الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
جدوى المقاطعة

جدوى المقاطعة

مع كل مرة يحدث فيها اعتداء على القرآن أو توجه فيه إهانة للرسول صلى الله عليه وسلم فى إحدى الدول الأوروبية تظهر دعوات مقاطعة منتجات هذه الدولة، حدث ذلك مؤخرا مع السويد عقب قيام متطرف كاره للإسلام بحرق المصحف وبموافقة السلطات السويدية، وحدثت نفس الدعوة مع الدنمارك بعد نشر رسوم مسيئة للرسول منذ سنوات وأيضا مع فرنسا بسبب نشر كاريكاتير فى جريدة شارلى إيبدو يصور الرسول وكأنه إرهابى، ولعل هذا يدفعنا للسؤال هل سلاح المقاطعة مجدٍ؟ وهل يؤتى ثمارا بحيث يجعلنا نكرره ونتمسك به؟ وهل كان مؤثرا فى اقتصاديات هذه الدول للدرجة التى تدفعها للتراجع وتقديم اعتذار وتعهد بعدم وقوع مثل هذه الأحداث مرة أخرى؟ فى اعتقادى أن الأمر يحتاج إلى دراسة جادة تستند إلى العقل وليس العاطفة عن تأثير دعوات المقاطعة السابقة، ولا يكفى أن نستدل بأرقام متداولة فى المواقع المختلفة حول خسائر بمليارات الدولارات وقيام شركات بتخفيض العمالة بسبب خفض الإنتاج، بل يجب أن تكون لدينا إحصائيات حقيقية فإذا كانت المقاطعة بالفعل تسبب خسائر مؤثرة فعلينا بعد اتخاذ القرار القيام بحملة إعلامية كبيرة تحث الشعوب قبل الحكومات على المقاطعة ووقتها سنجد صدى كبيرا لدى هذه الدول التى يلعب الاقتصاد دورا مهما فى اتخاذ قراراتها، وعلينا قبل ذلك أن نفكر أيضا ماذا سنفعل فى الاستثمارات المشتركة مع هذه الدول إن وجدت؟ وهل نستطيع أن نفض هذه الشراكة؟ وإذا كانت هناك مصانع وشركات مشتركة على أرضنا ويعمل بها عدد غير قليل من أبنائنا فهل نوقفها ويصبحوا من المتعطلين؟ وهل نستطيع تعويضهم ماديا؟ وماذا لو أقدمت هذه الدول أو الشركات التى تحمل جنسياتها بالشكوى فى المنظمات والمحاكم الدولية فهل يمكننا تحمل ما يحكم به ضدنا من تعويضات ضخمة؟ وإذا كنا فى حاجة ماسة لبعض منتجات هذه الدول وخاصة الأدوية فكيف نستغنى عنها؟ وهل نجد البديل لدى دول أخرى؟ وقد جربنا ذلك من قبل عندما لم نستطع الاستغناء عن الأنسولين الذى كنا نستورده من الدنمارك، أما إذا كانت المقاطعة غير نافعة ولا تشكل تهديدا كبيرا فلا يجب أن نعيد استعمال أساليب غير مجدية وهو ما يجعل هذه الدول تكرر مثل هذه الحوادث دون خوف من عواقبها أو خشية على مصالحها. إننا نريد قرارات ومواقف قوية ونافعة وليست لإرضاء العوام والناس، أو مجرد تنفيس عن غضبنا وإبراء للذمة دون أن تكون لها نتائج حقيقية، كما لا يجب أن نكتفى ببيانات الشجب والإدانة والصريخ والهتاف، وعلينا أن نبحث عن وسائل أخرى أكثر قوة وأكبر ضغطا، مثلا لماذا لا ندرس الشكوى إلى الأمم المتحدة متحصنين بالمادة 20 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتى تنص على «تحظر بالقانون أية دعاية للحرب وتحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية أو القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف»، وحرق المصحف يمثل كراهية دينية وتمييزا وتحريضا على العنف، وإذا كانت هذه الدول تحتمى بمقولة الحريات الخاصة وحمايتها فإنها يجب أن تدرك أنها تنتهك حقوق المسلمين المقيمين على أرضها وتحرض على كراهية المسلمين فى العالم كله، ونستطيع أيضا القيام بحملة إعلامية عالمية تحذر من رد الفعل تجاه مثل هذه الاعتداءات وأنها قد تؤدى إلى موجة من الإرهاب تحت دعوى الدفاع عن الرسول والإسلام وإن عواقب السماح بهذه الأفعال سيكون مردودها خطيرًا على الجميع، ويمكننا أيضا أن نستغل ما فعله بوتن ومحاولته جذب المسلمين إلى تأييده عندما قام بتقبيل المصحف واحتضانه بعد واقعة السويد وحادثة قيام جنود أوكرانيين بحرق المصحف حسب صور تم تداولها منذ فترة على بعض المواقع، وعلينا كذلك استغلال استنكار كثير من المسيحيين فى معظم دول العالم لما حدث ويمكننا الدعوة إلى مؤتمر عالمى تحت راية الأمم المتحدة للفصل بين حرية الرأى والاعتداء على العقائد والأديان.. ما سبق مجرد اقتراحات وربما يكون لدى أساتذة القانون الدولى والمتخصصين إجراءات أكثر حسما، وأخيرا يجب أن نبدأ بأنفسنا وأن نقف ضد أى اعتداءات فى الداخل على العقائد وخاصة المسيحية التى تتعرض أحيانا لهجوم من بعض المتطرفين وأن نوقف المشاحنات والملاسنات الدينية على مواقع التواصل الاجتماعى.