طارق الشناوي
كلمة و 1 / 2.. (الحشاشين).. عامية أم فصحى؟!
من الذي منح نفسه الحق فى إطلاق قاعدة ضرورة استخدام اللغة العربية الفصحى فى الأعمال التاريخية؟!
جزء كبير من التراث الإذاعى فى المسرح العالمى تحديدًا، الذي كانت تقدمه الإذاعة المصرية فى (البرنامج الثقافى) والذي كان يحمل فى الماضى اسم (البرنامج الثانى)، كنا نستخدم فيه اللغة الفصحى فى الحوار وليس العامية وتصور البعض من فرط تكرارها أنها قاعدة ملزمة.
كان لدينا عدد من كبار فطاحل الممثلين يشاركون فى هذه الأعمال الدرامية لإجادتهم الفصحى، وهم غالبًا من خريجى معهد المسرح الدفعات الأولى، حيث كانت دروس الإجادة اللغوية واحدة من أهم المقررات.
توارثنا ما كنا نقدمه فى الإذاعة وأصبح واحدة من معالم الدراما التاريخية وبالطبع الدينية، ومع دخول التليفزيون عام 1960 صارت قواعد راسخة، بل مع الزمن أصبحنا من فرط تكرارها نسخر منها فى الأعمال المسرحية الهزلية جملة مثل (ثكلتك أمك) صارت مع الزمن (إيفيه) كوميديًّا، مع شقيقتيها (عمت صباحًا) و(عمت مساءً).
نحن الذين وضعنا القاعدة وأصبحنا مع الزمن خاضعين لها، الخروج عليها صار صادمًا، وهو ما حدث مثلاً فى العام الماضى مع مسلسل (الإمام الشافعى)، لأننا بطبعنا عندما نألف شيئًا نجد صعوبة فى تغييره، وهذا هو بالضبط ما واجه مسلسل (الحشاشين) فى الحلقات الأولى وأغفلنا القاعدة الأولى فى تلقى الأعمال الفنية والتي تقضى أنه من حق صانع العمل الفنى وضع القانون، وأعنى هذه المرة كلاً من الكاتب عبد الرحيم كمال والمخرج بيتر ميمى، وضعا القاعدة فى ( الحشاشين)، والتي تقضى أن الشخصيات سوف تنطق باللهجة العامية، وهو ما سبق أن قدمه مثلاً المخرج يوسف شاهين فى فيلم (المصير).
قبل أشهر قلائل شاهد العالم فيلم المخرج ريدلى سكوت الأخير ( نابليون)، أغلب مشاهدة فى فرنسا، ورغم ذلك كل الشخصيات تتحدث الإنجليزية، ولم يعترض أحد حتى فى فرنسا.
إنه اتفاق ضمنى بين صانع العمل الفنى والجمهور، مع الأخذ فى الاعتبار أن العامية درجات، وكل شخصية تستخدم مفردات تليق دراميا بها، كما يجب البعد عن استخدام الكلمات المستحدثة، لأنها تشير إلى زمن حالى نعيشه وليس هذا مطلوبًا على الإطلاق، سيتحول الحوار بعدها إلى حالة هزيلة، ولا أشك أبدًا أن عبدالرحيم كمال مؤكد يضع ذلك ضمن قواعده فى اختيار حوار كل الشخصيات.
مثلا هناك بعض كلمات صار الشارع يستخدمها فى السنوات الأخيرة، أو خلال الألفية الثالثة، لا يجوز استخدامها لأنها ستتحول على الفور إلى مشهد ضاحك.
لو تصورت مثلاً أن حسن الصباح يقول لعمر الخيام (فكك منه) أو(شبرقه بقرشين)، سوف ننتقل إلى حالة أخرى، القضية ليست أبدًا فصحى أم عامية، ولكن قدرة على اختيار المفردات التي لا تجرح الحالة، وأرى أن استخدام العامية أصعب لأن المحاذير متعددة.
(الحشاشين) هو الأضخم إنتاجيًا على المستوى المصري فى تاريخ الدراما، ولكن هذا لا يمنحه ميزة بقدر ما يجعل التحديات كثيرة.
لا أشك لحظة واحدة أن الإخوان سوف يناصبون العداء لهذا المسلسل، لأن ضمن رسائله فضح الاتجار بالدين، ولهذا بدأوا فى إرسال قذائفهم المبكرة والاستباقية إليه وهذا ما يستحق مقالاً قادمًا!