففى مختلف أنحاء غزة، كان الفلسطينيون فى الأيام الماضية يتكدسون فى السيارات وعربات الكارو أو سيرا على الأقدام نحو مخيمات مزدحمة بالفعل مع توسيع إسرائيل هجومها. وهذه الصور لجولات عديدة من الإخلاء الجماعى خلال الحرب المستمرة منذ 7 أشهر مشابهة إلى حد كبير بالصور الأبيض والأسود التى تعود إلى عام 1948.

وقد شكلت النكبة أكبر عملية تطهير عرقى شهدها القرن العشرون، حيث شرد ما يربو على 957 ألف فلسطينى قسرًا من قراهم ومدنهم بقوة السلاح والتهديد من قبل العصابات الصهيونية إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، من أصل مليون و400 ألف فلسطينى كانوا يقيمون فى فلسطين التاريخية عام 1948، وتم إحلال اليهود مكانهم.

ووفقا لجهاز الإحصاء الفلسطينى، فإن عدد الفلسطينيين فى فلسطين وخارجها تضاعف نحو 10 مرات منذ نكبة عام 1948.

وأضاف إنه بالرغم من تهجير نحو مليون فلسطينى فى العام 1948 وأكثر من 200 ألف فلسطينى بعد حرب يونيو 1967، فقد بلغ عدد الفلسطينيين المهجرين فى العالم 14.63 مليون نسمة فى نهاية العام 2023».

وأضاف «يقيم 5.55 مليون منهم فـى دولة فلسطين، وحوالى 1.75 مليون فلسطينى فى أراضى 1948، فيما بلغ عدد الفلسطينيين فى الدول العربية حوالى 6.56 مليون فلسطينى، وحوالى 772 ألفا فى الدول الأجنبية».

وبذلك بلغ عدد الفلسطينيين فى فلسطين التاريخية حوالى 7.3 مليون فلسطينى فى حين يقدر عدد اليهود نحو 7.2 مليون مع نهاية العام 2023، مما يعنى أن عدد الفلسطينيين يزيد على عدد اليهود فى فلسطين التاريخية.

ويستغل الاحتلال الإسرائيلى أكثر من %85 من المساحة الكلية لفلسطين التاريخية، كما تم تشريد ما يزيد على مليون فلسطينى من أصل 1.4 مليون فلسطينى كانوا يقيمون فى فلسطين التاريخية عام 1948.

وأوضح البيان أنه فى عام 1948 «سيطر الاحتلال الإسرائيلى على 774 قرية ومدينة فلسطينية، 531 منها تم تدميرها بالكامل، فيما تم إخضاع المتبقية إلى كيان الاحتلال وقوانينه».

وأضاف: «صاحب عملية التطهير هذه اقتراف العصابات الصهيونية أكثر من 70 مجزرة بحق الفلسطينيين أدت إلى استشهاد ما يزيد على 15 ألف فلسطينى».

وبشأن أعداد القتلى الفلسطينيين فى الصراع المستمر مع إسرائيل من 76 عاما، ما يزيد على 134 ألفًا استشهدوا دفاعا عن الحق الفلسطينى منذ نكبة 1948.

وقد بلغ عدد الشهداء منذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 وحتى 30 أبريل 2024 حوالى 46500 شهيد، كما أن هناك نحو 35 ألف شهيد خلال العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى السابع من مايو 2024.

من بين الضحايا فى غزة «أكثر من 14873 طفلا و9801 امرأة، إلى جانب أكثر من 141 صحفيًا، فيما يعتبر أكثر من 7000 مواطن فى عداد المفقودين معظمهم من النساء والأطفال، وذلك وفقا لسجلات وزارة الصحة الفلسطينية فى قطاع غزة.

أما بخصوص الضفة الغربية فقد سقط فيها 492 شهيدا منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلى فى السابع من أكتوبر 2023.

 اتهامات وادعاءات

كل أشكال العنصرية قولًا وفعلًا التى أظهرتها قطاعات عريضة ومختلفة فى دولة الاحتلال من سياسيين ورجال دين وأكاديميين وعسكريين وقادة وجنود على حد سواء ضد الشعب الفلسطينى فى غزة، ما يمكن أن يوصف بتجريد الشعب الفلسطينى من إنسانيته، قد كشفت نزعة التفوق العنصرية عند الاحتلال الإسرائيلى، وهذا يدحض ويرد كل الاتهامات والادعاءات نفسها التى تكيلها دعاية دولة الاحتلال ضد ما يصفونه بممارسات عنصرية من الفلسطينيين والعرب والمسلمين بحق اليهود طوال العقود الماضية.

