الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
سلام عليك أيها الزمن الجميل

سلام عليك أيها الزمن الجميل

فى 15 مايو 1926 تقدم أحد طلبة القسم العالى بالأزهر ببلاغ إلى النائب العام يتهم فيه د.طه حسين أنه ألف كتابًا سماه «فى الشعر الجاهلى» ونشره على الجمهور وفيه طعن صريح فى الدين.. وبعد أسبوع واحد تقدم فضيلة شيخ الأزهر إلى النائب العام ببلاغ آخر مرفق به تقرير علماء الجامع الأزهر عن الكتاب وطلب تقديم المؤلف للمحاكمة.. ثم تقدم النائب «عبدالحميد البنان» بطلب إلى مجلس النواب بتكليف الحكومة بمصادرة وإعدام الكتاب وتكليف النيابة العمومية برفع الدعوى على مؤلفه وإلغاء وظيفته فى الجامعة.



وقد توقع الجميع عند مناقشة طلب النائب فى مجلس الامة أن ينحاز إليه النائب الوفدى الكاتب الكبير «عباس العقاد» وأن يكون موقفه من الكتاب ومن مؤلفه هو موقف الخصومة التامة لأسباب كثيرة أولها منافسة «طه حسين» له وهذه هى فرصته فى القضاء عليه.. وثانيها لأنه كان فى ذلك الوقت كاتب الوفد الذى سماه «سعد زغلول» بالكاتب الجبار.. والوفد هو الحزب المناهض للحزب الذى ينضم إلى صفوفه «طه حسين» والمعروف بحزب «الأحرار الدستوريين».. وثالثها هذا الإجماع الذى اتفق على أن طه حسين استفز المشاعر - كما قيل فى ذلك الوقت- بالتطاول على بعض المقدسات.. لكن رغم ذلك لم يتنكر العقاد لمبادئه.. وانتصر لحرية الفكر والرأى والتعبير فانبرى مؤيدًا لطه حسين مؤكدًا أن حرية الفكر هى حرية التعبير عن الشخصية الإنسانية بكل ما تشمل من حس وإدراك وخلق عن حرية الحياة أو حرية الوجود.. والفكرة التى لا ترى ضوء الشمس هى فكرة ميتة أو هى فكرة حية.. لكن حياتها هى سبب الألم والفساد. وبمناسبة «العقاد»... خد عندك أيضًا:

شاعر شاب مغمور يأتى من دمياط إلى القاهرة ليعرض على «عباس العقاد» ديوانًا من الشعر كتبه ويريد رأى الأستاذ الكبير فيه.. وكان وقتها «عباس العقاد» شاعرًا كبيرًا وأديبًا مشهورًا... سر «العقاد» كثيرا بما نظمه الشاب من شعر وهنأه بهذه الخطوة الجديدة التى تبشر بمستقبل طيب فى عالم الشعر.. بل لقد فوجئ الشاب بأبيات من الشعر كتبها «عباس العقاد» ووضعها فى الصفحة الأولى من ديوان الشاعر الذى كتبه بخط اليد... والأبيات عبارة عن مديح تمثل فيها الإحساس الشعرى الصادق أجمل تمثيل.. قال:  لك شعر حكى سريرة نفسى/ ركبت من صراحة ونقاء/ جبلت كالفراش فى أمة الطير/ أنت يا «طاهر» الفؤاد جدير/ من محبيك بالرضا والثناء/ لك يوم موف بأجل سعى/ غد مقبل بخير ورحباء.. 

ثم نشر الشاعر الشاب «طاهر الجبلاوى» الديوان الجديد.. وفى مقدمته هذه الأبيات المتألقة للشاعر الكبير فى عام (1925).. 

فسلام عليك أيها الزمن الجميل.