الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. «فورين بولسى» تقع فى براثن أحاديث الإفك الإخوانية لماذا يزعجهم السيسي ومشروعات مصر العملاقة؟

حقك.. «فورين بولسى» تقع فى براثن أحاديث الإفك الإخوانية لماذا يزعجهم السيسي ومشروعات مصر العملاقة؟

أضحت التحديات الاقتصادية والأزمات المالية عنوانًا ثابتًا لمسار العالم وتحولاته منذ انكسار موجة إغلاق فيروس كورونا وتتشارك فيه الدول العظمى والنامية، إلا أن بعض الساسة قرر توظيف تلك الحالة من أجل الإيقاع بخصومه، يحدث ذلك فى معركة الرئاسة الأمريكية وطحن العظام المتبادل بين المعسكر الديمقراطى من جانب والمعسكر الجمهورى من الجانب الآخر واتسع الأمر إلى محاولة تيارات إرهابية تهديد أمن واستقرار الدول وإشاعة الفوضى بها باستخدام سرديات مضللة حول الواقع الاقتصادى والتقليل من وقع السبب الحقيقى واستغلال حالة الشحن والغضب المصاحبة للتضخم وارتفاع الأسعار وتوظيفها باتجاه هدم الدولة وتشويه الإنجازات المتحققة على الأرض كما هو الحال فى النموذج المصرى.



 

لدى جماعة الإخوان الإرهابية استراتيجية واضحة فى الهجوم على الدولة المصرية واستخدام سلاح الشائعات والتضليل وقلب الحقائق من أجل تهديد استقرار مصر، وتعتمد تلك الاستراتيجية على تمرير رسائل عبر محللين أجانب من بينهم الباحث ستيفن كوك صاحب المقالات النقدية للدولة المصرية منذ ثورة 30 يونيو، والجماعة تعلم جيدًا أن الانتقادات حينما تأتى من الأجانب يكون لها تأثير أعلى من تأثير كل أذرعهم الإعلامية الهاربة حاليًا فى أوروبا.

فورين بوليسى مجلة أمريكية شهيرة ومعروفة تنشر مقالات تتحدث عن الشئون الخارجية، وتحظى باهتمام من الباحثين وصناع القرار ومثل أى وسيلة إعلامية لديها انحيازات تعبر عن ملاكها وهى وثيقة الصلة بالسياسات الخارجية للولايات المتحدة وتعبر عنها بشكل واضح، وتحمل فى كثير من الأحيان الرسائل المبطنة التى لا تفصح عنها الولايات المتحدة شكل رسمى، ولذلك فهى محل اهتمام.

هجوم الفورين بوليسى عبر قلم ستيفن كوك على الرئيس عبدالفتاح السيسى وثورة 30 يونيو ليس جديدًا ولن يكون الأخير، ومتوقع أن تزيد حدة الانتقادات اشتعالاً مع اقتراب موعد الانتخابات المصرية فى محاولة واضحة لإضعاف الدولة المصرية وإضافة مزيد من التعقيدات لتحدياتها الاقتصادية والسياسية وتشويه كل ما حققته من إنجازات لا يمكن الاختلاف عليها.

المدهش أن تتعرض القيادة المصرية للنقد بسبب إنجازاتها، وهو أمر غريب وغير مسبوق أن تتحول مشروعات قومية عملاقة يتحدث عنها العالم بإعجاب ووفرت الآلاف من فرص العمل ومكسبًا فى يد الدولة المصرية إلى هدف للنقد والتجريح غير المبرر.

والمدهش أكثر أن يشارك فى ذلك باحثون كان من المفترض أن يخضعوا فرضياتهم لمقياس علمى بدلاً من جمع معلومات مغلوطة ومضللة وعقد مقارنات معيبة لا ترقى إلى أن تكون سطرًا فى مقال ردىء.

والحكم بالرداءة على مقال كوك قادم من ثغرات حملتها سطور فاسدة المضمون، فقد تجاهل فى حديثة متعمدًا تأثيرات الأزمة العالمية على الأسواق الناشئة ولى عنق الحقيقة بإلصاقها بصاحب القرار السياسى.

مصر دولة مؤسسات والمشروعات العملاقة خطة دولة وقامت بتنفيذها جميع أجهزة الدولة بتعاون وتناغم مع شركات وطنية وفرت فرص عمل ومدت شرايين التنمية لكل مكان فى مصر.

