ذكرى بهجة الإنقاذ

ملامح عابسة ووجوه بائسة وكأننا على حافة النهاية أو على بُعد خُطوة من الموت، شعور بالاغتراب وفقدان الهوية ووجود قلوب حديدية قاسية تنزع منا كل أمل فى نجاة أو قُرب الوصول لبر الأمان.

معاناة وسط فقدان أبسط الأمور، وكأننا عدنا بآلة الزمن للعصور الوسطى، لا كهرباء ولا بنزين وشعور مستمر مُفزع بعدم الأمان، إحساس بالضآلة وضياع المكانة كما لو كنت طفلاً يتيمًا بائسًا يقف منزويًا بملابس قديمة مهترئة صباح يوم العيد وهو يرى كل أقرانه فرحين مبتهجين.

نظرة على معبد أو مَسلة أو حتى بناية مر عليها أكثر من مائة عام، يعقبها نظرة على ما نعيشه ونراه، وبعدها تنهار عزيمتك ويصاب عقلك بمرارة الشعور بالإحباط والضياع.

هكذا كنا ونحن نسير فى نفق مُظلم مختنق، لا نور فيه نهتدى به أو جرعة أكسجين نتنفس بها إنسانيتنا وحريتنا، ووسط كل العجز والاعتقاد بحتمية الغرق، تنفجر الحناجر فى براح الميدان وتهتف بحماس تطلب من القاسية قلوبهم ضرورة الرحيل. 

خيوط النور تتسرب للنفق نبدأ قبل النهاية بلحظات استنشاق الأكسجين الطاهر النظيف، ثورة الثلاثين من يونيو وهتاف الملايين، ثورة لم يتعارك ويتنافس رجالها، فقط بكل قناعة وإيمان، التفوا حول قائدهم وهو يمد لهم يد البهجة والإنقاذ.

فعلها ابن الأرض الطيبة البار وحمى كل من خلفه بصدره، مُقدمًا روحه وحياته فِداءً لشعبه ووطنه، ذكرى البهجة والإنقاذ وعودة الروح للجسد المجهد، ذكرى ميلاد أمة عظيمة، ظن خونة الأوطان أنهم استطاعوا كسرهم وسلب إرادتهم وحريتهم.

تحية واجبة لثورة مولد الوطن الجديد ولقائدها ومخلصها ولكل من شارك فيها حتى ولو بالدعاء.