السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
وداعًا المبهر العظيم صلاح السعدنى

وداعًا المبهر العظيم صلاح السعدنى

يعز عليّ كثيرًا أن أكتب رثاءً أنعى فيه صديق عُمْر جمعنى به زمنٌ جميل منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضى فلمست فيه ودًا مخلصًا وصُحبة حميمة وافرة، وقد كان بازغ الموهبة.. حلو الشمائل ساطع الحضور مفوهًا عظيمًا ومثقفًا أديبًا طاغيًا فى بديهية الفكهة المتفردة.. حكاء بليغ لا يُشق له غبار.



 

كان لقائى الأول به حينما سعيت أن يلعب دور البطولة لأول مسلسل تليفزيونى أكتب له القصة والسيناريو والحوار بعنوان «المصيدة» بمشاركة «هناء ثروت» و«إبراهيم سعفان» وهو مسلسل كوميدى تدور أحداثه فى عشر سنوات من حياة زوج وزوجة يعكس التطورات والتغيرات العاطفية والإنسانية التى تطرأ على هذا الحب الذى يبدأ ملتهبًا وينتهى بحالة من الملل والإعياء، والحقيقة أنه قدم دورًا ساخرًا من أجمل أدواره دون مبالغة فأثار الضحكات من خلال طبيعة الموقف الدرامى وليس عن طريق ابتزاز المتفرج بافتعال الضحك الخشن والزغزغة».

ثم جمعنى به الفيلم التليفزيونى الشهير «فوزية البورجوازية» عن قصة للساخر الكبير «أحمد رجب» وإخراج «إبراهيم الشقنقيرى» وبطولته مع «إسعاد يونس» و«أبوبكر عزت» و«نبيلة السيد»، وقد أسعدنى كثيرًا أنه تم اختياره مؤخرًا ضمن قائمة أفضل مائة فيلم كوميدى فى تاريخ السينما المصرية من خلال مسابقة أجراها «مهرجان الإسكندرية السابق» بين مجموعة من أبرز النقاد، وقد نجح الفيلم نجاحًا كبيرًا وأشعل ضجة صاخبة بين المثقفين أصحاب الانتماءات اليسارية واليمينية بين مؤيد ومُعارض.. وقدم من خلاله «صلاح السعدنى» إبداعًا مدهشًا لم يسبق له مثيل.. من خلال براعته فى التناول الرائع للأبعاد الاجتماعية والنفسية والإنسانية والسياسية للشخصية.. وفهمه الدقيق لطبيعة الصراع المحتدم «الساخر» فى كوميديا سوداء عميقة المحتوى..

وكان اللقاء الثالث بينى وبين «صلاح السعدنى» فى مسلسل «عمارة يعقوبيان» فى شخصية «عزام» الذى بدأ حياته ماسحًا للأحذية.. ثم اختفى سنوات طويلة.. ثم ظهر فى الثمانينيات فى زمن الانفتاح وقد أصبح ثريًا يمتلك كثيرًا من محال الأحذية فى شارع «طلعت حرب».. والمسلسل يطرح انقلاب موازين المجتمع المصرى فى تلك المرحلة الزمنية العاصفة.

وقد امتلك «السعدنى» مفاتيح أداء الشخصية وساعدته موهبته الساطعة وثقافته العريضة وقدرته المبهرة فى التلون الأدائى على خلق الإحساس المطلوب والانفعال المناسب لإبراز المغزى أو المضمون الذى تسعى إليه الدراما التراچيدية  التى تحتوى على مفارقات عاصفة.

وداعًا الفنان والصديق الذى لن يجود بمثله زماننا الضنين.