هذه التأثيرات الاقتصادية السلبية ليست مبررًا للدفاع عن القرارات الاقتصادية المصرية، بل إنها مبنية على تحليلات مؤسسات اقتصادية كبرى من بينها صندوق النقد الدولى الذى حذر من تداعيات كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وحملت تقاريره نظرة متشائمة تجاه الأسواق الناشئة ومصر ليست استثناء بالتأكيد.

تجاهل كوك تمامًا حجم الإنفاق الحكومى على فكرة توطين العدالة الاجتماعية عبر مبادرة مثل «حياة كريمة» هى الأكبر فى العالم وتكلفتها الضخمة على موازنة الدولة فى ظرف اقتصادى ضاغط فى إشارة بالغة الدلالة على انحياز الرئيس السيسى إلى الإنسان.

ونسخ كوك عبارة ترددت كثيرًا وهى أن المشروعات القومية العملاقة ليس لها عائد مباشر على المواطن ولم يستفد منها وأن الدولة لم تكن مستعدة لهذا الكم من مشروعات البنية التحتية وهى مغالطة إخوانية صريحة تلتف على نجاح تلك المشاريع وتفتح المجال للتشكيك فى جدواها وحجم الاستفادة منها، ومررت للجانها الإلكترونية مصطلح فقه الأولويات الذى ابتدعه القيادى الإخوانى الراحل يوسف القرضاوى، بأن المشروعات القومية العملاقة ليست من أولويات الشعب المصرى وأن الحاجة للغذاء أهم من الحاجة إلى البناء والتعمير الجارى فى كل ربوع مصر.

والحقيقة أن اختيار المشروعات القومية، والسعى نحو الإسراع بها هو تطبيق للنموذج الآسيوى فى التنمية، وهو النموذج الذى حققت من خلاله الصين وسنغافورة وكوريا وإندونيسيا نهضتها الحالية، ووضعت تلك الدول فى أولوياتها أن تقوم ببناء المشروعات العملاقة، خصوصًا فى البنية التحتية رغم أنها كانت مصنفة فى بداية نهضتها من الدول الفقيرة، إلا أنها تركت الفقر جانبًا، وقررت المضى قدمًا فى تأسيس شبكات الطاقة، ومد الطرق كشرايين تنمية، تمكن الدولة من مكافحة البطالة، وتوفير فرص عمل يمكنها استيعاب الزيادة السكانية المضطردة.

وتأسيسًا على ذلك يصبح استكمال ما بدأته الدولة المصرية رغم التحدى الاقتصادى، فرض عين لأن التوقف يعنى تدمير ما تحقق والعودة إلى الوراء، ومصر ليس لديها رفاهية الوقت مع الزيادة السكانية والطلب المتزايد على العمل والتخلص من أسر نهر النيل، والتوجه إلى البحر، والاستفادة من تنافسية موقع قناة السويس المهم وهو ما تحقق فى مشروع قناة السويس الذى أشاد به كوك بعدما ارتفعت إيرادات القناة رغم أنه انتقده وقت تنفيذه.

تجاهل كوك التعريف المتفق عليه دوليًا وهو أن التنمية عملية تراكمية قررت الدولة المصرية أن تخوضها بشجاعة، واختارت الطريق الصعب وهو الاستمرار فى البناء والعمران، وافتتاح المشاريع رغم التحديات الاقتصادية والسياسية.

أراد كوك أن يصل إلى نتيجة متعجلة ومضللة وهى أن الاقتصاد المصرى فى خطر وأن الدولة المصرية تواجه كارثة وهو أمر يتنافى مع الحقيقة تمامًا وترد عليه أرقام النمو فى الصادرات، فهى بحسب تقرير للبنك المركزى قد ارتفعت فى الربع الثانى من العام المالى الماضى 11.54 مليار دولا مقابل 9.97 مليار دولار بنهاية الربع الأول من نفس العام المالى.

وبلغت صادرات المواد الخام نحو 765.4 مليون دولار فى الربع المالى الثانى مقابل 773.2 مليون دولار فى الربع الأول من العام المالى الماضى.

ووصلت الصادرات المصرية من الخضروات أو المبردة والمطبوخة نحو 125.3 مليون دولار مقابل 104 ميون دولار فى الربع المالى الأول.

كما بلغت صادرات الفاكهة الطازجة والمجففة نحو 102.1 مليون دولار فى الربع الثانى من العام المالى الماضى مقابل 144.5 مليون دولار فى الربع الأول، وكذلك بلغت صادرات مصر من السلع المصنعة نحو 1.7 مليار دولار مقابل 1.6 مليار دولار فى الربع الأول من العام المالى الماضى.

