الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
روزاليـــوسف مع ولعى

روزاليـــوسف مع ولعى

فى عددها الخمسة آلاف أجلس تحت وارف أغصانها وعند جذعها العتيق العريق وأستظل بظلها العريض الدفىء، أرنو أن تُساقط رطبًا من عمر وتاريخ الصحافة المصرية ، يروى ويطعم.. 



«روزاليوسف» شجرة الصحافة المصرية التى بايعنا كلنا عندها هذه المهنة..

 

منا مَن بايع وعاهَد وبويع، ومنا مَن بايع وباع، ومنا مَن بايع واستبيع، ومنا مَن ودع ومَن أودع ومَن رحل ومَن غادر، ومنا الطيب والبُعبُع..

سنوات أيتها المَدرسة المَعبد والمؤسَّسة المَعهد ومجلة التجلى؛ مرّت وعبرَت أمامنا وأحيانًا فوقنا وأنتِ خالدة بالتاريخ والحاضر يأتوكِ صحفيون على كل ضامر فتبيحين بالسّر لمَن أردتِ وتُسرين بالبوح لمَن شئتِ.. 

أنا ابنُ هذه المَدرسة وتلميذها ونقشتُ اسمى على كثير من دِككها (مَكاتبها) ولى فيها على جدرانها قلوب مرسومة وفى ممراتها مماشى للأحزان والأحلام، وكم مسحت الأيام فيها دموعى كما سمعت عنّى ضحكاتى.. أنا من صلصال هذه المَدرسة الذى عجنته وخبزته وعمدته ونفخت فيه من روحها، روح هذه المَدرسة، من النور والتنوير والشجاعة (والحماقة لا بأس)..

أنا حفيد هؤلاء الأجداد الذين عرفتهم ولحقت بأطراف وأطياف روحهم حية مرحة بين ضلوعهم وجلست مقرفصًا كالكاتب الجالس القرفصاء أمامهم أتلقى العِلْم والحلم وأدوّنه على صفحات قلبى، وبعضهم ورثت عنه ما تركه وقد غادرنا من أثر وأثار ووصايا وودائع فى سيرته الشفهية عمّن رافقهم وفى سيرتهم المكتوبة فيما خطوه وخلدوه فى صفحات مجلدات المجلة.. 

أنا ابنُ الآباء الذين تلقونى منذ غربال السبوع فى الصحافة مُحاطا بالبخور وغناء  البرجلات ودعاء الأمهات فقوّمونى وأقامونى وجعلوا من عَلَقة الموهبة ونُطفة الثقافة عظامًا، كانوا كرامًا فكسونا العظام لحمًا، فكنت أصغر سكرتير تحرير مجلة فى مصر ولم أصل من العشرين عمرًا وأوصلونى إلى مكان أكون فيه مكانة، فأصير أصغر رئيس تحرير فى مصر وقتها ولم أكمل الثلاثين سنًا.. 

ويمضى بى العمر حتى أوشك الستين شيبًا ولا تزال هذه المجلة تنقش فى قلبى كأصابع أمّى على كحك عشية عيد وتنقر فى صدرى كعصافير جنينة بيتنا صبيحة شم النسيم.. 

عددت دقات قلبى الولعة الوجلة القلقة التى عشتها فى «روزاليوسف» حين نجحت ويوم عشقت وحين هوجمت ووقت هُدِّدت بالاغتيال وأيام فزت ولحظات انهزمت وحين وقفت على سلمها أنتظر حبًا ولما وقفت عند بابها أودع قلبًا ولما كبرت فكابرت وغادرت لعددت خمسة آلاف عدد وزدت، من يترك روزاليوسف فإنها لا تتركه.. 

 وأنا الروزاليوسفى كريم العنصرين، عنصر الجد الذى أحيا وأبقى والأب الذى أنمى وربى.

عاشت بكم وعاشت لنا.