الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
أنا وقلمى.. حتى لا نندم

أنا وقلمى.. حتى لا نندم

كتب العالم السويدى «بير يوهانسون» والذى قام بتدريس مادة الاجتماع فى جامعة «ستوكهولم» مقالًا لكبار السن، عن تجربته الشخصية بعد تقاعده عن العمل والتدريس فى الجامعة بعنوان (الربع الأخير من العمر) قال فيه «بالأمس كنت طفلًا صغيرًا، واليوم أتساءل أين ذهبت سنوات العمر؟ أعلم أننى عشتها وأتذكر لمحات عن آمالى وأحلامى فيها، ولكن فجأة اكتشفت أنى أعيش الربع الأخير من حياتى الآن، وهذا الاكتشاف أدهشنى، وسألت نفسى أين ذهبت تلك السنين؟ ومتى وإلى أين غادر شبابى؟ وكم قابلت وعرفت من كبار السن طوال حياتى؟ وكم كنت أعتقد أن الشيخوخة التى اتصفوا بها بعيدة عنى؟ ذلك وقت ما كنت فى الربع الأول من رحلة العمر، وكان هذا الربع الرابع بعيدًا عنى، لدرجة أننى لم أتمكن من تخيل كيف يمكن أن يكون حين أبلغه، ولكن ها هو الربع الرابع قد اقتحم بابى، وتجاوز أعتابى وسلبنى شبابى، وأصبح أصدقائى متقاعدين، وأصبحوا شيبًا يتحركون ببطء، ويسمعون بعسر ويفهمون بمشقة، بعضهم أفضل منى وبعضهم أسوأ، ولكنى أرى التغيير الجسيم فى أحوالهم، ليسوا مثل الأشخاص الذين أتذكرهم، ونحن الآن أولئك الأشخاص (كبار السن)، الذين اعتدنا على رؤيتهم، ولم نتخيل يومًا أننا سنكون مثلهم، واليوم أصبحت أرى أن مجرد الاستحمام هو هدف حقيقى لهذا اليوم، والقيلولة لم تعد اختيارية بعد الآن، بل إنها إلزامية، لأننى إن لم آخذ قيلولتى بمحض إرادتى، فإننى سأغفو حيث أجلس، وهكذا أدخل الموسم الجديد من حياتى غير مستعد للأوجاع والآلام، وفقدان القدرة على القيام بأشياء كنت أتمنى أن أفعلها، ولكنى لم أفعلها أبدًا، وكم ندمت على أشياء كنت أتمنى لو لم أفعلها، وكم ندمت على ما كان يجب أن أفعله، ولم أفعله، كما اكتشفت أن هناك العديد من الأشياء التى أسعدنى القيام بها خلال ما مضى من العمر، لذا - ومازال الحديث للعالم السويدى- إن لم تكن فى الربع الأخير من عمرك بعد، دعنى أذكرك أنه سيأتيك أسرع مما تتوقع، لذلك كل ما ترغب فى تحقيقه فى حياتك افعله بسرعة، افعله اليوم افعله الآن، وعش اليوم بشكل جيد، وتمتع بيومك، افعل شيئًا ممتعًا، وكن سعيدًا، وتذكر أن الصحة هى الثروة الحقيقية وليست قطع الذهب والألماس والقصور، يجب أن تعلم وأن تضع فى اعتبارك أن الخروج من البيت جيد ولكن العودة إليه أفضل، ستنسى بعض الأسماء فلا بأس، لأن بعض الناس نسوا أنهم يعرفونك أصلًا، والأشياء التى اعتدت على القيام بها لم تعد مهتمًا بها بعد الآن، وأنك ستنام على الكرسى أثناء الفرجة على التليفزيون، ستنام بشكل أفضل مما لو كنت نائمًا فى سريرك، ستستخدم الكلمات القصيرة مثل «نعم، ولا، وماذا، ومتى» كما أنك ستتحسر على الملابس الكثيرة فى الخزانة، نصفها لن ترتديها أبدًا، وسيكون كل شىء قديم له قيمة أكثر من ذى قبل فى حياتك مثل الأغانى والأفلام القديمة، والأكلات أيام زمان، والأصدقاء القدامى». ويختتم العالم بيير مقاله بقوله: نحن نعلم جيدًا أننا لن نستطيع أن نضيف وقتًا إلى حياتنا، ولكننا يمكن أن نضيف حياة إلى وقتنا.



وهنا انتهى كلام العالم الجليل، وحتى لا يندم العديد منا - ممن يعيش حتى ربع قرن بعد سن التقاعد التقليدى - يجب عدم الاستسلام إلى فكرة أن التقدم بالعمر يقربنا من النهاية، وذلك من خلال التركيز على الإيجابيات والاستمتاع بثمار الشيخوخة من خبرة وحكمة، والبحث عن قدوة من خلال محاولة إيجاد الأشخاص الذين يعيشون الشيخوخة بطريقة إيجابية، ومحاولة محاكاة أسلوبهم، والاستمتاع بالوقت الحاضر من أجل التغلب على القلق من المستقبل، وممارسة رياضة التأمل للمساعدة على البقاء فى المكان والزمان المناسبين، وأخيرًا لا يوجد أحد يعيش للأبد، لذا يجب الاستفادة القصوى من كل لحظة فى حياتنا.