الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
فنون الضحك  وسحرها الرائع

فنون الضحك وسحرها الرائع

كان الشاعر «بيرون» يقول: «ما ضحكت على مشهد بشرى زائل إلا وكان ضحكًا بديلًا استعين به على البكاء».. وهذا يعنى أنه كلما اشتد به الحزن قاده إحساسه الجميل العميق إلى الضحك والابتسام.. بدلًا من الاستسلام للكآبة.. والإنسان حيوان ضاحك ولولا تمتعه بهذه الصفة لما استطاع الاستمرار فى الحياة كما يرى الفيلسوف الألمانى الكبير «نيتشه» ذلك أن الحزن الرابض فى القلب والألم المسيطر على النفس والكوارث التى تحيط بالإنسان وهموم واقعه اليومى وضغوط مشاكله الاجتماعية والاقتصادية والنفسية التى تصبغ حياته بالتوتر والاكتئاب والإحساس المؤلم بالتعاسة.. كل ذلك يؤكد احتياجه للضحك.. إنه حقيقة جوهرية تتصل بجوهر حياة الإنسان على الأرض.. وتتشابك مع رغبته الأصيلة والعميقة فى الخلاص من مآسيه المختلفة سواء كانت تلك المآسى نابعة من مجتمعه أو من حقيقة وجوده.



والضحك يعطى إحساسا واضحًا بالتفوق والارتقاء.. وتميز الإنسان عن أقرانه سواء للكشف عن عيوبهم وزلاتهم بالقياس إلى تفرد الآخر وعلو مكانته باستخدام أسلحة السخرية.. والتهكم من الأعداء والأنداد وفضح عوراتهم، تحقق نوعًا من التفوق والانتصار عليهم.

والقارئ لتاريخ الحملة الفرنسية على مصر يلحظ بوضوح اختراع المصريين لشخصية «على كاكا» الساخرة فى مقاومتهم للفرنسيين.. إنه ذلك الهازل الذى كان يرتدى جلبابًا وطاقية ويشبه فى مظهره «شكوكو» يقف فوق عربة كارو تجوب به الشوارع.. مطلقًا عبارات تهكمية فاضحة ونكات بذيئة ضاحكة.. ضد نابليون تصفه بالعجز الجنسى.

ومن هنا يمكننا أن نقول إن الضحك استعلاء على الحزن والقهر والإحباط والفشل.. وتحدٍ للألم والموت والفناء.. وحرب ضد العدوان والتسلط والغبن والديكتاتورية والاستبداد..

فالحزن – ومن ثم التراجيديا – يفرضان علينا قوانين العالم التى لا يد لنا فيها ولا إرادة.. لكننا فى الضحك ومن ثم الكوميديا نفرض نحن على العالم قوانيننا وإرادتنا.

ومن هذا الصراع تستمد فنون الضحك دائمًا قوتها العظيمة وسحرها الرائع.