الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و 1 / 2.. الريحانى.. مضحكًا  وليس فيلسوفًا!!

كلمة و 1 / 2.. الريحانى.. مضحكًا وليس فيلسوفًا!!

هذه الأيام مرّت ذكرَى الأب الروحى لفن الكوميديا المصرية والعربية نجيب الريحانى، كان «الريحانى» يرفض اللهاث وراء الكلمات الصاخبة التى ترفعه للسماء السابعة رُغْمَ أنهم كثيرًا ما وصفوه بها قالوا عنه «الفيلسوف»، ونعتوه أيضًا بـ«المصلح الاجتماعى»، كان أكثر ما يطمع فيه أن يقال عنه (مضحك) ولو أضافوا بجوارها حتى يكتمل (الإفّيه) اجتماعى فلا بأس!!.



فى حوار ممتع جرَى قبل أكثر من 100 عام بين نجيب الريحانى أحد أهم نجومنا فى التاريخ وزكى طليمات أحد أهم أعمدة المسرح المصرى الجاد، اتهم «طليمات» «الريحانى» بأنه يقدم للجمهور إسفافًا بتلك المسرحيات الهزلية وأشهرها (كشك بك)، بينما كان رد الريحانى أنه حريصٌ على تسلية جمهوره وأنه ينسج أيضًا أفكارًا إيجابية فى تلك الأعمال، والتى يصفها البعضُ بالهَزِيلة وليست الهَزْلِيّة، وأضاف أنه كفنان عليه أن يضمن تحقيق مردود مادى، حتى يواصل العطاء الفنى، ولن يَلعقَ أصابعَه فى انتظار (ما لا يأتى).

تستطيع أن تجد معنَى الاحتراف يُطل بين ثنايا كلمات نجيب الريحانى، فهو يجب أن يحقق أيضًا أرباحًا، وكان من المعروف أن الريحانى يتقاضى من شركة إنتاج (استوديو مصر) أعلى أجر فى تلك السنوات مقابل فيلمَىْ (سلامة فى خير) و(سى عُمر) وهو ألف جنيه عن الفيلم.

فى مذكرات أشهَر كاتبة بريطانية والتى تحتل المرتبة الثانية بعد وليم شكسبير فى تحقيق أعلى أرقام المبيعات أتحدّث عن أجاثا كريستى، قالت أنها تعودت عندما تحتاج إلى نقود لإصلاح- مثلاً- شرفة فى منزلها تسارع بالبدء فى كتابة قصة وتحصل على العربون، وبَعدها تتفق مع النجار، الكثير من أعمالها كان الدافع الأساسى لكتابته هو الاحتياج المادى، فإذا لم يكن شُرفة منزل فربما إصلاح سيارة أو تغيير ستائر نافذة.

 عمر الشريف كان يقول أشعر أن الله يقف دائمًا معى، عندما أحتاج إلى مال أجده، بين يدى، يدق تليفون من شركة الإنتاج تعرض دورًا،ولا يكابر «عمر» فهو يوافق على الدور بعيدًا حتى عن قناعته؛ لأن التمثيل مهنته الوحيدة التى يتكسب منها، وقال لى إن العديد من الأدوار التى شارك فيها لم يكن راضيًا عنها، ولكن الاحتياج المادى هو السبب.

نجيب الريحانى، بين الحين والآخر، كان يتعثر ماديًا، لم يكن يدع شيئًا يمر، دون أن يستوقفه ويستطيع أن يدافع عن نفسه فى أحلك المواقف بسلاح اسمه (سرعة البديهة)، يومًا ما أثناء أحد العروض المسرحية والمفروض أن المشهد يعبر عن عَشاء فاخر به الخراف والبَط والديوك الرومى، أحضر الريحانى مجسمات للأكل؛ حيث كان يمر بضائقة مالية، عاتبه الكومبارس وقالوا له أنهم يريدون الاندماج أكثر فى الدور ولهذا ينبغى أن يقدم لهم كما تعوّدوا (المحمّر والمشمّر)، وكانت المسرحية تنتهى بأن يوضع لهم سُمًّا فى المشهد التالى وهم يتناولون الشربات، فقال لهم حتى تجيدوا الأداءَ أكثر وأكثر سنضع سُمًّا حقيقيًا فى المشهد الأخير.

بعد أيام انتهت الضائقة المالية وعادت مجددًا الخراف والديوك لخشبة المسرح، فكانت يلتهمها الكومبارس وما تبقى أوصى بأن، يأخذوه معهم لأولادهم.

نجيب الريحانى لم يكن مجرد فنان كبير أو فيلسوف يعيش فى بُرج عاجى، أو مصلح اجتماعى، كان مضحكًا وكفَى، وتلك لو تعلمون هى ذروة الإبداع!!