الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و 1 / 2.. قل لى كم أجرك... أقل لك من أنت!!

كلمة و 1 / 2.. قل لى كم أجرك... أقل لك من أنت!!

تصنيفات مسربة، الكل أكد أنها (فنكوش)، إلا أنه (فنكوش) لا يخلو من مسحة ما من الحقيقة، وهى أن هناك تصنيفًا فى الحياة، سواء كنت فنانًا أم طبيبًا أم مهندسًا أم ميكانيكيًا، أنت مصنف، بأجر محدد، وتلك حقيقة لا يمكن تجاهلها.



قال لى المخرج الكبير صلاح أبو سيف، إنه منذ أن أصبح فى الخمسينيات أحد نجوم الإخراج، كان يسأل من هو المخرج الذي يحصل على الرقم الأعلى، ويزيد عليه حتى يشعر بالتفوق، ولو بخمس جنيهات، أما المخرج الكبير كمال الشيخ عندما سألته فى مطلع التسعينيات، لماذا توقفت عن الإخراج؟ فأجابنى فى الخمسينيات كنت أتقاضى نفس أجر أعلى نجمة فى مصر فاتن حمامة 5 آلاف جنيه، الآن صار النجم يحصل على عشرة أضعاف أجرى، فكيف أوجهه أذن فى الاستوديو؟ ولهذا توقفت عن الإخراج.

والحكاية لا أتصورها مفاجأة، قبل أقل من 15 عامًا (قطاع الإنتاج) و(صوت القاهرة) باعتبارهما من الجهات التابعة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، يحرصان على تصنيف مماثل، يتناقله فى العادة الوسط الفنى، وبين الحين والآخر يتم تسريب هذه الأرقام للإعلام، أتذكر أننى فى بداية عملى بالصحافة فى الثمانينيات، نشرت ورقة رسمية، من الإذاعة تضع تصنيفًا للملحنين يبدأ بالفئة الأولى التي تتقاضى الأجر الأعلى عن اللحن، وكانت تضم محمد عبدالوهاب ورياض السنباطى ومحمود الشريف وأحمد صدقى وكمال الطويل ومحمد الموجى وبليغ حمدى. الفنان مثل أى سلعة، يخضع لقانون العرض والطلب، وأى محاولة لغض الطرف عن تلك الحقيقة، تخاصم الواقع، مثلا حتى التسعينيات كما قال لى الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة كان أجره يتساوى مع كبار النجوم فى الحلقة التليفزيونية، ويقصد بالكبار محمود مرسى ويحيى الفخرانى، طبعًا مع بزوغ الألفية الثالثة، تغير المقياس لأن أسماء النجوم تلعب دورًا مؤثرًا فى حق بيع المسلسل للفضائيات، وظلت هناك قطعًا استثناءات فاتن حمامة مثلا فى عام 1991 (ضمير أبلة حكمت) حصلت على أجر شامل 100 ألف جنيه عن 15 حلقة، بالإضافة إلى نسبة من حق بيع المسلسل للتليفزيون السعودى، وأتصوره «رقم استثنائى»، لأنها أولًا فاتن وثانيًا لأنها أول طلة لها على الشاشة الصغيرة.

الأجر يشكل جزءًا من اعتزاز الفنان، بنفسه، مثلا كان من المفروض أن يلعب محمود مرسى البطولة فى فيلم (باب الحديد)عام 58 ليصبح أول أدواره السينمائية، إلا أنه اشترط أن يحصل على الأجر الذي يتقاضاه فريد شوقى (النجم الأول)، وقتها وهو خمسة آلاف جنية، وكان المعروض عليه فقط ثلاثة آلاف، بعد اعتذاره أسند المخرج يوسف شاهين، الدور لفريد شوقى ومنحه الخمسة.

الأجر بزاوية ما يلعب دورًا فى ترتيب اسم النجم على (الأفيش)أو (التترات) وحجم صورته أيضًا فى (البوستر)، نتذكر مقولة نور الشريف الشهيرة فى الثمانينيات، عندما احتدمت الخلافات بين النجوم بسبب ترتيب الأسماء أعلن (اللى أجره أكبر منى يسبقنى)، ماعدا (الملك) فريد شوقى يسبق الجميع، وذلك تقديرًا لتاريخه، إلا أنه فى عام 1994 اجتمع مع فريد شوقى فى فيلم (الطيب والشرس والجميلة) وكتب اسمه سابقًا فريد، فقرر (الملك) إقامة دعوى قضائية ضد نور!!

اتجه عادل إمام للدراما التليفزيونية أيضًا بسبب الأجر، كان من المفترض فى عام 2011 فى أعقاب ثورة 25 يناير أن يقدم فيلم (فرقة ناجى عطالله)، وطلب أجرًا قدره 16 مليونًا، بينما شركة الإنتاج -لأن السوق فى أعقاب الثورة لم يكن منضبطًا أو مضمونًا-قررت تقليصه إلى 10 ملايين، رفض عادل، وأحال يوسف معاطى سيناريو الفيلم ساعتين إلى مسلسل تليفزيونى 15 ساعة وتقاضى عادل 30 مليون جنيه، كان وقتها الأعلى بين كل نجوم الشاشة الصغيرة، ومن بعدها، ظل ثمانية أعوام يلعب بطولة مسلسل تليفزيونى، وتوقف تمامًا عن السينما!!

الأجور وتفاوتها تستحق فعلا أن تقدم عنها دراسة، فهى ترسم ملامح زمن، مع الأخذ فى الاعتبار أن الأجر ليس هو بالضرورة المعادل الموضوعى للإبداع ، هذه نقرة وتلك نقرة!!