الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
زعيم ظرفاء عصره

زعيم ظرفاء عصره

كان أحمد رجب زعيم ظرفاء عصره، فمن خلال بابه «نصف كلمة» ونكاته الصارخة مع صديقه عبقرى الكاريكاتير «مصطفى حسين» أو قصصه القصيرة وشخصياته البديعة التى نسجها ببراعة وذكاء متقد من ملامح أناس يعيشون بيننا فى خليط عجيب ومتناقض ويشكلون فى النهاية مثالب مجتمع وأطماع بشر.



فى آخر كتبه الممتعة «يخرب بيت الحب» تتناول 171 موضوعًا عن مشاكل الحب والزواج المختلفة بين الزوج والزوجة فى إطار من الطرافة التى لا تخلو من عمق السخرية المبطنة بالمتعة الذهنية والفكرية والمفارفة الضاحكة فى التباين بين التركيبة النفسية للرجل والمرأة، وللأسف لم يحظ الكتاب باهتمام إعلامى أو نقدى يستحقه. 

فيما يتصل بمفارقة الحب والزواج يؤكد «أحمد رجب» فى موضوع «حرب الأمثال» أن الحب أيام جدتنا كان عارًا لأن المثل الشعبى يقرن الحب بالجريمة «إن سرقت اسرق جمل وإن عشقت اعشق قمر» فالعشق فى الزمن القديم يستحق العقوبة كالسرقة.. فإن أقدمت على العشق فليكن المعشوق عظيم الشأن جمالاً وفتنة حتى يهون ما سوف يصيبك من عقاب ولوم.. كما يضىء المثل الشعبى النور الأحمر للغانية التى هى بشدة براعتها فى فنون الإغراء والإغواء وتحريض الرجل على الاتصال بها «تتكحل بإبرة وتتمخط بمسمار» ويتضح أن الغالبية العظمى من أمثالنا الشعبية صناعة نسائية، ولذلك فهى تنحاز إلى وجهة نظر المرأة فهناك من أمثالنا حملة مستمرة على الزوج فهو فرعون فى المثل «اللى تحسبه موسى يطلع فرعون» وهو الحمار فى المثل «لما الحمار بيشبع بيبعزق عليقه» والخنزير فى المثل «شعرة من جلد الخنزير مكسب» وهو الأقرع فى المثل «جبت الأقرع يبوسنى كشف راسه وخوفنى» ومسكين كل أقرع وخنزير وحمار تزوج.. وتبدو المفارقة فى أنه إذا كانت الأمثال الشعبية صناعة نسائية فإن الأقوال المأثورة صناعة اخترعها الرجل ليرد بها على كيد المرأة.. إنها جزء من الحرب الأزلية بين الجنسين التى بدأت بالواقعة التاريخية الشهيرة بحادثة قطف التفاحة.. وتتخلل تلك الحرب فترات هدنة قصيرة جدا تعرف باسم الخطوبة وشهر العسل.. كما أنها حرب قتلى من الجانبين.. ويطيب للرجال فيها أن يطلقوا على ضحاياهم.. «شهداء الأكياس».. والأقوال المأثورة التى أطلقها الرجل فى حربه الإعلامية ضد المرأة لا تزعجها أبدًا.. بالعكس ارتاحت المرأة إلى هذه المقولات الرجالية التى تصورها مخلوقًا قويًا ومحيرًا وغامضًا وعلى دهاء عظيم، إذ قيل «فتش عن المرأة» فهذا شىء يسعدها لأنه يصورها كمحركة وحيدة للأحداث.. وأن الرجل ألعوبة فى يدها.. وإذا ابتعد عنها مات عطشًا.. فهذا يعنى أن حياته مرهونة برضاها.. وإذا قيل إن المرأة ذات دهاء وكيد عظيمين فهذا يعنى ببساطة أن الرجل كائن عبيط.

أما على المستوى الفكرى فإن أحمد رجب يرى أن الرجل احتكر هذا النشاط العقلى فى عصور تخلف المرأة فكتب عنها ما يشاء وأعطى لنفسه حق إصدار الأحكام المطلقة حسب الحال والمزاج، ذلك أن المرأة هى التى تكيف العلاقة بينها وبين الرجل.. وهى التى تحدد هذه العلاقة إذا كانت صداقة بريئة أو حبًا أو زمالة أو قطيعة.. وهكذا تختلف الأقوال المأثورة للرجل تبعًا لموقفها منه.. فهى إن أقبلت عليه قال عنها: إذا أحبتك امرأة فهى تحبك حتى آخر قرش فى جيبك.