الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رءوف توفيق ابن بلد يرتدى (الاسموكن)!

رءوف توفيق ابن بلد يرتدى (الاسموكن)!

بين الحين والآخر أفكر فى كتابة مذكراتى ثم أتراجع فى اللحظات الأخيرة، لإحساسى أولا أنها لا تهم أحدًا، وثانيًا، لأن تبديد الطاقة فى تذكر الماضى يعنى أننى لن أكتب حرفًا عن الحاضر، مكتفيًا بهذا القدر، بينما أنا لا أزال أرى -وقد أكون مخطئًا- أن هناك ما يستحق التوقف عنده ورصده ولا يزال أمامى سنوات فى الملعب الصحفى والنقدى.



تلقيت مؤخرًا دعوة من الكاتبة الصحفية والناقدة الكبيرة منى ثابت لحضور ذكرى الأربعين بكنيسة كليوباترا والتى أقيمة أمس الجمعة لأستاذى الجليل رءوف توفيق، اللقاء فى قاعة يوسف النجار، وسوف يسمح للحضور بإلقاء كلمة، ولولا ارتباطى بالسفر إلى المملكة العربية السعودية لحضور حفل روائع ألحان رياض السنباطى الذى تقيمه هيئة الترفيه فى الرياض ومهرجان البحر الأحمر الذى تقيمه وزارة الثقافة فى جدة، لشاركت بتلك الكلمة، فى الندوة الغالية على قلبى.

 ووجدت نفسى أستعيد لمحات من علاقتى بالأستاذ رءوف، الحكاية بدأت قبل التحاقى بكلية الإعلام ومعهد السينما، كان يدخل بيتنا عدد كبير من الصحف والمجلات، توقفت كثيرًا أمام ما يكتبه الأستاذ رءوف فى تحليله للأفلام على صفحات (صباح الخير)، وأيضًا فى نفس التوقيت أعجبنى ما يكتبه سامى السلامونى فى (الإذاعة والتليفزيون).

بينهما تناقض ظاهرى، ولكن بعد قليل من التأمل تكتشف أن ما يربطهما هو الرهان على جاذبية الكتابة وليس فقط المكتوب، كل منهما له طريقته فى التناول التى هى جزء من شخصيته، السلامونى ابن بلد يرتدى الجلباب، ورءوف توفيق ابن بلد يرتدى الاسموكن، مع الزمن اكتشفت أنهما من أعز الأصدقاء، وأن حلاوة وعمق وصدق الكتابة هى مفتاح سر السحر.

عندما بدأت التدريب فى مجلة (روزاليوسف) كان يشغل موقع رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير الكاتب الكبير الراحل مرسى الشافعى، سألنى عن القسم الذى أريد الالتحاق به، أجبت الفن، لم أجد فى رد فعله أى شىء له علاقة بالترحاب، كان يريدنى أن أتدرب فى قسم التحقيقات، بينما أنا لا أرى مستقبلى إلا فى قسم الفن، كانت رؤيته سلبية جدًا تجاه محررى هذه الصفحات، تشبه الصورة التى رسخها فيلم (لعبة الست)، عندما كان الصحفى يسأل النجمة الصاعدة تحية كاريوكا (أين ترعرعت سيدتى)، بينما أنا تجسدت أمامى صورة أخرى مشرقة متمثلة فى رءوف توفيق وسامى السلامونى.

لا أدعى أننى كنت قريبًا من الكاتبين والناقدين الكبيرين، ولكنى أقرأ لهما بإعجاب، لقاءات محدودة جدًا ربطتنى بهما فى بعض العروض السينمائية مثل (جمعية الفيلم).

اقتربت أكثر من الأستاذ رءوف عندما اختلفت مع إدارة التحرير (روزاليوسف)، واقترح الأستاذ لويس جريس رئيس تحرير(صباح الخير) أن أكتب على صفحاتها، وكان الأستاذ رءوف يشغل موقع رئيس صفحة الفن.

على مدى ثلاث سنوات تعلمت الكثير من الأستاذ رءوف الذى كنت أقترح عليه الفكرة أولاً وغالبًا ما يضيف لمحة جديدة أراعيها عند الكتابة. 

الدولة عادة عندما تفكر فى إسناد منصب رئيس التحرير تستبعد من القائمة، مع سبق الإصرار محررى صفحات الفن، أقصى ما يمكن أن يحصلوا عليه هو رئاسة تحرير مجلة فنية مثل (الكواكب)، التى كانت هى السقف الوظيفى الذى حققه الأستاذ الناقد الكبير رجاء النقاش.

بينما استطاع الأستاذ رءوف توفيق اختراق  السقف، ووصل إلى كرسى رئيس تحرير (صباح الخير) وعاشت المجلة معه وتحت مظلته مرحلة ازدهار ووقار لا يخلو من مشاغبة، تشبه روح الأستاذ رؤوف.

رحل الأستاذ رؤوف عن الحياة ليظل راسخًا فى الوجدان نموذجًا للكاتب الصحفى والناقد الفنى، والسينارسيت المبدع، وقبل وبعد كل هذا الإنسان الاستثنائى!.>