الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. مناقشة قضية التمييز.. بداية قوية لحقوق الإنسان فى «الحوار الوطنى»: خارطة طريق للتخلص من خطاب الكراهية

حقك.. مناقشة قضية التمييز.. بداية قوية لحقوق الإنسان فى «الحوار الوطنى»: خارطة طريق للتخلص من خطاب الكراهية

اختارت لجنة حقوق الإنسان بالحوار الوطنى أن تبدأ الحوار بقضية قوية ومهمة ومُلحة وتؤرق المجتمع المصرى لسنوات، وهى قضية القضاء على جميع أشكال التمييز، وهو مؤشر بالغ الدلالة على التحضير الجيد لمناقشات «الحوار الوطنى» وأن المشاركين وصلوا بالفعل إلى بيت الداء تمهيدًا للاتفاق على العلاج الفعال.



 

التمييز هو عكس المساواة والعدالة، وله شقان أحدهما سياسى والآخر اقتصادى، السياسى هو التعريف التقليدى وهو التمييز على أساس الجنس أو العرق أو الدين ثم لحق به تعريف آخر يرتبط بالحقوق الاقتصادية ويرتبط بالاهتمام بالمناطق المهمشة والفقيرة وإيقاف أى تمييز على أساس طبقى بين المواطنين، ومنع التمييز هو عنوان المجتمعات المتحضرة وعلى أثره تلاحق أى مَظاهر تمييز تدعو لها جماعة أو فئة أو عرقية أو ديانة وتسعى بكل قوتها لإدماج قيم المواطنة لأنها أصبحت من أساسيات أى مجتمع ناجح، وصمام أمان ضد أى محاولة لزرع الفتنة والخلاف.

وقد عانى المصريون لسنوات من خطاب متطرف لجماعة إرهابية لديها خطاب كراهية قائم على التمييز على أساس الدين، وتراخت الحكومات السابقة عن مواجهتها بحسم، وكانت النتيجة زرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، وهو أكبر خطر تعرضت له مصر فى سنوات الفوضى.  

مَظاهر خطاب الكراهية تعددت، وشارك فيها رجال دين تركوا المنابر واتجهوا إلى شاشات الفضائيات، وكانت بوصلتهم فيها ليست أحكام الكتاب والسُّنة وأثر الصالحين؛ بل الهاشتاجات والتريندات وفيديوهات التيك توك.

ومع الأسف لا تتحقق المشاهدات فى زمن السوشيال ميديا بالجودة أو العمل المتقن وقوة المحتوى؛ بل تتحكم فيها عناصر الإثارة مثل الخروج عن المألوف وإثارة الجدل؛ ليتوارى العلم والوعى ويحل محله الجهل والتجهيل.

وكان من المؤلم قيام رجل دين بتبرير جريمة بشعة مثل قتل الطالبة أمنية أشرف؛ لأنها لا ترتدى مثل «القفة»، وهو خطاب كراهية يحقر من شأن المرأة ويعطى الذريعة لقتلها بسبب ملابسها، وكأنها عودة لعادة «وأد البنات» فى الجاهلية قبل أن يحرمها الله- عز وجل.

خطاب الكراهية يؤدى لانتشار العنف المجتمعى، وإذا تماس مع الدين يصبح إرهابًا مكتمل الأركان يقود المجتمع إلى التفسخ والانهيار.. ومصر قطعت أشواطًا طويلة فى تمكين المرأة والانتصار لحقوقها وحمايتها اجتماعيًا، واقتصاديًا وآخرها منصة القضاء وهو إنجاز أشاد به العالم، ثم يخرج موتور ويتجاهل كل ذلك ويدعو لارتدائها «القفة»!

شاركتُ فى ندوة «الحوار الوطنى» وأنا محمّل بكل تلك الأفكار، وكانت الأسئلة عديدة وتبحث عن إجابات، والحقيقة أن الإدارة الناجحة للدكتورة نيفين مسعد مقرّر لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة بالحوار الوطنى كانت إشارة إيجابية على أن الحوار يبحث عن حل يتفق عليه الجميع، ثم أشارت الدكتورة نيفين مسعد إلى أن عمل اللجنة يُعد التزامًا سياسيًا من قِبَل الدولة للقضاء على جميع التحديات، وأن نجاح الحوار هو مسئولية مشتركة، فهو ليس مجرد منصة لتبادل الآراء فقط ولكن هدفه إحداث نقلة فى التشريعات والسياسات، وهو ما يعنى أننا أمام عمل متكامل يسعى إلى وضع حد للتمييز وجرائم الكراهية.

وكان هناك اتفاقٌ بين الحضور على إنشاء مفوضية معنية بمنع التمييز، وتقدم السفير محمود كارم نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان بتصور متكامل أعده المجلس للقضاء على جميع أشكال التمييز، يقوم على برنامج وطنى شامل لتوعية المواطنين بكل أشكال ممارسة التمييز، وأن التمييز ومكافحته من الحقوق الأساسية، فمن حق المواطن أن يشعر بالمساواة بينه وبين غيره من المواطنين، لذلك يجب القضاء على جميع أشكال التمييز ومحاربة روح التعصب.

