بين المخاطر والميزات.. الذكاء الاصطناعى المتهم الأول لفناء البشر

Chat GPT حرب الجيل الخامس
رغم ما يمر به العالم من أزمات وتبعات الحرب العالمية الثالثة (الروسية - الأوكرانية)- سواء وافقنا أم أبينا- ظهر فى الأفق خطر جديد يهدد البشرية بأكملها وفق آراء الخبراء والعلماء.. هذه المرة ليس «فيروس» يروح ضحيته الملايين.. أو أسلحة حربية فتاكة تضاهى أمثلتها البيولوجية والنووية.. هذه المرة حرب إلكترونية.. وبدأت بشائرها تظهر بظهور الذكاء الاصطناعى أو AI، أو المعروف حاليًا بـ Chat GP، لكن هذه المرة الحرب لن يستطيع البشر الوقوف أمامها، بل اتجه الخبراء إلى إعلان نهاية البشرية فى 2030 ليحل محلها جيل من الروبوتات يقومون بجميع أنواع المهام البشرية.. لكن هذا الجيل لن يصيبه أمراض أو فيروسات أو يشيخ ويفنى مثل البشر.. حتى أعطاله التقنية سيكون على مقدرة من تجاوزها أو إصلاحها بصورة ذاتية.. العلماء يحذرون من خطورة هذا التقدم التكنولوجى الذى لن تستطيع البشرية مجاراته.. والبعض الآخر يرى أنه من أهم إنجازات البشر ومميزاته تتجاوز مخاطره.. لكن إلى أى مدى يمكن تجاوز هذه المخاطر؟ .. وهل بالفعل هذا التطور التكنولوجى يستطيع أن يسيطر على البشرية أو يدمرها؟ وهل العالم على استعداد أن يواجه هذا التطور؟ أسئلة عديدة حاولت «روزاليوسف» تقديم إجابات عنها فى هذا الملف.. عسى أن تكون خطوة لمعرفة مستقبلنا الغامض.
خلال العقود الخمسة الماضية، كانت المخاطر التى دأب كثيرون على التحذير منها هى الانفجار السكانى، نقصان المصادر الطبيعية، التلوث البيئى، أو احتمالية حدوث حرب نووية أو بيولوجية.. أما اليوم ومع التطور الهائل فى مستوى التكنولوجيا، فقد تحول الأمر إلى أخطار أخرى.. حرب إلكترونية.. روبوتات يصل ذكاؤها إلى درجة تسمح لها بالتفوق على البشر، بل ذهب بعض الخبراء إلى تحذيرات بأن قدرات هذه الروبوتات قد تصل إلى التفوق والتحكم فى البشرية كلها، وقد تؤدى فى نهاية المطاف إلى دمار البشرية أو فنائها.
الذكاء الاصطناعى هو الموضة الجديدة التى يدور الحديث حولها فى كل المجالات، وطرق تطورها لتحتل تفكير البشر والدخول فى أعماق تخصصاتهم فى الطب.. الهندسة.. العلوم الحياتية.. وحتى فى الأسلحة، القلق الحقيقى، وفق بعض الخبراء، هو أنه وبحلول العام 2075، سـتصل آلات مزودة بقدرات خاصة إلى مستويات ذكاء تفوق مستوى الإنسان تمكنها من اتخاذ قرارات بشكل ذاتى، من دون العودة إلى أى مرجعية بشرية.
وفى ورقة بحثية صدرت مؤخرًا عن خبراء فى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى فى المجالين الصناعى والأكاديمى، بعنوان «الاستخدام الضار للذكاء الاصطناعى: التنبؤ والوقاية والتخفيف»، أوضحوا أن هذا القطاع سيؤثر سلبًا على الجنس البشرى وسيؤدى فى لحظة ما إلى أضرار جسيمة فى عدة جوانب حساسة فى حياته.
