الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
روايتك غير إنسانية ومليئة بالتناقضات والأكاذيب .. رسالة من كاتب مصرى إلى وزيرة خارجية ألمانيا

روايتك غير إنسانية ومليئة بالتناقضات والأكاذيب .. رسالة من كاتب مصرى إلى وزيرة خارجية ألمانيا

لا تستهوينى كتابة الرسائل العلنية إلى السياسيين الرسميين سواء كانوا مسئولين كبارا أو صغارا، فعلتها مرات نادرة، عندما يعجز عقلى عن «قبول» أكاذيب ترد على ألسنتهم بجرأة يمكن أن يتعجب لها الشيطان.



بالمصادفة شهدت المؤتمر الصحفى المشترك بين وزير خارجيتنا سامح شكرى ووزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك على شاشات الفضائيات، وتابعت ما نشرته المواقع المصرية، لم أرتح إلى صياغة الخبر ولا عنوانه، فقد ركزت على تصريحاتها المشيدة بدور مصر فى أزمة الحرب على غزة وتخفيف المعاناة عن أهلها ومحاولاتها لوقف إطلاق النار، وفى الحقيقة لسنا فى حاجة إلى إشادة بدورنا لا من وزيرة خارجية ألمانيا ولا من أى حكومة أجنبية، فمصر وما تحملته طوال تاريخها وما تفعله الآن أكبر كثيرا من أى كلمات وإشادات، ربما فعلت ذلك لأن الوزيرة لم تقل خطوات عملية تفيد فى وقف العدوان على غزة، بقدر ما بررت أسباب انحياز ألمانيا الأعمى إلى إسرائيل.

 

وكدت أهمل الموضوع برمته، لولا أن السيدة بيربوك جابت سيرتنا فى بيانها الافتتاحى، وقالت إن أناسا فى بلادكم لا يتفهمون التضامن الراسخ والثابت لألمانيا مع إسرائيل، قالتها بطريقة كأننا لا ندرك حقائق الأمور على أرض الواقع، ولأنى واحد من هؤلاء الذين يرون فى هذا التضامن الألمانى، تحريضا على عمليات الإبادة وجرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل فى غزة، أحسست أن من واجبى أن أرد عليها، وأبين «تناقضات» إنسانيتها، وإنسانية ألمانيا فى التعامل مع ما حدث للإسرائيليين فى 7 أكتوبر، وما يحدث للفلسطينيين ليس بعد 7 أكتوبر، وإنما فى الـ55 سنة الأخيرة، ولن نقول منذ عام 1948، فألمانيا وقتها كانت خارجة من الحرب العالمية الثانية مدمرة وممزقة وتعيد لملمة نفسها.

حاولت فراو بيربوك من أول لحظة أن تدغدغ مشاعر المصريين، بأن قالت إن مصر عانت من هجمات الإرهابيين، وتعرف معنى الإرهاب، كما لو أنها تقارن بين ما فعلته الجماعات الدينية المسلحة ضد مصر وأهلها، وما فعلته حماس ضد إسرائيل والإسرائيليين، وهى مقارنة كاذبة جملة وتفصيلا.

أولا: كانت الجماعات الدينية المسلحة خارجة على القانون والنظام العام والدولة المصرية وتعمل على إرهاب المصريين والاستيلاء على السلطة بالقوة، ولم تكن مصر تحتل أرضها، بينما منظمة حماس أيا كان توصيفها من وطن احتلته إسرائيل، وتحاصر ما تبقى منه وتمارس ضد أهله كل أساليب البطش والاضطهاد والإذلال والفصل العنصرى والتهجير من بيوتهم ظلما وقسرا لبناء مستعمرات يسكنها غرباء قادمون من شتى البلاد البعيدة، لمجرد أنهم يهود، وبالمخالفة لكل القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة، التى ألمانيا عضو فيها، ويفترض أنها تحرص على احترام هذه القرارات وتلجأ إلى وسائل تجبر إسرائيل على تنفيذها، وليس التضامن الراسخ معها وهى تحتقر هذه القرارات، فكيف يمكن وضع مصر والجماعات الإرهابية فى ميزان واحد مع إسرائيل ومنظمة حماس، هذا تدليس وغش.

ثانيا: تعطى جميع القوانين الدولية الفلسطينيين – دون تصنيفهم إرهابيين أو عاديين – حق المقاومة بكل الوسائل ضد الاحتلال الأجنبى، ما بالكِ إذا كان احتلالا استيطانيا، ينهب الأرض ويعمل على طرد أهلها منها إلى الأبد؟

ثالثا: تبرر السيدة «بيربوك» موقف ألمانيا التضامنى، بحق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها ضد منظمة إرهابية تريد محو إسرائيل من على الخريطة، ولم نسمع ولا مرة منها ولا من دولتها عن حق الفلسطينيين فى الدفاع عن أنفسهم، ولا وصف لأعمال إسرائيل ضدهم، فهل مثلا قتل 20 ألف فلسطينى فى عشرين سنة وقبل 7 أكتوبر وثلثهم فى الضفة الغربية هو دفاع عن النفس؟، والسؤال الأهم: من الذى يريد محو الآخر ويملك القدرات على ذلك؟، حماس بلا مدرعات ولا طيران ولا مدفعية ولا أساطيل بحرية حتى لو قالت كلاما لا تستطيع تنفيذه، أم إسرائيل بجيش جرار حديث، يدعمها الغرب بلا حدود وتعمل فعلا على محو فلسطين والفلسطينيين؟

رابعا: سقطت السيدة بيربوك فى فخ الدعايات الإسرائيلية عن «اغتصاب النساء»، كما لو أن حماس لم تشن فى السابع من أكتوبر هجوما مسلحا على 12 موقعا ومستعمرة لها أنظمة أمن ودفاع، وإنما شنت هجوما جنسيا فى فضاء حر تماما من أى ضغوط وتوقيتات واشتباكات متوقعة مع الجيش الإسرائيلى وقوات الشرطة، فألقى مقاتلوها أسلحتهم وخزائن الطلقات الإضافية التى بالضرورة يحملونها معهم، ثم خلعوا الأجزاء الضرورية من ملابسهم، وجروا وراء النساء المغريات، ونزعوا ثيابهن أو مزقوها، وأمسكوا بهن دفعا على الأرض، وهددوهن بتقطيع أجسادهن بالأسلحة الحادة إذا قاومن، ثم بركوا فوقهن اغتصابا، وحولهم عشرات المشاهدين.

