الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أفلام ومسلسلات.. وثائقيات وبرامج.. وماسبيرو: منصة فكر وفن.. وترسيخ للهوية المصرية

وكأنك تسير بداخل أروقة قصور مصر القديمة أو تتجول فى شوارع المحروسة أو تُسحر عيناك بمشاهدة معالم فرعونية أصيلة لا يمكنك وقتها إلا أن تفكر أنك فى قلب مصر وفى مصر فقط.. هكذا هو الحال وأنت تتصفح محتويات المنصة المصرية «watch it» التى تحتضن مختلف ألوان الفنون المرئية المصرية سواء القديمة منها أو الحديثة أو ما بينهما.



 

هذه المنصة التى أطلقت فى شهر رمضان عام 2019 – عام الكورونا – والتى جذبت الملايين ممن أجبرهم الفيروس العنيد للمكوث فى منازلهم ولم يجدوا مفرًا من قضاء الوقت أمام الشاشات.

من هنا ظهرت «watch it» لتكون متنفسًا وملاذًا ترفيهيًا يهون من أزمة الاحتجاز الإجبارى بالمنازل ويخفف من ساعات الملل بمتعة مشاهدة عشرات الأعمال الفنية بين أفلام ومسلسلات ومسرحيات وبرامج ووثائقيات.

الغرض والنشأة

انتشار المنصات فى عام الكورونا كان التوقيت المثالى لظهور «watch it»، ولكن ضمان النجاح لم يكن هذا فقط سببه، بل كانت أسباب أخرى تتمثل فى ظهور منصة تعنى بالأعمال المصرية التى تهم الملايين من جمهور مصر والعالم العربى.. فما ظهر من منصات منافسة فى بلاد أخرى لم يكن يقدم الكثير من الإنتاجات المصرية التى تتجاوز آلاف الأعمال على مدار أكثر من مائة عام فى صناعة السينما وأكثر من نصف قرن فى إنتاج الأعمال الدرامية.. وحاجة المصريين لمشاهدة مئات الأعمال سواء حديثة الإنتاج أو القديمة منها والتى عشقتها الأجيال وكانت الوسيلة الوحيدة لمشاهدتها هى انتظار عرضها على القنوات وتحمل فواصل إعلانية مرهقة أو اللجوء لصفحات الإنترنت «المقرصنة» والتى سببت خسائر فادحة لأصحاب تلك الأعمال، بينما كان مطلقو تلك الصفحات يحققون مكاسب خيالية من الإعلانات التى كانت تأتيهم نتيجة الزحام على الدخول على صفحاتهم.

وعندما انطلقت «watch it» أصبحت المتعة كاملة بمشاهدة تلك الأعمال ليس فقط بشكل متواصل وفى أى وقت، ولكن أيضًا فى أفضل صورة بجودة عالية ودون أية مخاطر، حيث كانت صفحات القرصنة تتسبب فى كثير من الأحيان باختراق أجهزة مشاهديها.

وفى خلال عمرها القصير استطاعت المنصة أن تضاهى استراتيجيات المنصات العالمية بالمشاركة فى إنتاج الأعمال التليفزيونية والسينمائية وكذلك إنتاج سلاسل الوثائقيات والبرامج الترفيهية.

فكر وصناعة

الأعمال الحديثة التى تنتجها، أو تشارك فى إنتاجها أو تعرضها منصة «watch it» تؤكد أن هناك هدفًا من اختيار موضوعات ذات مضمون يحمل فكرًا ورؤية، وفى نفس الوقت تتسم بأسلوب فنى متميز يمنحها شكلاً متكاملاً على مستويات التمثيل والتصوير والمونتاج والموسيقى والإخراج بشكل عام.

اختيار النص واحد من أهم العناصر التى تهتم بها المنصة فى أعمالها. ومن هنا ظهر اختيار نص للكاتب الراحل الكبير «أسامة أنور عكاشة» وهو فيلم (الباب الأخضر) الذى أنتجته المنصة من إخراج «رءوف عبدالعزيز» والذى يعد النص الوحيد الذى أخذ من أعمال «عكاشة» بعد رحيله كما هو دون أن يتعرض لأى تدخل فى السيناريو من أى كاتب آخر.

أيضًا تم اختيار أعمال مأخوذة عن كتب حديثة لاقت رواجًا وشعبية كمسلسل (بالطو) المأخوذ عن رواية الطبيب الشاب «أحمد عاطف فياض» والتى نشرت تحت عنوان (بالطو وفانلة وتاب) وكذلك عرضت المنصة مسلسل (زينهم) المأخوذ عن رواية «د. محمد جاب الله» والتى صدرت بعنوان (أصدقائى الموتى.. شكرًا).

وللمنصة رؤية فنية فى الأعمال التى تقدمها يمكن تلخيصها بأنها تعنى بمختلف الأعمار، لكنها تولى اهتمامًا أكبر بفئة الشباب، من هنا جاء على سبيل المثال اختيار مسلسل (ريفو) بجزءيه كواحد من الأعمال الأصلية للمنصة.