ونجحت مصر فى إنشاء 6 مراكز لوجيستية فى (كينيا - المغرب - موريشيوس - نيجيريا - وزامبيا - الجزائر) من إجمالى 12 مركزًا لوجستيًا مستهدفًا، وبحسب تقرير لوزارة الصناعة تتطلع الدول الأفريقية إلى المنتجات المصرية خاصة فى قطاع مثل الصناعات الهندسية والمستلزمات الطبية والبتروكيماويات والغزل بعدما تم تدشين منتجات معينة بالقطاع الهندسى للسوق الإفريقية، ومن ضمن محاور خطة زيادة الصادرات لإفريقيا العمل على التفعيل الأمثل لاتفاقات التجارة التى تجمع مصر بالدول الأفريقية ومنها اتفاقية الكوميسا لتسهيل وصول المنتجات المصرية لتلك الأسواق دون عوائق.

وتظهر بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، قائمة أهم صادرات مصر الوطنية وكانت السلع تامة الصنع فى صدارة القائمة وبلغت قيمتها نحو 21 مليارا و246 مليون دولار بنهاية عام 2022، مقابل 19 مليارًا و408 ملايين دولار فى نفس الفترة من العام السابق 2021، بزيادة بلغت نحو مليار و837 مليون دولار.

تليها الصادرات المصرية من الوقود وبلغت قيمتها الإجمالية خلال عام 2022 نحو 17 مليارا و22 مليون دولار، مقابل 12 مليارا و782 مليون دولار، بزيادة بلغت قيمتها نحو 4 مليارات و240 مليون دولار.

وتشمل تلك القائمة صادرات السلع نصف المصنعة وبلغت قيمتها نحو 9 مليارات بنهاية 2022، مقابل 8 مليارات و659 مليون دولار فى نفس الفترة عام 2021، بزيادة نحو 865 مليونًا و983 ألف دولار، إلى جانب صادرات المواد الخام والتى بلغت قيمتها الإجمالية نحو 3 مليارات و989 مليون دولار عام 2022، مقابل 3 مليارات و17 مليون دولار فى نفس الفترة عام 2021، بزيادة بلغت 971 مليونًا و686 ألف دولار.

وتوقع صندوق النقد الدولى، تزايد معدل نمو الاقتصاد المصرى إلى 4 % خلال العام المالى الجارى 2022 / 2023، ثم 5.3 % فى العام المقبل، وصولًا إلى 5.7 % فى العام المالى التالى له، و5.9 % فى 2025 / 2026.

كما توقع الصندوق، فى بيان صدر فى يناير 2023 أن تبلغ إيرادات موازنة مصر فى العام المالى الجارى نحو 1.6 تريليون جنيه، تزيد إلى 1.9 تريليون جنيه فى العام المالى المقبل وصولا إلى 2.2 تريليون جنيه فى العام المالى 2024/ 2025.

وقال الصندوق أن البرنامج الذى توصل إليه مع مصر، يهدف إلى تعزيز النمو الذى يقوده القطاع الخاص وخلق فرص عمل.

وتوقع صندوق النقد، فى تقريره، أن يتراجع التضخم الأساسى إلى 7 % بحلول السنة المالية 2024/ 2025، وأن تسجل موازنة الدولة فائضًا بنسبة 2.1 % من إجمالى الناتج المحلى.

وقال الصندوق إن مصر أظهرت مرونة فى مواجهة الصدمة التى أصابت العالم جراء وباء «كوفيد - 19»، مشيرًا إلى استقرار سعر الصرف، وتحويلات قوية من الخارج، وانتعاش فى السياحة، مشيرًا إلى خطط الحكومة للحماية الاجتماعية والأمن الغذائى من بينها برنامج التحويل النقدى (تكافل وكرامة).

كما ارتفعت صادرات مصر من قطاع الملابس الجاهزة نحو 2.092 مليار دولار، وقالت مارى لويس بشارة، رئيس المجلس التصديرى للملابس الجاهزة، إن مصر تصدر الملابس الجاهزة للولايات المتحدة بواقع 61 % من طاقة التصدير، ولأوروبا بـ31 %، خلاف التصدير للإمارات والسعودية وألمانيا وإيطاليا وإنجلترا وفرنسا.

وأضافت بشارة، أن مصر صدرت ملابس جاهزة بقيمة 2.5 مليار دولار رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، مضيفًا أن الإمارات العربية شهدت زيادة كبيرة فى التصدير بنسبة 92 %.

