الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
فى رقبة ضمير الأمة

فى رقبة ضمير الأمة

غرس إرهابى متطرف من أعضاء الجماعة سكينًا فى رقبة كاتبنا الكبير «نجيب محفوظ» بغرض اغتياله فى يوم (14 أكتوبر 1995)، ولم يكن هذا الاعتداء الغادر محاولة اغتيال سياسى كالذى عرفه تاريخنا السياسى القديم والحديث مثلما حدث مثلًا مع «د. فرج فودة» (1992) وإنما هو اعتداء على أكبر قلم أدبى على الساحة العربية فى هذا العصر أو كما يقول الأستاذ «محمد سلماوى» فى كتابه المهم «حضرة نجيب محفوظ» إنه اعتداء على ضمير أمة استطاع «نجيب محفوظ» أن يجسده فى كل ما سطره قلمه من أعمال عظيمة رفعت الأدب العربى الحديث إلى مرتبة العالمية.. أما عن شعور «نجيب محفوظ» بعد نجاته من الحادث الأليم ما صرح به حيث قال: 



- إنه لشىء مؤسف جدًا ومُسىء جدًا لسمعة الإنسان فى العالم أن يُؤخذ أصحاب الرأى هكذا ظلمًا وبُهتانًا.. ومن ناحية أخرى أشعر بالأسف أيضًا من أن شابًا من شبابنا يُكرس حياته للمطاردات والقتل بدلًا من أن يكون فى خدمة الدين والعلم والوطن.. لقد كان شابًا يافعًا فى ريعان العمر.. كان من الممكن أن يكون بطلًا رياضيًا أو عالمًا.. أو واعظًا دينيًا.. فلماذا اختار هذا السبيل؟! 

وقد بلغ «نجيب محفوظ» قمة الرقى وسمو الخلق وشفافية الروح حينما سأله «سلماوى»: ما هو شعورك تجاه ذلك الشاب؟!. فقال على الفور:

- «إنه ضحية.. لذلك فشعورى نحوه هو شعور الأب تجاه الابن الذى ضل الطريق.. إنه شعور أكثر إيلامًا مما يمكن أن تشعر به تجاه أى مجرم عادى.. إنى سامحته.. سامحته عما يخصنى.. أما ما يخص المجتمع فالعدالة يجب أن تأخذ مجراها».

المُدهش فى الأمر أن «سلماوى» حينما التقى بهذا الشاب واجهه مرددًا:

- هل تعلم أن «نجيب محفوظ» سامحك على جريمتك؟!

- قال: هذا لا يعنينى ولا يغير من الأمر شيئًا.. لقد هاجم نجيب محفوظ الإسلام فى كتبه.. لذا أُهدر دمه.. وقد شرفتنى الجماعة بأن عهدت إلىَّ بتنفيذ الحكم فيه.. فأطعت الأوامر التى صدرت بناءً على فتاوى الشيخ «عمر عبدالرحمن».. وبقية من هم فى السجون الآن.. نفذت الأمر دون تفكير .. فهناك من هم مُكلفون بالتفكير.. أما أنا فقد كنت مُكلفًا بالتنفيذ وقمت بالمهمة بمفردى.. وأخبرتهم أننى غرست السكين فى رقبة «نجيب محفوظ» فأخذونى بالأحضان مباركين.

المفارقة أن المجنى عليه يسامح الجانى القاتل؟! والجانى هو الذى لا يسامحه.. بل هو الذى أكد: «لو أننى قابلته ثانية لنفذت فيه مرة ثانية الأمر الذى صدر لى».

إنه غسيل المخ الذى يُخضعه ويُخضع أمثاله لوهم أن سفك الدماء هو سبيلهم إلى الجهاد فى سبيل الله والدفاع عن العقيدة ضد الملاحدة وأعداء الدين.

لذلك أيضًا لم يكن غريبًا أن يرفض قاتل «د.فرج فودة» عندما استضافه الإعلامى «تونى خليفة» فى برنامجه مقترحًا مناظرة يكون طرفها الثانى ابنة «د.فرج فودة» فتصور الإعلامى أن الرجل غير قادر على مواجهتها.. فقال: ماذا أقول لها إذا واجهتها.. إنى محرج أن أقول لها يا ابنة الكافر!