وبتأمل حالة (ريفو) وأبطاله الذى جسد أدوارهم أعضاء فريق «كاريوكى» الغنائى نجد أن هذا الاختيار جاء لواحدة من أكثر الفرق الغنائية الشبابية تأثيرًا فى الشباب. فى نفس الوقت كان النص والحالة العامة للعمل يؤكد عدم تفصيل الأحداث خصيصًا لإقحام الأغانى، بل إن الرؤية الكاملة للشكل والمضمون تتناغم مع كون أبطال العمل هم فريق غنائى فى الأساس.. ليحقق المسلسل الذى عرض فى 2022 حالة أقرب لما حققها فيلم (آيس كريم فى جليم) عام 1992.

فى الوقت نفسه، نجد أعمالاً تناسب الأعمار الأكبر من الشباب كما فى مسلسل (وبينا معاد) أو (حدوتة منسية) وغيرهما.

ومن خلال الأعمال التى تنتجها وتعرضها «watch it» تم منح فرص البطولة المطلقة أو الأولى للعديد من الفنانين الشباب الذين أثبتوا قدراتهم فى أعمال نالوا فيها أدوارًا ثانية أو حتى ثانوية والمدهش أنهم نجحوا فى استغلال تلك الفرص وحققوا نجاحًا فى أعمالهم التى نالوا بطولتها ومن أهمهم «طه الدسوقى» فى (حالة خاصة)، «عصام عمر» فى (بالطو) و«حاتم صلاح» فى (على باب العمارة).

ولـ(حالة خاصة) الذى انتهى عرضه مؤخرًا، حالة خاصة جدًا شكلاً ومضمونًا، أما من ناحية الشكل فقد جاء المسلسل فى عشر حلقات فقط فى دعم وتشجيع لمثل تلك الأعمال المكثفة، ومن ناحية المضمون فإن فكر المسلسل يدعو لتشجيع أصحاب الحالات الخاصة للاندماج فى المجتمع واستغلال ما يمتلكونه من قدرات من الممكن أن تدفن بداخلهم إلى الأبد إذا تم التعامل معهم ظاهريًا فقط دون منحهم فرصة للحياة العادية.

ماسبيرو

من أجمل الباقات التى توفرها «watch it» مجموعة من الجواهر الفنية التى تأتى تحت عنوان (ماسبيرو) وبها نجد مجموعة من كلاسيكيات الأعمال الفنية المصرية من مختلف الفترات، بداية من الستينيات وحتى نهاية الألفية.. من خلال مسلسلات أو أفلام أو مسرحيات بالإضافة لمجموعة من السهرات التليفزيونية التى كان ينتجها التليفزيون المصرى حتى نهاية التسعينيات والأروع أن المنصة توفر حلقات لمواسم متعددة من فوازير رمضان.. اختارت المنصة عددًا من المسلسلات التى لاقت وما زالت تلقى نسب مشاهدة عالية من قبل الجمهور مثل روائع (ليالى الحلمية، رأفت الهجان، دموع فى عيون وقحة، حديث الصباح والمساء، المال والبنون، لن أعيش فى جلباب أبى.. وغيرها) ومن الأعمال القديمة مسلسلات مثل: (القط الأسود) و(الدوامة).. كذلك نجد مسلسلات توقف عرضها دون معرفة الأسباب مثل (مذكرات زوج، اتنين اتنين، مخلوق اسمه المرأة).. وغيرها الكثير.

أما فى قائمة المسرحيات فنجد مختلف الروائع المسرحية التى لا يمل منها الجمهور مثل: (ريا وسكينة، مدرسة المشاغبين، العيال كبرت، شاهد ماشفش حاجة)، بالإضافة لمسرحيات كلاسيكية لا تعرض كثيرا لـ«ثلاثى أضواء المسرح، فؤاد المهندس، إسماعيل ياسين، أمين الهنيدى ومحمد عوض».

وثائقيات

أما عن الأفلام والحلقات الوثائقية فتحرص المنصة على إنتاج وعرض كل ما له علاقة بمصر وتاريخها، سواء السياسى أو الثقافى. وأهم تلك الإنتاجات سلسلة (أم الدنيا)، ومجموعة من الأفلام القديمة والحديثة عن تاريخ مصر. ومجموعة من الوثائقيات عن شخصيات مصرية ملهمة فى مختلف المجالات منهم: «أحمد لطفى السيد، نجيب محفوظ، أحمد شوقى، أمل دنقل، سيد درويش، محمد عبدالوهاب، بليغ حمدى، صلاح أبو سيف ووحيد حامد».

بالإضافة إلى أفلام تسجيلية تدور موضوعاتها خارج حدود مصر منها (المدينة المحرمة، عنوان المراسلات، ومفاتيح العودة).

بث مباشر.. وبرامج

يمكنك من خلال «watch it» متابعة البث المباشر لأربع قنوات هى «القاهرة الإخبارية» ومجموعة قنوات روتانا وتحديدا «روتانا سينما، كلاسيك، وكوميدى».