هل هذا مشهد يمكن تصوره حتى لو شطح بنا الخيال إلى مغارات الوطاويط وغابات السحرة؟، هل التوتر والقلق وتوقع وصول القوات الإسرائيلية فى أى لحظة والاشتباك معها يمنح هؤلاء المقاتلين وقتا وفرصة لممارسة الاغتصاب؟ هل فى هذا الجو المشحون بكل المخاوف يمكن لأى إنسان حتى لو كانت أعصابه من فولاذ أن يكون فاعلا فى عملية اغتصاب حتى مع امرأة رضخت وليست فى حالة فزع؟

يبدو أننا نعيش فى عالم عبثى فعلا، يستسلم أمام الدعايات الإسرائيلية التى تلوث سمعة الذين اغتصبت أراضيهم وتعمل على إبادتهم أو طردهم، فلم يتوقف أحد فى الغرب الرسمى أو الإعلامى ويراجع هذه الرواية القبيحة المتهالكة، ومضوا جميعا على نفس الدرب الكاذب بأن أربعين طفلا قُطعت رؤوسهم دون أن تظهر رأس واحدة ولو فى صور زائفة!

الأكثر عجبا أنه ولا ضحية واحدة من المُغْتَصَبَات ظهرت أمام الإعلام، أحداث هذا الاغتصاب الجماعى دون ضحية واحدة، وإنما الأحداث كلها كلام شهود عيان، بدعوى أن المغتَصَبات قد قتلن بوحشية ولم تنج منهن واحدة! 

مثلا تقرير الصحفية «لوسى ويليامسون» فى شبكة سى إن إن يفطس من الضحك مهنيا إذا قالت: أخبرنا العديد من الأشخاص الذين قاموا بجمع جثث القتلى فى الهجوم أنهم رأوا علامات متعددة على الاعتداء الجنسى، وقالت أيضا إن الشرطة الإسرائيلية عرضت على الصحفيين شهادة تصف رؤية مقاتلى حماس يغتصبون امرأة ويشوهونها، قبل أن يطلق آخر النار على رأسها بينما يواصل اغتصابها، يعنى كان يغتصبها فى بركة من الدماء المسالة من رأسها (يا له من مشهد فى عملية اغتصاب لا يجرؤ أخيب مخرج سينما على تصويره).

ووصفت شاهدة أخرى كيف قطع المهاجمون أجزاء من جسد ضحية أثناء الاعتداء عليها، وقالت: قطعوا ثديها وألقوه فى الشارع وكان يلعبون به، وطبعا فيه شهادات عن قطع أجزاء أكثر حساسية.

وقال شاهد: سمعنا أصوات صراخ وأشخاص يتعرضون للقتل والاغتصاب وقطع الرأس!!، قد هذه أول مرة فى التاريخ يسمع فيها إنسان أصوات قطع الرأس والاغتصاب!!، ويبدو أن هذه الأصوات مميزة جدا وشائعة عن الصراخ فى حالة فزع أو هلع وجع شديد أو تعذيب. 

أما الآنسة شيم التى خطفتها حماس، واحتفظت بها فى الإنفاق سبعة أسابيع، فلم تذكر شيئا جنسيا بعد الإفراج عنها ونشر لها فقط على اليوتوب فيديو بعنوان «اغتصبنى بعينيه»، قالت فيه: كنت خائفة جدا من التعرض للاغتصاب.

يبدو أن الظروف فى الأنفاق المخفية تحت الأرض لم تمنح مقاتلى حماس فرصة فى 49 يوما، فاكتفى حارسها باغتصابها بصريا، كما اعترف لها: أنه «لا يحب زوجته»!

هذه يا سيدتى الوزيرة نوعية الأدلة التى قدمتها إسرائيل إلى مؤسسات حقوق الإنسان فى الأمم المتحدة.

خامسا: وصفت السيدة بيربوك الوضع الإنسانى الحالى بأن العديد من الأبرياء فى غزة يعانون، والعديد من الأبرياء الإسرائيليين ما زالوا موجودين فى الأنفاق القاتمة فى قبضة حماس، فعلا منتهى الدقة فى المقاربة، بين 23 ألف فلسطينى سُفكت دماؤهم و7 آلاف مفقود و58 ألف مصاب، ومليونى مشرد، مقابل مئة رهينة فى قبضة حماس، بعد أن قتلت إسرائيل 20 منهم فى قصفها عشوائيا أو بنيرانها الصديقة.. منتهى العدل فى المقاربة اللإنسانية؟

سادسا: زارت وزيرة الخارجية الألمانية الضفة الغربية وشاهدت عنف المستوطنين المتطرفين، وتعاطفت مع الفلسطينيين، فوصفت ما يتعرضون له بأنه يؤثر عليهم ويذكرهم بالنكبة، وليس إرهابا وتوحشا.

هل عرفتِ الآن يا سيدتى لماذا لا نفهم أسباب دعمكم الراسخ والثابت لإسرائيل وهى ترتكب جرائم إبادة فى غزة؟، ماذا نسمى دعمك للإبادة؟