الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
أنا وقـلمى .. الأزمة الاقتصادية.. والمتعففون

أنا وقـلمى .. الأزمة الاقتصادية.. والمتعففون

مما لا شك فيه أن شهر رمضان هذا العام جاء فى ظل ظروف اقتصادية صعبة أثرت فى الأسر الأولى بالرعاية من محدودى الدخل، وهو ما يتطلب تكاتف الأغنياء من ميسورى الحال لمساعدة هذه الأسر من خلال الصدقات والزكاة فى هذا الشهر الكريم وما بعد شهر الجود والكرم، ولا بد أن نذكر هنا أن الله سبحانه وتعالى قد قسم الأرزاق وفضل ناس على ناس لحكمة ما لا يعرفها إلا هو جل جلاله، فمنهم الغنى الذى دخله أكبر من احتياجاته ومنهم من هو فوق المتوسط الذى دخله يغطى احتياجاته ولديه فائض بسيط يكفيه ليعيش مرتاحًا، ومنهم المستور الذى يكفى نفسه بالكاد بمعنى أن دخله ومصروفاته متساويان، ومنهم الفقير الذى لا يملك أى شىء واعتماده كله على من حوله من الكرماء، وعندما تمر المجتمعات بظروف اقتصادية صعبة مثل الظروف الحالية التى يمر بها العالم كله بصفة عامة ومصر بصفة خاصة، تضيع كل الطبقات وكل طبقة تتأثر وينخفض مستواها درجة، والغنى سيظل غنيًا، ولكن ليس بالقدر الذى كان عليه قبل الأزمة، أما طبقة فوق المتوسط فسيقترب دخله كثيرًا من احتياجاته، ويضطر فى الاقتصاد والاستغناء عن بعض الرفاهيات فى حياته، أما الفقير فسيزداد فقرًا، وهناك المستور وهو أكثر الطبقات تأثرًا بالظروف الاقتصادية الحالية لأن دخله سيقل عن احتياجاته وسينتقل إلى مستوى آخر، لا هو فقير معدم ولا هو مستور كما كان، ذلك لأنه يعمل ولديه دخل ولكنه لا يكفى احتياجاته الأساسية، وفى شرع الله هذا النوع من الناس يسمى المسكين وحتى طبقة المساكين فيهم طبقات من أول العاملين فى الوظائف البسيطة المحدودة الدخل إلى الوظائف التى تبدو لنا أنها عالية، ولكن دخولهم لا تكفى حتى احتياجاتهم الأساسية، وهذه الفئة هى أكثر الطبقات المظلومة، حيث ينظر الناس إليهم على أن لديهم عملاً ودخلاً ثابتًا يستطيعون به تدبير أمورهم، ويرون أن الفقراء هم أولى بالرعاية وهو خطأ شائع لأن أى إنسان دخله لا يكفى متطلباته الأساسية يعتبر مسكينًا ممن جعلهم الله سبحانه وتعالى مصرفًا من مصارف الزكاة الثمانية (الفقراء، المساكين، العاملون عليها، المؤلفة قلوبهم، فى الرقاب، الغارمين، فى سبيل الله، ابن السبيل)، وإذا كان لكل إنسان منا حساباته وأولوياته فى الزكاة أو الصدقة فهو حر، ولكن ليس من حق أى أحد أن يمنع الزكاة عن أخيه الإنسان لمجرد أنه يعمل ولديه مرتب، ولا ننسى أن طبيعة عمل عدد كبير منهم خدمية تستلزم الاختلاط بالطبقات الميسورة والاحتكاك بهم، من عامل النظافة البسيط الذى يعمل فى المولات الكبيرة ويشاهد من يشترى قطعة ملابس صغيرة بأسعار تصل أضعاف مرتبه الشهرى، والعامل فى محطات البنزين من الشباب المكافح، ويرى أمامه سيارات فارهة وشبابًا مختلفًا عنهم فى المظهر والشكل وكل شىء، وشباب توصيل الطلبات للمنازل الذى يقوم بتوصيل وجبات غذائية مثلاً يصل ثمنها لألوف الجنيهات، بينما هو يعمل عدد من ساعات الليل والنهار ولا يستطيع توفير احتياجاته البسيطة، ورجل الأمن الذى يحرس المحلات والعمارات والفيلات ويشاهد بشر أغنياء يسكنون هذه الأماكن الفارهة، كل هؤلاء فى شرع ربنا سبحانه وتعالى مساكين، اجتمع فيهم ألم الإحساس بالفرق والحرمان، أما المسكين الذى قرر أن يكسب قوته بالحلال فله الله، علاوة على الفئة المجهولة منهم، وهى فئة المتعفف، التى كانت تعيش مستورة ولكنها أصبحت غير قادرة على تلبية احتياجات أولادها، ويتعففون من طلب المساعدة من أحد، ولكى نساعد هذه الفئة المتعففة، لدينا «الإكرامية» لمن نحتك بهم يوميًا مثل عامل النظافة وعامل محطة البنزين وغيرهم، أما الفئة الثانية من المتعففين فهم متواجدون فى كل أسرة وعائلة مصرية، ومعظمنا يساعدهم بشكل أو بآخر دون جرح مشاعرهم عن طريق العيدية فى الأعياد، أو نقطة الزواج أو المرض، يجوز فى هذه الحالات تخصيص جزء من الزكاة لهذه الأعمال الجليلة، دون المساس بكرامة وكبرياء هؤلاء المتعففين، وإذا كان ربنا سبحانه وتعالى فضل ناسًا على ناس فى الرزق، فهو جل جلاله فضلهم على أن لهم اليد العليا لمساعدة الفقراء والمساكين فى الظروف الصعبة، والحمد لله أن عاداتنا وتقاليدنا كمصريين هى التى تحثنا على مساعدة المحتاج دون جرح مشاعره أو كبريائه.. وتحيا مصر.