الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
نرفزة ملعب

نرفزة ملعب

 أما وقد اختلت وتداعت معايير السلم القيمى وانهارت دعائم وركائز الأخلاق الحميدة المرعية وتهاوت أصول الفضائل الإنسانية وتدنت مقاييس آداب السلوك الاجتماعى الراقى وتراجعت وسائل التواصل البشرى وشاعت التحولات الذميمة فى الشخصية المصرية التى تغيرت ملامحها السمحة الودودة والمسالمة الصابرة والرحيمة والرءوفة فأضحت عدوانًا عنيفًا وفظاظة كريهة وتراشقًا ذميمًا وتلاسنًا قبيحًا وتسلطًا إجراميًا وفوضى عارمة ورغبة جارفة فى تخطى الأعراف الثابتة والقوانين المنظمة والميل الجامح فى كسر القانون وتحدى السلطات الشرعية ورفض الآخر المختلف.



فإن المفكرين وعلماء النفس الاجتماعى من أمثال د.«جلال أمين» و«أحمد عكاشة» ود.«عزة عزت» الذين تناولوا بالبحث ذلك الحراك الاجتماعى الحاد وبروزه فى حقبة السبعينيات والذى يمثل اجتثاثًا للجذور الثقافية السائدة فى مصر.. تلك الجذور الراسخة والمستقرة منذ آلاف السنين وهو ما عكس تناقضات حادة بين الطبقات بشيوع الانفتاح الاقتصادى وما حدث على أثره من تحلل للقيم وانتهاك للقوانين والعدوانية والتسلط والبلطجة.

هذا التحول فى الشخصية المصرية يمكننا أن نرصد من خلاله – كمثال صارخ– تلك الواقعة المشينة باعتداء «حسين الشحات» لاعب النادى الأهلى على اللاعب المغربى «الشيبى» بالسب والقذف المقذع بعد انتهاء المباراة التى أقيمت بين الأهلى وبيراميدز.. وقد أثارت الواقعة ضجة كبيرة وردود أفعال عاصفة من خلال الصحف والبرامج الرياضية بالفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعى مصحوبة بلغو متباين يسوده كثير من التخبط والنميمة والادعاء والتبرير المغلوط والتراشق اللفظى النارى والتطاحن البغيض بين أطراف مختلفة.

والحقيقة أنه رغم بشاعة الحادث الإجرامى فإن ما أدهشنى وأثار استيائى الشخصى أكثر من الحادث نفسه تلك التبريرات المتهافتة التى التمس فيها أصحابها الأعذار لسلوك المعتدى وأكثرها للأسف صادرة عن معلقين رياضيين.. فبعضهم أكد بجسارة مخجلة أن الواقعة مجرد «نرفزة ملعب» انتهت بالتصالح.. وأخرى أن «الشحات» تم استفزازه من الآخر.. بل إن إعلاميًا معروفًا صاح بغضب هادر فى برنامج يقدمه أن ذلك الاستفزاز شمل سبًا لأهل المعتدى.. وأنه لو كان مكان اللاعب المعتدى لاستخدم ما هو أكثر من الصفع.. وهى تعليقات كارثية تكرس للبلطجة وتبارك الفعل الإجرامى والعدوان الذميم والانتقام الفردى بمعزل عن اللجوء للقنوات الشرعية والقانون المدنى.

فمرحبًا بردة حضارية مقيتة.. وأهلًا وسهلًا بقانون الغاب.