الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
المغزى الأخلاقى

المغزى الأخلاقى

لا تحاول إقناع القرد أن التفاح أحلى مذاقًا من الموز.. لكن أقنع نفسك بأنه لا شأن لك بما يحبه الآخرون..



العبارة الساخرة السابقة جاءت على لسان «إيسوب» الحكيم.. وهو شخصية خيالية مثل «جحا» ينتمى إلى القرن السادس قبل الميلاد وتتصف عباراته بمغزى أخلاقى أو حكمة تلخص معنى فلسفيًا.. والعبارة الساخرة هنا تتصل بالتعبير عن سمة سلبية من سمات الشخصية المصرية هى شخصية المتطفل الذي تدخل تدخلًا معيبًا فى حياة الآخرين.. والذى تتمثل فى المأثور الشعبى فى «خليك فى حالك» أو «مالكش صالح» أو «اطلع منها وهى تعمر» أو «إنت مالك».. والتى تتجاوز مجرد ظواهر شائعة ومتكررة من سلوك كثير من العامة وتفاقمت واتسعت دائرتها لتحتوى على مترادفات متعددة وذميمة نلحظها فى اهتمامات رواد السوشيال ميديا.

الحكاية الثانية من حكايات الحكيم «إيسوب» ترجمها د. إمام عبدالفتاح فى كتابه عنه فحواها أنه كان فى مدينة «أفوس» منذ سنوات طويلة مضت امرأة فقدت زوجها الذى كانت تحبه حبا جما فوضعت جثمانه فى تابوت وعاشت فى منزل بجوار قبره حزينة تنعى هذا العزيز الغالى.. تبكى ليلًا ونهارًا وتعيش على ذكراه.. ذات يوم اتهم لص بسرقة معبد كبير الآلهة زيوس وحكم عليه أن يصلب.. وقد جرت العادة أن يكون هناك جنود يحرسون جثث من صلبوا ويمنعون اللصوص من سرقتهم.. وكانوا يجلسون بجوار القبر الذى دفنت فيه المرأة زوجها.. وحدث أن نال العطش ذات يوم من أحد الجنود فطلب جرعة ماء من جارته المرأة.. فرأى الجندى المرأة لأول مرة.. كانت امرأة رقيقة رائعة الجمال.. فوقع فى غرامها من أول نظرة.. وبدأ يفتعل الأعذار لروايتها كل يوم.. محاولًا أن يتودد لها.. وشيئًا فشيئًا استسلمت المرأة لغزله ثم وقعت فى حبه.. وهكذا أصبح هذا الحارس يقضى لياليه معها.. وكانت النتيجة أن اختفت ذات ليلة جثة من جثث الذين صلبوا وكان يقوم على حراستها.. وفى الصباح أخبر الحارس معشوقته بما حدث وهو مذعور.. لكن جوابها كان حاضرًا.. ليس ثمة ما يدعوك إلى الخوف والرعب على هذا النحو.. خذ جثة زوجى وعلقها على الصليب مكان الجثة المسروقة حتر لا تعاقب بسبب إهمالك فى الحراسة (على طريقة المثل الشعبى الحى أبقى من الميت).

والمغزى الأخلاقى للحكاية أنه بهذا الفعل القذر فقدت المرأة احترام الناس وسمعتها الطيبة السابقة.. وأصبحت نموذجًا للإثم والفجور..

ما أبعد اليوم عن البارحة وصفحات الحوادث تمتلئ بعشرات الجرائم التى لا تنتظر فيها الزوجة الخائنة أن يموت زوجها قضاء وقدرًا لتعيش حياتها كما تريد.. لكنها تستخدم الساطور والسلق والتعبئة فى أكياس بلاستيك بمساعدة عشيقها.. ثم تعترف أمام جهات التحقيق أنها غير نادمة على قتل الزوج فقد كان لا يتمتع برومانسية كافية.