الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الحياة بمبى   «بمبى يا صلاح؟!»

الحياة بمبى «بمبى يا صلاح؟!»

هذا السؤال الاستنكارى التهكمى جاء على لسان المؤلف المسرحى والمخرج الراحل «نجيب سرور» وأورده الكاتب الصحفى الساخر «مؤمن المحمدى» فى كتابه «كل العواطف.. حكايات 100 غنوة» الذى يتميز بعامية سلسة وذكاء فى التعليق وانتزاع المعنى العميق لمفارقات الزمن العجيب بسهولة وبساطة دون تقعر أو تحزلق.. والمناسبة هى ملاحظة أن إنتاج شاعرنا الكبير «صلاح جاهين» الفنى سواء من خلال كتابة سيناريو وحوار فيلمى «خلى بالك من زوزو» و«أميرة حبى أنا» أو من خلال كتابة الأغانى.. كان إنتاجا يتجه فى شكله ومضمونه إلى الترفيه والصياغة المرحة بعيداً عن طرح قضايا مهمة.. أو أفكار عميقة أو هموم وطنية.. رغم أنه كان من أكثر الشعراء الذين كتبوا أغانى وطنية مثل «ثوار» و«والله زمان يا سلاحى» و«بالأحضان».. إلخ.. ويقول «المحمدى» إن «جاهين» هو الذى وعدنا بأن الثورة «حاتعمل تماثيل رخام على الترعة وأوبرا فى كل قرية عربية».. وهو الذى حدد بالضبط الذى سيخرج من الميدان عمره ما حيبان فى الصورة.. وهذا يفسر أنه بعد هزيمة (67) لم يكتب أغنية وطنية واحدة.. وعندما زاره عبد الحليم حافظ فى منزله ليخرجه من حالة الاكتئاب التى أصابته قال له الكلمة المأثورة: «إحنا جينا نغنى للناس.. غنينا عليهم يا حليم».



وأنا أتذكر أنى كنت طالبًا بالمعهد العالى للسينما فى ذلك الوقت.. وكان يدرس لنا الفنان «حسين فهمى» إحدى المواد.. فتحلقنا حوله نلومه فى غضب جامح على قبوله الاشتراك بالتمثيل فى فيلم كنا نراه يساهم فى تزييف وعى المتلقى.. وتخريب وجدانه.. وإفساد ذوقه وإغراقه فى سينما تجارية عن حقيقة واقعه المفزع بعد الهزيمة.. وهو فيلم «خلى بالك من زوزو» بل إن الناقد «سامى السلامونى» حرضنا على الاتجاه فى مظاهرة إلى سينما «أوبرا» التى كانت تعرض الفيلم نهتف ونشجب ونرفض أن تكون هذه هى السينما التى نريدها وندعو إلى سينما جديدة مختلفة تناقش واقعنا الاجتماعى والسياسى فى جرأة وصدق.

يقول «المحمدى» فى ذلك إن المثقفين والثوريين فى السبعينيات هاجموا صلاح جاهين بقسوة وضراوة بسبب أغنية «بمبى» وتزعم نجيب سرور حملة الهجوم مردداً بسخرية ودهشة.. «بمبى يا صلاح؟!» حيث إن المفارقة تكشف التناقض الكبير بين وصف صلاح للحياة فى ذلك الوقت وحقيقة الأمر بعد الهزيمة.

اليوم بعد مرور السنوات الطويلة على النكسة أقدر أقول بكل ضمير مستريح إنى أصدق «جاهين» ولا أصدق الذين هاجموه وأيوه «بمبى» يا سرور «بمبى» فعل مقاومة.. وبها فن وإبداع.. فى تقديرى أن «جاهين» أدرك أن الموضوع أكبر من التفاعل اللحظى وأن الوطن يحتاج فعلا ثقافيا أكثر منه سياسيا.