وبلغت قيمة الصادرات غير البترولية 32.5 مليار دولار عام 2021، مقابل نحو 25.1 مليار دولار عام 2020، بارتفاع بلغت نسبته 29.9 %، ووصلت قيمة الصادرات البترولية والكهرباء إلى 11.1 مليار دولار عام 2021، مقابل 4.2 مليار دولار عام 2020، بارتفاع بلغت نسبته 164.3 %.

وإذا انتقلنا من الاقتصاد إلى السياسة والحديث عن أدوار مصر الإقليمية وعقد مقارنات ساذجة بين الماضى والحاضر فهى تنم عن جهل شديد بثوابت الدولة المصرية وهى عدم التدخل فى شئون الآخرين والتمسك بآليات التفاوض وعدم الانجرار إلى صراعات عسكرية خارجية ومركزية القضية الفلسطينية ورعايتها لعملية السلام وعدم الانحياز لقوى لعظمى وكذلك عدم الانضمام إلى أحلاف عسكرية وهى بالتأكيد معادلة صعبة فى ظل التجاذبات والصراعات التى يموج بها العالم والإقليم، لكنها أدوار حافظت على احترام الجميع وجنبت مصر صراعات وأزمات مؤذية للغاية فى ظل تحدى اقتصادى يفرض على صاحب القرار السعى دائما نحو التهدئة ودعم جهود التفاوض بين المتصارعين على السلطة فى دول الجوار وتحقيق الاستفادة بالعمل على التكامل الاقتصادى وتبادل المكاسب حتى تخرج كل الاطراف فائزة. 

كان لأستاذ الأجيال محمد حسنين هيكل، جملة مفتاحية عند النظر إلى أى مسألة وهى انظر إلى الخريطة، وبمجرد النظر إلى خريطة مصر الحالية، سنجدها مشتعلة فى أركانها الأربعة، فهى تعيش فى إقليم ملتهب بالصراعات يعانى من انهيار الدولة المركزية، وتستقبل ملايين اللاجئين، ويزيد سكانها بشكل متسارع، وهى كلها أسباب كفيلة بتعطيل أى خطة تنمية، ولكن مصر لم تتوقف يوما، بل وتحدت ظروفًا غير تقليدية مثل تأثيرات إغلاق فيروس كورونا، وتداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية وتصديرها لارتفاعات الأسعار، وارتفاع نسب التضخم والبطالة، وتهديد الأمن الغذائى لكل دول العالم، ومع ذلك لم تتخلف الدولة يوما عن تلبية احتياجات شعبها ولا عن تسديد التزامتها الدولية.

إجمالاً الوضع الاقتصادى ليس بذلك السوء الذى يتحدث عنه كوك أو قنوات التضليل الإخوانية، بل إن قدرات الدولة المصرية تزايدت وتعاظمت بحجم مشروعات البنية التحتية واستحداث مدن جديدة مثل العاصمة الادارية والعلمين الجديدة وتحويلها من مناطق غير مأهولة إلى ثروة عقارية ضخمة، واستكمال مشروع توشكى الذى توقف فى عهد الرئيس الاسبق حسنى مبارك يعتبر إنجازًا هندسيًا عظيمًا مكن مصر من زيادة رقعتها الزراعية ومكنها من تأمين قدرتها على المحافظة على الأمن الغذائى للمصريين فى وقت يتعرض فيه العالم لأزمة فى الغذاء فهل تملك الدولة ترف الانتظار حتى تتضاءل قدرتها على تلبية احتياجات شعبها فى ظل أزمتها السكانية.

بل ويمكننا القول أن حملات الهجوم تستهدف الإنجازات والضغط لتوقفها لرفع تكلفتها المستقبلية ومن ثم تجميدها وحرمان الاقتصاد المصرى من عوائدها، فور عودة الاقتصاد العالمى لطبيعته واستعادة الاستثمارات لحركتها السابقة وما توفره مصر من فرص واعدة فى العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة وباقى مدن مصر الحديثة والذكية.  

أحاديث الإفك الإخوانية قديمة حاصرت كل رؤساء مصر فى عصرها الحديث، فهى تنظيم خائن ومخرب لا يجيد سوى الهدم والتشويه لصالح المترصين بالدولة المصرية، ويدور فى فلكهم الباحثون الغربيون المدلسون لصالح قوى يزعجها وجود قيادات وطنية قوية مثل الرئيس السيسى لا تخضع للضغوط ولا تتراجع أمام التحديات وتسعى دائما لتقوية دولها ورفاهية شعبها على المدى البعيد .