الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و 1 / 2... مواطن ودولة ومبدع!

كلمة و 1 / 2... مواطن ودولة ومبدع!

الرقابة على المُصنفات الفنية تتحرك على الأشواك، داخل ثلاثية مواطن ودولة ومبدع.



تريد إرضاء الثلاثة، وفى العادة يزداد خوف الرقيب على فقدان الكرسى، ويختار أسهل وأسوأ حل وهو (لا تعليق)، فهو لا يوافق ولا يرفض؛ بل يُزايد على المواطن وعلى الدولة فى زيادة جرعة التوجُّس، ويترك المساحة الرمادية، هى التي تسيطر على المَشهد.

شاهدتُ مؤخرًا فيلم (أبونسب)، وأنا فى تلك المساحة لن أحلل الشريط السينمائى؛ ولكن ما استوقفنى أن الفيلم تم التصريح به بتصنيف عمرى (+12)، رغم أنه لا يحمل أى شىء يستحق ذلك، إلا أن الرقابة بتكوينها لا تزال تتحسّس الخطوة، الحقيقة أنها تتراجع خطوات، للخلف دُر، وتحسبًا لأى اعتراض، يسارع الرقيب الهُمام بوضع هذا التصنيف، الذي يحرم الأطفال من مشاهدة فيلم كوميدى، لا يحمل أى أبعاد أخرى.

العديد من المحاذير والمحظورات تُكبّل الموظف داخل هذا الجهاز الحساس، مثلًا عندما تُصبح بصدَد تقديم عمل فنّى به شخصية قبطى، وهكذا مثلًا تَعَثّر فى الماضى، سيناريو فيلم (لا موأخذة) الذي كتبه عمرو سلامة؛ لأن بطل الفيلم طفل قبطى يلتحق بمَدرسة ابتدائية حكومية، يعتقد الطلبة والمدرسون أنه مُسلم، وهو يخفى ديانته خوفًا من أن يصبح مثار انتقاد أو سُخرية زملائه.

الحساسية ربما يراها البعض متعلقة بالمسلمين فقط، إلا أن الحقيقة هى أن المسلمين والأقباط لدى كل منهم تحفظ ما، عندما يتم تناول شخصية درامية قبطية؛ حيث ينظر أولًا لخانة الديانة، ويتناسى الجميع أنهم مصريون أولًا.

تم التصريح قبل ثلاثة أعوام بـ(لا موأخذة)، بينما تعنتت الرقابة ولا تزال مع سيناريو فيلم (شرط المحبة) للكاتبة والمخرجة هالة خليل، لن تجد أبدًا أى قرار ولو حتى بالرفض، فقط سيقول لك الرقيب (لا تعليق)، وعليك أنت أن تضع التعليق المناسب.

تعوّدنا فى الدراما أن نضع أوراق (السوليفان) على الشخصية المسيحية، وكأننا نرفع راية مكتوبًا عليها ممنوع اللمس أو الاقتراب.. الإحساس العام الذي يسيطر غالبًا على صناع العمل الفنّى؛ أن المتفرج لا يريد أن يرى شخصية من لحم ودم، وأنه فقط يقرأ عنوانها، لكنه لا يتعمق فى تفاصيلها، يبدو وكأن هناك اتفاقًا ضمنيًا على ذلك بين صناع العمل الفنّى والجمهور، الجميع ارتاحوا إلى استبعاد الشخصية القبطية!

الفيلم الذي حظى بأكبر مساحة من الغضب هو (بحب السيما) عام 2004 إخراج «أسامة فوزى» وتأليف «هانى فوزى» وبطولة «ليلى علوى» و«محمود حميدة»، أول فيلم يتناول عائلة مسيحية؛ الزوج والزوجة والابن والابنة كانوا هم الأبطال على الشاشة، لم يتحمل قطاع من الأقباط ذلك، الحقيقة هى أن المُشاهد المصري وأيضًا العربى تعوّد على رؤية الشخصيات المصرية فى الأغلب مسلمة وإذا قُدّمت شخصية قبطية فإنها غالبًا إيجابية وعلى هامش الأحداث.

يجب أن نعترف بأن ما نراه فى الدراما من حساسية، تتحمل وزْرَه الحياة الفنية والثقافية المصرية؛ لأنه كلما طال الابتعاد والغياب زادت الحساسية، ولكن على صناع الأعمال الفنية أن يواصلوا الطريق ويمنحوا الشخصيات القبطية حضورها الدرامى، مع الأسف استسلم الرقيب للمنع، وبات التعليق الدائم له (لا تعليق)!

ولا نزال نعيش داخل تلك المعادلة الثلاثية (دولة ومواطن ومبدع)، وفى انتظار رقيب أكثر جرأة ورقابة أكثر مرونة!