الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و 1/2.. عبدالحليم... (يكذب إذا تكلم ويصدق إذا غنّى)!!!!

كلمة و 1/2.. عبدالحليم... (يكذب إذا تكلم ويصدق إذا غنّى)!!!!

احتفلنا قبل أيام بعيد ميلاد (العندليب)، فهو مواليد 21 يونيه 1929ولم يكن عند رحيله 30 مارس 1977 قد  أكمل بعد الثامنة والأربعين من عمره، ورُغْمَ ذلك فإن عبدالحليم حافظ كان قد أكمل أركان أسطورته التي اقتربت اليوم من ضعف عمره، فهو بحساب الورقة والقلم غاب عنّا 46 عامًا، إلا أنه واقعيًا لا يزال حاضرًا!!



 إلا أن هذا لا يَعنى أننا لا نزال نعيش على ضفاف شاطئ «أم كلثوم» و«عبدالحليم».. الحياة تتغير والحب والتعبير عن الحب انقلب 180 درجة. الحب الذي غنّى له «حليم» فى منتصف الخمسينيات «على قد الشوق اللى فى عيونى / يا جميل سلم» بكلمات «محمد على أحمد» وتلحين «كمال الطويل» ليس هو الحب الآن.. الحياة فرضت الكثير من المتغيرات، هذه هى الحقيقة التي ينبغى أن نتقبّلها جميعًا حتى ملامح المطرب تغيرت.. «عمرو دياب» تأمّلوه مفتول العضلات رياضى، مواصفات المطرب التي ارتبطت بالرومانسية والتنهدات و(الشحتفة) صارت تنتمى إلى زمن آخر، تابعوا  مثلاً أفلام «تامر حسنى» ستجد أنه يغلب عليها (الأكشن) والضرب والقنص، بينما كل المطربين والمطربات فى الزمن القديم، وطوال تاريخ السينما لم يقدموا سوى الأفلام (الرومانسية).

يظل الحنين إلى الماضى أو حتى البكاء على الماضى ليس بكاءً على اللبن المسكوب؛ لأننا جزء من هذا الماضى، والماضى نفسه الذي نَحِنُّ إليه؛ كان مَن يعيشوه يشعرون بالحنين للماضى الأسبق، عندما كان يمثل بالنسبة لهم الحاضر، نعم أيام «عبدالوهاب» كانوا يتحسّرون على زمن «صالح عبدالحى»، وأيام «عبدالوهاب الجديد» الذي بدأ منذ نهاية الأربعينيات يجدد فى ألحانه فأطلقوا عليه «عبدالوهاب» الجديد، كانوا يتحسّرون وقتها على زمن «عبدالوهاب» القديم، أقصد عبدالوهاب الذي كان يغنى «يا وابور قوللى رايح على فين» و«يا ترى يا نسمة ح تقولى إيه» و«حب الوطن فرض عليّ» ليس هو «عبدالوهاب الجديد» الذي غنّى «أنا والعذاب وهواك» و«انسَى الدنيا وريّح بالك» و«أحبك وأنت هاجرنى»، اعتبروا «عبدالوهاب» يخون ماضيه وجذوره ويخون قبل كل ذلك نفسه.. فى زمن «عبدالحليم» ترحّموا على زمن «عبدالوهاب» واتهموا «عبدالحليم» بأنه يحطم أجمل ما فى الزمن الماضى، وهو ما تجده مثلاً يتردد على جيل «عمرو دياب».. الكل يعتقد أن الزمن القديم هو الزمن الحقيقى!!

بالطبع كان «عبدالحليم حافظ» حريصًا على أن يظل فى البؤرة بكل الأسلحة وأهمّها بالطبع الإعلام، وهكذا مثلاً نجد أنه كان قريبًا للإذاعيين «آمال فهمى»، «سامية صادق»، «أبلة فضيلة»، «جلال معوض»، «وجدى الحكيم» المذيع «حافظ عبدالوهاب» الذي منحه اسمه «حافظ» ليتحول من «شبانة» إلى «حافظ».. ورُغْمَ ذلك؛ فإن كبار الكُتّاب كانت لديهم أيضًا قدرة على أن يرسموا بدقة صورة «عبدالحليم حافظ».

 وهذا هو ما دفع الشاعر والصحفى الكبير «كامل الشناوى» أن يَطلق عليه تعبيرًا صار لصيقًا به وكأنه مفتاحٌ لشخصيته (يصدق إذا غنّى ويكذب إذا تكلم)، البعض يرَى فيها نصف الكوب الفارغ فهو- أى عبدالحليم- إنسان كاذب؛ ولكنك لو تأملت النصف الثانى ستجده ملآنًا يؤكد أن عبدالحليم فنانٌ صادقٌ وأنه خُلق لكى يبدع فنًا، كل شىء بالنسبة لعبدالحليم لديه وظيفة واحدة ووحيدة وهى أن يضع عبدالحليم فى مكانة خاصة على القمّة. وهكذا عندما رحل لم يرحل بعيدًا عنّا لكنه سافر إلى أعماقنا، نعيش أحيانًا معه ونَحِنُّ إلى أغانيه ولكننا نوقن أننا لا نعيش الآن زمن «عبدالحليم»!!