طارق الشناوي
كلمة و 1 / 2.. نجاة (من القاهرة إلى الرياض)
لستُ أدرى كيف أصبحنا متخصّصين فى إحالة أفراحنا إلى أحزان، نجاة تصعد على خشبة مسرح بكر الشدى فى الرياض، وتحصل على أكبر تكريم (إنجاز مدى الحياة) من رئيس هيئة الترفيه بالمملكة العربية السعودية، المستشار تركى آل شيخ، ثم تتناثر بعدها أحاديث بأن هذا الفعل يخصم الكثير من نجاة، ويسحب الكثير من الحب؛ بل من يؤكد أن هناك من غرّر بها لكى تقبل التكريم وتقف على خشبة المسرح وهى فى تلك المرحلة من العمر، ألم يشعروا بأن مثل هذه الكلمات التى تحمل غمزًا ولمزًا لا يليق أن يصل إلى سمع نجاة، أو أى إنسان، ألا يقع كل هذا تحت طائلة قانون التنمر، عندما تسخر من إنسان لأن الزمن قال كلمته على ملامح وجهه أو تضاءلت قدرته الحركية، من قال إن الفنان عليه أن ينزوى عن الأنظار عندما يمضى به قطار العمر؟، حتى يظل محتفظا بشباب دائم فى الذاكرة الجمعية، رغم- مثلاً- أن مديحة يسرى وصلت للتسعين من العمر وكانت حريصة على أن تستقبل الصحفيين وأن تجرى حوارات تليفزيونية، وهو ما كانت تفعله أيضًا فاتن حمامة ونادية لطفى ولا تزال تحرص عليه لبنى عبدالعزيز، قطعًا عندما يفضّل الفنان الابتعاد لن نستطيع إقناعه بعكس ما يريد، ولكن لماذا نحرم الفنان من تلك اللحظة التى يرى فيها الجمهور فى الصالة يقف احترامًا وتبجيلاً له؟، وهذا هو ما حدث مع إطلالة نجاة بعد أن غنت مقطعًا قصيرًا من «عيون القلب»، عن طريق (البلاى باك)، كان المقصود هو أن يتوافق الأداء الصوتى مع حركة الشفايف، ولدينا عدد كبير من المطربين يفعلون ذلك، ويتقبلها الناس، كنت فى الحفل وشاهدت نبضات القلوب وهى تحتضن «نجاة» وحدقات العيون وقد سكنت فيها «نجاة».
ألم يستشعر هؤلاء بأن كل هذه الأحاديث تحاول أن تغتال سعادة المطربة الكبيرة وتسرق فرحتها وتشكك فى فرحتنا.
تكريم «نجاة» فى أى عاصمة أو دولة عربية أو أوروبية هو تكريم للوطن، فما بالك بالجارة الغالية السعودية، كل مصرى حضر (جوى أوردز) شعر أنه يُكرَّم، ستكتشف بالأرقام، أن حضور الفنان المصرى يشكل الأغلبية، كما أن للتكريمات والجوائز وفقرات الحفل وعدد الحاضرين، كان لمصر النصيب الأكبر منها.
حتى الآن لا أستطيع استيعاب حالة السّخط والاستنكار التى تبادلها البعض على (السوشيال ميديا) بحجة أنه لا يجوز أن يرى الجمهور الفنان بعد أن مضت به سنوات العمر، رغم أننا جميعًا تابعنا چورچ وسُّوف وهو يغنى قبلها بيومين أيضًا فى الرياض، فى حفل تكريم الملحن صلاح الشرنوبى جالسًا على كرسى متحرك، بينما كانت «نجاة» قادرة على الوقوف، حتى لو تعثرت الخطوات.
علينا مراجعة ردود أفعالنا، إذا كنا نريد تكريم «نجاة» فى مصر، فلماذا لا تفكر النقابات الفنية خاصة (الموسيقية)؛ لترشيحها لأرفع جائزة تمنحها الدولة المصرية (النيل للفنون) وهى قطعًا تستحقها وعن جدارة، هذا هو ما يمكن أن أستوعبه، ولكن إلقاء الحجارة على فنانة كبيرة وافقت على التكريم فى (جوى أوردز) بموسم الرياض، تبدو لى اقرب إلى مهزلة تثير الضحك، إلا أنه- كما قال المتنبى- ضحك كالبكاء!!