واعتبرت الدراسة أن «الاستخدام المزدوج» وقدرة الأجهزة التقنية على اتخاذ آلاف القرارات المعقدة فى الثانية الواحدة يمكن استخدامها فى النقيضين إما منفعة أو إيذاء الناس، ويعتمد ذلك على الشخص الذى يقوم بتصميم النظام.
ولكن وقبل كل شىء يجب معرفة ما هو الذكاء الاصطناعى؟ وماهى أوجه المنفعة أو الضرر منه؟ ولماذا اتجه عمالقة التكنولوجيا العالمية للتحذير من هذا التطور التكنولوجى مؤكدين «أن البشرية غير مؤهلة للعمل مع هذا التطور؟
ما هو الذكاء الاصطناعى؟
- يعرف كبار الباحثين الذكاء الاصطناعى بأنه «دراسة وتصميم أنظمة ذكية تستوعب بيئتها وتتخذ إجراءات تزيد من فرص نجاحها»، فى حين يعرفه جون مكارثى - الذى وضع هذا المصطلح سنة 1955- بأنه «علم وهندسة صنع آلات ذكية».
وخلال السنوات الأخيرة، قفز التطور فى تقنية الذكاء الاصطناعى قفزات كبيرة، وتعد تقنية «التعلم العميق» أبرز مظاهره، وهى ترتكز على تطوير شبكات عصبية صناعية تحاكى فى طريقة عملها أسلوب الدماغ البشرى، أى أنها قادرة على التجريب والتعلم وتطوير نفسها ذاتيًا دون تدخل الإنسان.
لماذا يحذر العلماء من مخاطر الذكاء الاصطناعى؟
- فى أواخر 2014 أشار عالم الفيزياء الراحل ستيفن هوكينج إلى أن تطوير ذكاء اصطناعى كامل قد يمهد لفناء الجنس البشرى، محذرًا من قدرة الآلات على إعادة تصميم نفسها ذاتيًا.
كما أعلن المؤسس والرئيس السابق لشركة مايكروسوفت بيل جيتس فى 2015 عن رغبته فى بقاء الروبوتات «غبية» إلى حد ما، وقال «أنا فى معسكر من يشعر بالقلق إزاء الذكاء الخارق».
وفى العام ذاته وصف المخترع والمستثمر الأمريكى إيلون ماسك الذكاء الاصطناعى بأنه من أعظم المخاطر التى تهدد الوجود البشرى، كما شبه تطوير الآلات الذكية «باستحضار الشيطان».
ما هو تطبيق Chat GPT؟
- ChatGPT أو Chat Generative Pre-Trained Transformer – هو روبوت محادثة يعمل باستخدام الذكاء الاصطناعى جرى إطلاقه بواسطة شركة OpenAI، وهى شركة أبحاث ونشر الذكاء الاصطناعى مقرها سان فرانسيسكو، ومن بين داعميها شركة مايكروسوفت وقطب التكنولوجيا إيلون ماسك، الذى سبق وأن وصفه بأنه «جيد بشكل مخيف».
ويمتلك ChatGPT القدرة على محاورة المستخدم والإجابة بشكل مفصل وسريع على الأسئلة التى تطرح عليه من خلال استخدام وتحليل كميات هائلة من البيانات والمعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت حتى عام 2021.
وإلى جانب كونه نموذجًا لغويًا يمكنه إنشاء نص واقعى يشبه الإنسان، ويستخدم ChatGPT فى العديد من المجالات، ويمكنه أيضًا إنشاء ردود نصية حول أى موضوع عند الطلب منه، مما يجعله مفيدًا كروبوت دردشة لخدمة العملاء.
ما رأى خبراء التكنولوجيا حول الذكاء الاصطناعى؟
- بعد انتشار هوجة Chat GPT خلال الأشهر الماضية وخطط سعى العديد من شركات التكنولوجيا إلى تطوره لـ Chat GPT 4، أعرب عمالقة التكنولوجيا العالمين وعلى رأسهم الملياردير إيلون ماسك صاحب شركة تسلا ومنصة تويتر، عن قلقهم على البشرية من تطور الذكاء الاصطناعى، ودعا مئات الخبراء العالميين عبر عريضة، تم نشرها على موقع futureoflife.org إلى وقف، لمدة ستة أشهر، تطوير برامج للذكاء الاصطناعى أقوى من «تشات جى بى تى 4» الذى أطلقته شركة «أوبن إيه آى»، لما تحمله هذه البرامج من «مخاطر كبيرة على البشرية».
