الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الدور الاجتماعى للأديرة

الدور الاجتماعى للأديرة

 تداول رواد الفيس بوك صورة لقائمة مأكولات تباع لزوار دير العذراء بدرنكة، وفيها ثمن ساندويتشات الفول والطعمية والبطاطس جنيهًا واحدًا، والأطعمة الأخرى تزيد قليلا، وأبدى الكثيرون دهشتهم من هذه الأسعار لأنهم لا يعرفون أن الدير يدعم هذه المأكولات إكرامًا لزواره خاصة فى أيام مولد العذراء وترحيبًا بهم وإشفاقًا عليهم، وأثارت هذه الأسعار إعجاب الكثيرين الذين قابلوها بترحيب كبير وبمحبة خالصة ووصلت فى بعض التعليقات إلى الفكاهة اللطيفة مثل مطالبة البعض بأن يتولى الأنبا يؤانس أسقف أسيوط والمشرف على دير درنكة وزارة التموين باعتباره قادرًا على تخفيض السلع بهذا القدر الكبير، المزحة البريئة تعبر عن أزمة الغلاء التى يعانى منها المواطنون خاصة البسطاء ومحدودى الدخل وهم الأغلبية الآن، لكنها أيضًا تفتح باب التساؤل حول مدى إمكانية أن تلعب الأديرة دورًا فى مساعدة المجتمع كله مسلمين ومسيحيين، ومعظمها لها منتجات كثيرة ومميزة، بعض الأديرة تبيع للرواد بأسعار معقولة وغير مغال فيها وأقل كثيرًا من مثيلاتها فى السوبر ماركت ومحلات البقالة، ولكن أديرة أخرى أسعارها مرتفعة وتزيد عن الأسواق، وترجع هذه الأديرة أسباب الأسعار المرتفعة لكون المنتجات أورجنيك لا تستخدم الكيماويات فى زراعتها وصناعتها ما يجعلها مميزة وذات جودة عالية، ولكن تستطيع الأديرة أن تخفض الأسعار فهى تستخدم عمالة رخيصة نسبيًا والإشراف عليها مجانًا من الرهبان الذين لا يتقاضون مرتبات أو أمولا مقابل جهدهم كما أنه من المفترض أن الأديرة غير هادفة للربح، ورهبانها يعيشون على أقل القليل من متع الحياة، وقديمًا كانوا يكتفون بالبساطة فى الملبس والمأكل حتى أن بعضهم كان يعيش لفترات على العيش والملح فقط، منذ السبعينيات بدأت الأديرة فى التوسع فى نشاطها وكان الهدف تحقيق اكتفاء ذاتى للدير وانشغال الرهبان بعمل مفيد فى غير أوقات الصلاة والتعبد، وكان الرائد فى ذلك الطريق الأب متى المسكين الذى منحه الرئيس السادات أراضى حول دير أبو مقار، فقام باستصلاحها وزراعتها مستخدمًا أحدث أساليب زراعة الصحراء وتربية الحيوانات، ومع السنوات زادت المساحات المستصلحة واتسعت معها الأنشطة وتعددت أوجهها بشكل كبير ولافت، وسار على نفس الطريق معظم الأديرة وساعد على ذلك الرهبان الجامعيون من خريجى كليات الزراعة والهندسة والطب البيطرى والتجارة والتخصصات الأخرى وهؤلاء لا يخلو دير منهم حيث استغلوا علمهم فى زيادة الإنتاج خاصة فى الزراعة والصناعات الغذائية، ولكن هذا التوسع دفع بعض الأقباط إلى التخوف من أن ينشغل الرهبان بهذه الأنشطة على حساب الهدف الأساسى للرهبنة وهو البعد عن المجتمع والتفرغ للعبادة حيث يتم صلاة الموتى على الراهب تعبيرًا عن تركه الحياة وملذاتها، ولكن الوضع الآن أن الأديرة لديها منتجات ويمكن أن تقوم بمبادرة بتخفيض أسعارها، كما يمكن أن تكون هناك وسيلة لوصول هذه السلع للمواطنين جميعًا، صحيح أن كثيرًا من الأديرة لها منافذ بيع بعيدًا عن مقراتها ولكنها لا تغطى سوى أماكن محدودة ومعظمها داخل بعض الكنائس أو فى محيطها، فهل يمكن التوسع فى هذه المنافذ بحيث تصل إلى المدن الصغيرة والقرى والمناطق الفقيرة وخاصة القريبة من الأديرة؟، ولماذا لا تفكر وزارة التموين فى عرض منتجات الأديرة فى منافذها ما يجعلها متاحة للجميع وفى متناول يد المصريين كلهم؟، ويساعد على ذلك تنوع السلع بشكل كبير وعلى سبيل المثال اللحوم بأنواعها والدواجن والطيور المختلفة بجانب منتجات الألبان كلها والعسل والبيض والفاكهة والخضروات وغيرها، وقد شاهدت على الفيس بوك ذات يوم إعلانًا يقول: «لعدم وجود زوار للأديرة لشراء منتجات الأديرة ساعدوا فى البيع، عنب دير مار جرجس الخطاطبة عنب تصدير أول فرز ولا أى كيماويات يقوى المناعة بالجسم البرنيكة بـ 70 جنيها وبها 8 كيلو»، يمكن للأديرة أن يكون لها دور ولو بسيط فى رفع المعاناة عن كاهل البسطاء ومحدودى الدخل وهى تفعل ذلك بالفعل مع عدد من الفقراء المسيحيين ولكن الأمر سيكون أكبر إذا أتيحت منتجاتهم المميزة بأسعار رخيصة للجميع، كما أن هذا الأمر سيجعل اسم الأديرة على كل لسان ويشيد المواطنون بفضلها وبالقائمين عليها، وستقضى على خرافة تخزين الأسلحة فيها التى تم ترويجها لسنوات من قبل المتطرفين، كما ستوقف فتنة المتنطعين الذين يحرمون أكل المسيحيين ويدعون لعدم التعامل معهم والشراء منهم، بالإضافة إلى أنه سيكون للأديرة دور كبير فى المجتمع لا يقل عن الرهبانيات الكاثوليك التى اكتسبت محبة كبيرة بسبب مدارسها التى يتسابق المواطنون لإلحاق أولادهم بها، تحتاج أديرتنا القبطية إلى تطوير بعض أفكارها والالتحام بالمجتمع دون أن تفقد قواعد الرهبنة وتراث الآباء.