الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
المُسَلَّمات والشائعات

المُسَلَّمات والشائعات

سألنى كاتب سيناريو شاب فى بداية الطريق: كيف يتسنى لى أن أصبح مؤلفا شهيرًا يشار له بالبنان وتستضيفنى القنوات التليفزيونية والفضائية وتسألنى مقدمة البرنامج الحسناء عن أحب أنواع الطعام إلىّ.. وإلى أى الأبراج أنتمى.. وهل أنا أهلاوى قلبًا وقالبًا أم أننى «أتزملك» أحيانًا؟.. ومن هى النجمة التى أحلم بأن أعمل لديها «ترزيًا» أو «رفًا» أفصل الأفلام والمسلسلات على مقاسها.. كما تستضيفنى برامج «الخبص» و«الهلس» و«النميمة» التى تعنى بفضائح النجوم لأكشف عن أسرارى الخاصة فى علاقتى بزوجتى وهل سبق لى خيانتها مع ممثلة شابة؟!



قلت له إن أسرع وأقصر وأسهل وأجدى وسيلة هى أن تعلن فى كل مناسبة وبدون مناسبة وفى كل وقت وفى أى مكان تذهب إليه أنك كاتب كبير.. فالجماهير لن تمنحك ذلك الشرف سواء كنت تستحقه أو لا تستحقه.. والألقاب الشائعة وما أكثرها مثل «نجمة الجماهير» و«نجمة مصر الأولى» و«ملك الفيديو».. ومخرج الروائع.. ومدرب الكرة الداهية.. واللاعب الأسطورة.. والصحفى اللوذعى والمعلم قاهر الكيمياء.. كلها ألقاب صنعها أصحابها وألحوا عليها فصارت حقيقة.. إن سيكولوجية الشائعة أقوى من الرأى الموضوعى.. وبارانويا الشخصية المتورمة الذات أكثر فاعلية من التقييم الدقيق.. وبالونات الدعاية أكثر تأثيرا من الموهبة الحقيقية.. والمُسَلَّمات فى حياتنا تبدأ بأكذوبة ثم تصير تراثا.. مثل أكذوبة أن «على بابا» رجل شريف بينما هو فى الحقيقة لص أثيم استولى على مجوهرات ليست من حقه ونعم بها برفقة عشيقته «مرجانة».. والإلحاح على الأكاذيب يعطيها– وبسرعة غريبة– شرعية التواجد والانتشار والذيوع والتحقق.. وأن تفرض نفسها كحقيقة ساطعة.. هل أعطيك مثالًا؟!

على أثر لبس أو سوء تفاهم بسيط وقع بين كاتب درامى ومسئول تليفزيونى.. باغته صارخًا فى وجهه بانفعال بالغ وهو يهوى بقبضة يده على مكتبه: «أنا لا أقارن إلا بشكسبير».. فجزع المسئول.. وأدرك أنه أخطأ خطأً جسيمًا فى تقديره لمكانة الكاتب.. وقد كان وأصبح لا يعامله – هو والجميع- منذ تلك اللحظة وحتى الآن.. وإلى أن يقضى الله أمرًا كان مفعولًا إلا باعتبار أنه «شكسبير» شخصيًا!