وأضاف: إن إنشاء مفوضية منع التمييز يجب أن يكون من أولوية العمل البرلمانى خلال الفترة المقبلة.. لافتًا إلى أن الدولة المصرية اتخذت العديد من الإجراءات فى هذا المجال، فهناك مشروع قانون تعده وزارة العدل حاليًا وسترسله للبرلمان لمناقشته خلال الفترة المقبلة.

وتحدّث النائب محمد عبدالعزيز عن اهتمام تنسيقية شباب الأحزاب بملف مكافحة التمييز، ولديها بعض التوصيات وتشمل تقديم مشروع قانون لمجلس النواب بإنشاء مفوضية وطنية لمكافحة التمييز تنفيذًا للاستحقاق الدستورى، وضرورة عمل حملات توعية بمكافحة جميع أشكال التمييز ونبذ الكراهية والتأكيد على قيم التسامح وقبول الآخر وتعزيز حالة حقوق الإنسان.

كما أوصت التنسيقية بدعوة وزارتى التربية والتعليم والتعليم العالى بالتركيز فى المناهج المختلفة على أهمية رفض التمييز واحترام الآخر ونشر ثقافة حقوق الإنسان، وعمل المزيد من ورش العمل والجلسات النقاشية من خلال الأحزاب السياسية فى مختلف محافظات الجمهورية للتوعية برفض التمييز، وهو ما بدأته بالفعل تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.

وأشار النائب طارق رضوان رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، إلى أن الاستحقاق الدستورى الوارد فى المادة 53 من الدستور المصرى فى 2014، والاستراتيچية الوطنية لحقوق الإنسان التى أطلقت فى سبتمبر 2021 أشارا إلى المساواة وعدم التمييز وكفالة حقوق الإنسان فى إطار المساواة وتكافؤ الفرص واحترام مبدأ المواطنة. 

وأوضح: إننا نهدف إلى وجود ضمانات دستورية للمساواة بين الجنسين وتدابير حماية دستورية من العنف القائم على النوع الاجتماعى، والتى تشمل حالة القوانين الجنائية والأحوال الشخصية، والجنسية، وقوانين العمل وما إذا كانت تحمى من التمييز ومن العنف القائم على النوع الاجتماعى بأماكن العمل، وحالة القوانين الخاصة بالخدمات المقدمة للمواطن مراعيًا التوزيع الجغرافى، والتركيبات المجتمعية، والحاجة للخدمات، والقضاء على مركزية القرار.

لافتًا إلى أنه فى فبراير 2023، أحال مجلس النواب برئاسة المستشار حنفى جبالى مشروع قانون لإنشاء مفوضية عدم التمييز للجنتى الدستورية والتشريعية.

ومن جهتها قالت إيمان كريم المشرف العام على مجلس ذوى الإعاقة: إن الدولة المصرية نصت العديد من التشريعات من أجل احترام وحفظ حقوق ذوى الإعاقة.. لافتة إلى أن ذوى الإعاقة يمثلون ٤٠% من المجتمع، فيجب تفعيل العديد من القوانين وإنفاذها للحفاظ على حقوقهم وحمايتهم من جميع أشكال التمييز.

وأضافت: إننا نطالب بتعديل آليات إصدار البطاقات لذوى الإعاقة؛ حيث تم بالفعل الوصول لآليات مستحدثة لمساعدة هذه الفئة التى تعانى من قصور بشأن توفير سُبُل الإتاحة التكنولوچية والبيئية وتقديم جميع الخدمات الصحية والتعليمية، كما أن هناك صعوبات فى التعامل مع هذه الفئة من قِبَل العاملين فى الدولة، وبالتالى تم البدء فى تدريب العاملين بهذا الشأن.

ما جاء فى سياق الحوار رسم ملامح خارطة طريق لمكافحة التمييز وخطاب الكراهية قادمة من مناقشات «الحوار الوطنى»، وأننا أمام تصورات جادة تسعى لإنقاذ مستقبل مصر من جريمة تنتقل عبر الأجيال سببها الرئيسى الجهل بمظاهر التمييز والتى ربما تناولتها ببساطة حملة الشركة المتحدة لدعم الأخلاق «تجمّل بالأخلاق» وتحدثت عن التحرش والتنمر وغيرهما من القضايا القائمة على التمييز والتى ربما يمارسها الناس باعتبارها مَصدرًا للهزار والفكاهة والحقيقة أنه عكس ذلك.

تبقى رسالة واجبة قائمة على الخبرة الدولية فى دعم أواصر السلم الاجتماعى وهى موجهة بالأساس إلى الإعلام، وهى تخاطب ضمير المهنة لدى الصحفيين، وهى كتابة الأخبار والموضوعات من زاوية تروّج للسلم الاجتماعى وتحميه وألا تستخدم الأمور الخلافية والإثارة لمجرد زيادة المشاهدات أو القراءات، وهى أمور أصبحت تفرض نفسَها من أجل حماية مجتمعنا فى محيط صعب يحمل أخطارًا شديدة التعقيد.