الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الكبار  فى الأدوار الصغيرة

الكبار فى الأدوار الصغيرة

لأن أفلام السينما المصرية تعتمد على شباك التذاكر والتوزيع الخارجى.. والمسلسلات الدرامية على التسويق والإعلانات.. فقد سيطر النجوم والنجمات على مقاليد الأمور وانقلب الهرم منذ سنوات طويلة وأصبح المؤلف الدرامى يهرع إلى النجم أو النجمة بفكرة أو معالجة درامية من عدة ورقات فإذا استهوته – هو أو هى – بادر باختيار المنتج والمخرج بشرط أن تبتلع مساحة النجم أو النجمة الشاشة الصغيرة أو الكبيرة.. ولا يسمح بتواجد بقية الممثلين والممثلات إلا بقدر ضئيل مع مجموعة أخرى من الشروط المضحكة التى سوف أكتب عنها فيما بعد فى مقال مستقل.



وقد سبق أن هاتفنى مدير إنتاج متسائلًا؛ هل لدى موضوع مسلسل يصلح لنجمة شهيرة تنافس به فى السباق الرمضانى.. فلما أخبرته أن لدى معالجة تليفزيونية أتصور أن دور البطولة به يناسبها.. طلب منّى ببساطة متناهية أن أذهب بالمعالجة إلى شركة إنتاج معينة وحدد لى موعدًا أخبرنى أن النجمة سوف تكون هناك لاستقبال المؤلفين الذين لديهم أفكار يريدون عرضها عليها.. أى أنهم سيقفون فى طابور عرض.. والنجمة المحبوبة تختار بضاعتها المفضلة من أحدهم.. فلما أبديت بالغ استيائى من تلك المهانة استدرك محاولًا امتصاص انفعالى فزاد الطين بلة حينما أخبرنى أن النجمة لن تلتقى برهط المؤلفين معًا.. وإنما سوف ندخل الواحد تلو الآخر إلى المكتب الذى تجلس فيه.. وبترتيب الحروف الأبجدية.. ولأن النجم أو النجمة يستولى على أكثر من نصف ميزانية العمل فلا يتبقى للآخرين سوى الفتات.. فإن المنتج يقوم بدور «البقال» فى توزيع هذا الفتات على بقية الفنانين والفنيين فى العمل الفنى.. ويلجأ إلى ممثلين وممثلات يتقاضون أجورًا هزيلة.. ومنهم ممثلون كبار فى موهبتهم.. ومن منا ينسى مثلًا الدور الصغير الرائع الذى أدته «أمينة رزق» فى فيلم (أريد حلًا) والذى استولت به على مشاعر المتفرجين وفجرت الدموع.. وحصدت بالدور على الكثير من الجوائز.. والقليل من النقود.

تذكرت ذلك بمناسبة حلول مئوية الفنان الرائع توفيق الدقن الذى حقق فى مشواره الفنى الطويل إبداعات حافلة بتجسيد شخصيات درامية متميزة فى المسرح والسينما والتليفزيون تشهد بموهبته الكبيرة وإحساسه الفنى الطاغى فى أدوار لا تنسى فكان من أولئك المبدعين الذين يضفون على الشخصية وهجًا وقيمة وأهمية ويعظم من شأنها وربما يضفى عليها ما ليس فيها.. ويسبغ عليها روحًا خاصة فى مزيج مدهش بين التناول التراچيدى الفاجع.. وبين الكوميديا الساخرة التى تفجر الضحكات.

إن الدور الصغير كان يكبر به.. وليس العكس.