السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
فى ذكراه

فى ذكراه

كفروا عميد الأدب العربى المفكر والأديب التنويرى العظيم وأحد رموز حركة النهضة والحداثة المصرية الكبار «طه حسين» (1889 – 1973).. المرة الأولى فى عام (1926) حينما أصدر كتاب «فى الشعر الجاهلي».. فتقدم طالب بالقسم العالى بالأزهر ببلاغ للنائب العام يتهمه بالطعن الصريح فى القرآن الكريم حيث نسب الخرافة والكذب لهذا الكتاب السماوى أعقبه خطاب شيخ الأزهر للنائب العمومى أيضاً يطلب فيه اتخاذ الإجراءات القانونية ضد هذا الطعن على دين الدولة الرسمى وتقديم صاحبه للمحاكمة.. ثم بلاغ ثالث تقدم به عضو بمجلس النواب يحمل هذا المعنى.. ناهيك عن أن المعارضين للكتاب حرضوا طلبة الجامع الأزهر على القيام بمظاهرة تتوجه إلى بيت «سعد زغلول» مطالبين الحكومة باتخاذ إجراءات رادعة مع «طه حسين» مثل طرده.. ومحاكمته وإعلان كفره وإلحاده رسمياً.. لكن النائب العمومى المستنير برأه.. وإن كان ذلك لم يمنع أن يتلقى «طه حسين» تهديداً بالقتل.. ويضطر البوليس أن يفرض الحراسة الدائمة على منزله.



يقول فى ذلك الكاتب الكبير «محمود عوض» إن خطاب التهديد معناه أن صاحبه لم يعد يرفض رأى «طه حسين» فقط.. وإنما يرفض وجوده شخصياً.. إن بعض أفراد المجتمع لا يريدون قتل الرأى فقط.. لكنهم يريدون قتل صاحب الرأى لأنه لا يطيع ولا يفكر كواحد من القطيع.. لأنه ليس واحداً من الذين يذهبون إلى أطلال الماضى ويذرفون الدموع.. لكن «طه حسين» يفلت وقتها من جريمة قتله فظلوا يطاردونه بعد موته حتى قتلوا تمثاله فى أيام حكم الإخوان الأخيرة.. انتقموا منه بعد موته!

أطاحوا برأسه بعد أن فشلوا فى الإطاحة برأيه فعادوا إلى عصور سحيقة من التخلف والجهل بسطو صريح على عقل أمة.. وتراث شعب وتاريخ حضارة باعتبار أن التماثيل محرمة لأنها صنعت للعبادة وليست فنوناً راقية تجسد أفكاراً سامية.. وإبداعات إنسانية عظيمة.. وإذا كانت تلك التيارات المتشددة الغبية ما زالت عند تصوراتها المريضة تلك.. فإنه من باب أولى أن يكون اعتداءاتهم مركزة على «طه حسين» الذى سبق تكفيره بسبب كتاب «فى الشعر الجاهلى» وبسبب تأثره بالحضارة الغربية الكافرة.

أما نحن حينما نُحيى الآن ذكراه الـ(50) فإننا نردد شعاره الذى أعلنه فى حياته المديدة «الإبداع لا يموت».. أما التكفيريون فهم فى مزبلة التاريخ.