ووقع العريضة شخصيات سبق أن عبرت علنا عن مخاوفها من الذكاء الاصطناعى الذى تصعب السيطرة عليه، ويظهر إمكانيات تفوق فيها على البشر، بينها مالك تويتر وشركتا «سبايس إكس» و«تيسلا» إيلون ماسك، ومؤلف كتاب «سايبيينز» يوفال نواه هرارى.
ما أبرز أخطار الذكاء الاصطناعى؟
- فى مايو الجارى فوجئ العالم باستقالة «عراب الذكاء الاصطناعى» جيفرى هينتون موضحًا فى مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أنه غادر للتحدث بحرية عن الذكاء الاصطناعى التوليدى، وعن 5 مخاطر أساسية للذكاء الاصطناعى.
وأوضح هينتون أن المنافسة بين عمالقة التكنولوجيا الكبرى أدت إلى تقدم لا يمكن لأحد أن يتخيله، حيث تجاوزت السرعة التى يحدث بها التقدم توقعات العلماء و«لم يؤمن سوى عدد قليل من الناس بفكرة أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تصبح فى الواقع أكثر ذكاء من البشر.. وأضاف: «كنت شخصيًا أعتقد أن ذلك لن يحدث إلا فى غضون 30 إلى 50 سنة أو ربما أكثر، وبالطبع، لم أعد الآن أعتقد ذلك».
وأوضح «عراب الذكاء الاصطناعى» أن من أهم مخاطر هذا التطور هو تقليل فرص الوظائف فى كل المجالات حيث ستحل التكنولوجيا محل العنصر البشرى فى جميع المجالات.
كما أضاف هينتون، أن أنظمة الذكاء الاصطناعى المستقبلية ستكون قادرة على تطوير سلوكيات غير متوقعة بعد تحليل كمية كبيرة من البيانات، مما قد يحولها إلى «أسلحة مستقلة» و«روبوتات قاتلة».
وأضاف هينتون فى حديثة لـ«نيويورك تايمز» أن هناك تهديدًا قويًا من إساءة استخدام الذكاء الاصطناعى من قبل جهات خطرة، «من الصعب معرفة كيفية منع الجهات السيئة من استخدامه لأغراض شريرة». ويعارض هينتون بشكل خاص استخدام الذكاء الاصطناعى فى المجال العسكرى، وهو يخشى أساسًا من تطوير البشر «للجنود الآليين».
وأخيرًا، يحذر جيفرى هينتون من المعلومات المضللة المرتبطة بالذكاء الاصطناعى، وما يصاحبه من استخدام مكثف للذكاء الاصطناعى سيجعل من المستحيل تقريبًا تمييز «ما هو صحيح مما هو كاذب»، حتى إن العالم يتحدث عن «مولد تفاهات»، وهو تعبير يشير إلى قدرة الذكاء الاصطناعى على إنتاج عبارات مقنعة تبدو معقولة دون أن تكون صحيحة.
ما سبل مواجهة مخاطر الذكاء الاصطناعى؟
- وفق جيفرى هينتون وعملاء التكنولوجيا، فإن الحل الأمثل يكمن فى فرض تعاون دولي يشمل كل المختصين فى هذا المجال للحد من مخاطره على البشرية، وأضاف هينتون: «قد يكون الأمر مستحيلًا.. فلا توجد طريقة لمعرفة ما إذا كانت الشركات أو الدول تعمل على مثل هذه البرامج سرًا، والأمل الوحيد هو أن يعمل أهم العلماء فى العالم يدًا بيد لإيجاد حلول للتحكم فى الذكاء الاصطناعى».