كما تعرض المنصة مجموعة من البرامج التى حققت شعبية واستطاعت اكتساب ثقة الجمهور كـ(صاحبة السعادة، معكم منى الشاذلى، مصر تستطيع، باب رزق، سهرانين، SNL بالعربى، أمين وشركاه، أنغام وبيت مراد)، بالإضافة لجميع حلقات (الدوم).

وكذلك برامج صنعت خصيصًا للمنصة وتم عرضها لاحقًا على القنوات ومن أهمها (سولد أوت) تقديم الإعلامى الكبير «محمود سعد» الذى يضاهى من خلاله بعض البرامج العالمية التى يتم فيها استضافة فنان فى لقاء حى يحضره عدد كبير من الجمهور. وللحق، فإن شكل البرنامج هذا ابتكره التليفزيون المصرى عند نشأته فى الستينيات من خلال برنامج (نجمك المفضل) الذى كانت تقدمه الإعلامية الكبيرة «ليلى رستم».

ولا تغفل المنصة العودة لبعض البرامج الشهيرة التى عشقها الجمهور المصرى ومن أهمها حلقات (العلم والإيمان) لـ«د.مصطفى محمود»، (تجربتى) للإعلامى «طارق حبيب» و(فكر ثوانى واكسب دقايق) للإعلامية «نجوى إبراهيم»، (حق الجماهير) للإعلامية «فريال صالح» و(زووم) لـ«سلمى الشماع».

ولعشاق الرياضة تقدم المنصة بثًا مباشرًا لمباريات الدورى المصرى.

للطفل مكانة

ليس فقط لأن الأطفال صُناع المستقبل، ولكن أيضًا كرغبة فى ترسيخ الهوية المصرية بداخل كل طفل حُرم لسنوات من مشاهدة أعمال تخصه وتكون من إنتاج بلده.. تقدم المنصة مجموعة من الأعمال الخاصة بالأطفال فتعرض الكلاسيكيات التى كانت تقدم المبادئ الأساسية التى يجب أن يُربى عليها النشء فى أسلوب بسيط مثل مسلسلات: (بوجى وطمطم) و(جدو عبده) التى قدمها الفنان الكبير «عبدالمنعم مدبولى» و(عمو فؤاد) التى قدمها الراحل القدير «فؤاد المهندس» و(مغامرات السندباد البحرى) وأيضًا رائعة (بكار).

بالإضافة إلى ذلك تعرض الأعمال الحديثة والتى كان من أهمها حلقات (يحيى وكنوز، ديسكفرى، أسماء الله الحسنى ومن قصص الأنبياء).

والاهتمام بالطفل وتعزيز إدراكه ووعيه بجذوره وأصوله من أهم الأهداف التى طالما سعى إليها الآباء نتيجة انجذاب الأطفال لمختلف القنوات والأعمال الأجنبية التى تزرع أفكارًا لا تتناسب والأفكار والمبادئ المصرية أو العربية بشكل عام.

الخلاصة

بعد سنوات من انتشار المنصات بدأت تتضح الأفكار التى تسعى تلك المنصات لبثها فى عقول الجمهور ولكل منصة هدف وأفكار بعينها تدعمها وتنتقى من خلال القوة الناعمة الأعمال التى ترسخ لتلك الأهداف والأفكار فى أذهان المتلقين.. وبالطبع فإن الكثير من هذه الأفكار تتنافى مع القيم الاجتماعية والأخلاقية للكثير من الشعوب، خاصة الشعب المصرى والعربى بشكل عام.. من هنا كان توفير منصة تدعم الفكر والقيم الخاصة بالشعب المصرى ضرورة ملحة فى فترة ازداد بها تأثير المنصات الأخرى على الشباب والمراهقين.

منصة «watch it» تحقق نوعًا من زرع مبادئ الانتماء وترسيخ الهوية وتقدم أعمالاً حديثة هادفة وقوية فكرًا وفنًا لتعيد للفن المصرى مكانته وريادته وتعرض أعمالاً قديمة تذكر الناس بالقيمة الفكرية والفنية أيضًا لروائع السينما والدراما والمسرح وحتى البرامج المصرية.

ولا تغفل المنصة عن إحياء ذكرى ميلاد ورحيل رموز الفن المصرى بجمع أعمالهم فى ملفات واحدة حتى يبقوا فى ذاكرة الجمهور.. أيضًا الاحتفال بالمناسبات الوطنية وغيرها بجمع الأعمال التى تناولت تلك المناسبات..

ويبقى أفضل ما فى منصة «watch it» أنها ترضى جميع الأذواق والفئات العمرية المختلفة وتقدم أعمالاً ما بين الفكر والترفيه وتسعى للحفاظ على مكانة الفن المصرى وجذب أكبر عدد من الجمهور لمشاهدته والاستمتاع بإنتاجاته سواء الكلاسيكية أو الحديثة.