وكأن التاريخ يعيد نفسه فى مشاهد عدة للصراع حول فلسطين، فالغطاء الدولى المنحاز للمعتدى دون الاكتراث للمعايير السياسية والقانونية والإنسانية يتكرر هذه الأيام من الدول نفسها، وعلى أيدى أحفاد اللاعبين السياسيين أنفسهم منذ ثمانية عقود خلت وقبلها.

لم تصدر إدانة صريحة من الاتحاد الأوروبى للمجازر، رغم أن القتل فى الشعب الفلسطينى مستمر على مدار سبعة أشهر، ولم يقترب من اعتبار ما يجرى إبادة جماعية وتطهيرًا عرقيًا.

حتى على المسرح الدبلوماسى، كان أداء الولايات المتحدة المنحاز بشكل سافر، واستخدام حق النقض «الفيتو» عدة مرات لمنع طلب الوقف الفورى للعدوان رغم مشاهد القتل، رغم استخدام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش صلاحياته بتفعيل الفصل السابع فى مشهد نادر لطلب التدخل لحماية الشعب الفلسطينى، لكن واشنطن استخدمت «الفيتو» لإجهاض مشروع القرار، وهذا يقدم مقاربة لمشاهد الأمم المتحدة (ومناورات واشنطن على الدول الصغيرة) التى أدت لصدور قرار التقسيم الظالم عام 1947 الذى أفضى لقيام دولة الاحتلال، بشكل سهّل مهمة تمكين دولة الاحتلال فى فلسطين وإعطاء غطاء لكل جرائمها.

  التكنولوجيا والقضية

فحالة الوعى عند الشعب الفلسطينى بحقيقة المؤامرة ومخطط التهجير، ومعه يأتى التمسّك بالحقوق والعمل على استرجاعها بكل الوسائل التى شرعتها القوانين الدولية، وتماسكه شعبيًا حول خيار مقاومة المحتل، وهذا الحد الأدنى مما كفلته له القوانين كافة، ومعه يأتى وعى الدول العربية بمسلسل التهجير ورفضه، كل ذلك قد أسقط خيار التهجير والترحيل القسرى وصعّب مهمته، ولم يعد مشهد الـ48 سهل المنال.

فى الجانب الوطنى الفلسطينى أيضًا، تعاظم الفعل الفلسطينى فى شتى المجالات، ومع تطوُّر حضور الفلسطينيين حيث كانوا فى العالم، كان لذلك الأثر فى تصعيب مهمة تحرُّك دولة الاحتلال فى إنفاذ مخططاتها.

ومع الإعلام المفتوح وتكنولوجيا المعلومات وتحوُّل العالم كما يقال (لقرية صغيرة) ومجتمع واحد، انفتح على نفسه، لم تعد أدوات التأثير والتحكم حكرًا على الدول والجهات الرسمية، أو أن يستطيع طرفٌ أن يتحكمَ فى تفاصيلِ المشهد العالمى بشكل شاملٍ. ومع تكشف الحقائق وتطور الوعى العالمى، تحول هذا إلى فعل مضاد للمخطط التآمرى على الشعب الفلسطينى، وتمظهر ذلك بأشكال تضامنية متماسكة وقوية التأثير وضاغطة، كان آخرها احتجاجات الجامعات فى أمريكا وأوروبا التى لحقت عشرات آلاف المظاهرات التى عمَّت شوارع عواصم ومدن العالم طوال الأشهر الماضية ومنذ السابع من أكتوبر.

 مجازر أكثر

يستخدم الاحتلال الإسرائيلى التجويع كأسلوب حرب، حيث يمنع عمدًا إيصال المياه والغذاء والوقود والمساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة.

كما شنت قوات الاحتلال الإسرائيلى 8 ضربات على الأقل على قوافل ومبان لعمال الإغاثة فى غزة منذ 7 أكتوبر الماضى، دون تحذيرات مسبقة.

وقالت منظمات مدنية إنه ينبغى على إسرائيل إعلان نتائج التحقيقات فى هجمات أدت لمقتل وإصابة عمال إغاثة أو مدنيين.

وأكدوا أن استهداف الجيش الإسرائيلى قافلة المطبخ المركزى العالمى والذى أدى لمقتل 7 عمال ليس مجرد خطأ.