الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و 1 / 2.. التاريخ والجغرافيا وأشياء أخرى!

كلمة و 1 / 2.. التاريخ والجغرافيا وأشياء أخرى!

لماذا لا يزال عمرو دياب معتليًا القمة حتى الآن بعد أن مزج التاريخ بالجغرافيا، لديه رصيد من الماضى، إلا أنه قادر أيضًا على قراءة اللحظة؟  بينما العدد الأكبر من المطربين الذين صعدوا معه أو بعده بسنوات قلائل، نراهم خارج المنظومة، وأقصى ما يمكن أن يتحقق لهم، هو أن يتشاركوا معًا فى حفل واحد، ربما ينجحون فى تذكير الجمهور، بأنه كان يومًا يستمع إليهم، على طريقة (إن كنت ناسى أفكرك)، قطعًا ليسوا جميعًا فى نفس المستوى، بينهم درجات متفاوتة من النجاح، إلا أن يقينا، لا أحد منهم قادرًا بمفرده على جذب الجمهور. 



هل  العيب فى الجمهور من الشباب الذى لم يعد قادرًا على التمييز بين الأصوات أم أن العيب فى تلك الأصوات، أم أن الأمر لم يعد يحسم فيه المعركة الصوت بقدر ما أن هناك أسبابًا أخرى تتجاوزهم؟

نعيش زمنًا مختلفًا، الفنان ابن للزمن، كانت منيرة المهدية هى سلطانة الطرب قبل اختراع الميكروفون فى مطلع القرن العشرين، كانت قوة الصوت هى التى تفرق بين مطرب وآخر، صدى صوت منيرة بلا ميكروفون يخاطب الجمهور يهزه بتردداته، وعندما بدأ عصر الميكروفون، انزوت منيرة وصعدت أم كلثوم لأنها تجمع بين القوة والإحساس، وعندما أصبح الإحساس وحده يكفى منحنا الزمان أصواتًا مثل: ليلى مراد، أسمهان، محمد فوزى، عبدالحليم، فايزة، نجاة، لو أن أيًا من هذه الأصوات تواجد قبل اختراع أجهزة الصوت الحساسة ما كان يمكن أن يصبحوا مطربين. هناك عناق دائم بين التقدم التكنولوجى والمواهب الفنية. وإذا كان الزمن الماضى هو زمن الصوت الحساس، والأغنية داخل الفيلم السينمائى، فإننا حاليًا نعيش فى زمن أصبحت الصورة هى البطل وليس الصوت منفردًا، حالة مختلفة تلعب فيها العديد من العناصر دور البطولة أشبه ما تكون بالبطولة الجماعية، ملامح المطرب وحضوره أمام الكاميرا، لا أتحدث عن الأفلام، ولكن التعامل مع الكاميرا فى كل المجالات، هذه هى المعادلة، أما الصوت فقط فإنه أصبح سلاحًا واحدًا تقهره الأسلحة الأخرى.

العصر فرض على الجمهور أسلوبًا مختلفًا فى التلقى، على الفنان ألا يقف مكتوف الأيدى، نادبًا حظه العاثر وصوته القوى الذى لا يقارن بأصوات أخرى أقل اكتمالًا، لكنها أكثر عصرية، وعلينا عندما نقيم الإبداع أن نعثر على (ترمومتر) عصرى يتحرك مؤشره مع الزمن ولا يناصبه العداء.

هناك جيل بالطبع من المطربين لا تنقصهم الموهبة ولا الحضور، ولكنهم لا يعرفون الأبواب للوصول إلى بؤرة الضوء. هذه قضية أخرى، لا أتحدث عنها هذه المرة، ولكن أتوقف عند مطربين لا يتوقفون عن التباكى أمام قسوة الأيام وغدر الأصدقاء. للموسيقار كمال الطويل مقولة موحية يفسر بها استمرار الموسيقار محمد عبدالوهاب 70 عامًا على القمة قال لى: (أنه مثل النشافة، يمتص ما يجود به العصر وينطبع على إحساسه وذاكرته الإبداعية، ليفرزه بعد ذلك فى جملة موسيقية تجد فيها بصمة الزمن قد امتزجت مع بصمة عبدالوهاب)!

إنه الزمن، الذى يمنح الفنان إذا أراد الاستمرار، زاوية رؤية مختلفة، تعانق العصر ولا تتشاجر معه فى صراع مستحيل! عدد منهم أحالتهم أيام التراجع والأفول، إلى قنابل من الحقد يوجهون سهامهم الغاضبة للناجحين، وفى مختلف المجالات، وليس فقط إلى زملائهم، وهكذا حتى بعد أن تتاح لبعضهم فرصة للتنفس، يعودون مرة أخرى للصفوف الخلفية، بعد أن صاروا يتنفسون غلاً وحقدًا!