الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و 1 / 2.. (فى يوم فى شهر فى سَنة) حكايتى مع (كان)

كلمة و 1 / 2.. (فى يوم فى شهر فى سَنة) حكايتى مع (كان)

 فى كل عام حكاية تخطف الضوءَ فى مهرجان (كان) هذا العام أكثر من حكاية، رُغْمَ أننا بصَدد الدورة الأهم فنيًا، والأكثر حفاوةً بالسينما العربية.



 على مدَى 31 عامًا أتابع المهرجان، بكل ما يجرى على الشاشة وكل- أيضًا- ما يدور فى الكواليس من حكايات متعددة، يتبَدّل جدول حياتى طبقًا للمهرجان، أصحو طبقًا لعرض أول فيلم وأنام بعد مشاهدة الفيلم الأخير، وعادة ما تصبح الأحلام بمثابة فيلم آخر إضافى.

 مواعيد المهرجانات هى دستورى الدائم الذي لا أستطيع أن أخالفه مَهما كانت الأسباب، رُغْمَ ما أتكبّده من نفقات يزداد مُعَدلها عامًا بعد عام بسبب قوة «اليورو» مقارنة بالجنيه المصري، وأترحّم دائمًا على أيام (الفرنك) الفرنسى الطيب المتواضع الذي كان باستطاعة الجنيه المصري أن يتصدّى له ويواجهه ويقول له (قوم أقف وأنت بتكلمنى) أمّا اليورو فإن الجنيه لا يعرف سوى الخضوع أمام سطوته.

 أتابع فى المهرجانات الأفلام والندوات وأيضًا الوجوه.. وجوه البَشر وأرَى كيف يرسم الزمن بصماته التي لا تمحى على وجوه زملائى، وأقول من المؤكد أنهم يشاهدون الزمن وهو ينطق بل يصرخ على ملامحى ولكنى أسارع بطمأنة نفسى وأسمع صوتى الداخلى يردد ربما يكون الزمن كريمًا معى أو بتعبير أدق أظن ذلك وأرجو ألا يخيب ظنّى.. أرَى شحاذة فى مدينة «كان» منذ 31 عامًا وهى تحمل طفلاً عمره عام وبَعد مرور كل هذه السنوات لا يزال الطفل فى عامه الأول، إنها تذكرنى بالشحّاذين فى بلادى يؤجرون طفلاً رضيعًا ويظل للأبد رضيعًا.. أرَى القاعات والأشخاص حتى الذين لا أعرفهم شخصيًا فأنا أراهم باعتبارهم من ملامح حياتى.. أتذكر أول مرّة سافرتُ إلى المهرجان عام 1992 كل الإجراءات تمّت قبل أيام قلائل من بداية المهرجان، ولولا أن المُخرج «عمرو عرفة» اعتذر قبل 48 ساعة عن المجىء للمهرجان ما كان من الممكن أن أجد حجرة خالية فى فندق.. جاء اعتذار «عمرو عرفة» المفاجئ لتحل مشكلة مهمة جدًا وهى العثور على فندق به حُجرة شاغرة، وذهبتُ إلى «كان» ودفعتُ ثمَن الإقامة بدلًا من «عمرو»، لا أدرى حتى الآن سر اعتذاره الذي أنقذنى من مهمة ثقيلة وهى البحث عن مكان فى «كان»!!

أتذكر وجوهًا عديدة كانت من مَعالم مهرجان «كان» ثم لم تعد تذهب للمهرجان، عددٌ منهم تخلص من حالة مَرَضية (اسمها إدمان «كان») أمّا أنا فلا أزال مدمنًا، ولا أستطيع أن أجد علاجًا.

 فى المهرجانات نكتب عن الأفلام والندوات واللقاءات وحتى الكواليس بكل تفاصيلها لكننا لا نكتب عن أنفسنا وعمّا نشعر به، لسنا آلات تذهب لتغطية المهرجانات. أسعدُ بالأيام وأشعرُ بالشجن على الزمن الذي يُسرَق من بين أيدينا.. نعم المهرجان يعنى عيدًا وفرحة وبهجة وهو بالنسبة لى يحقق كل ذلك إلا أنه أيضًا يخصم من أعمارنا زمنًا.. أشعر بمرارة الأيام والسنوات المسروقة.. يغنّى عبدالوهاب أنا من ضيّع فى الأوهام عمره.. أمّا أنا فأقول أنا من ضيّع فى المهرجانات عمره.. ولا أجد فارقًا كبيرًا بين الأوهام والمهرجانات!!

الحكاية التي استقرت فى وجدانى هذه المرّة فى الدورة التي تحمل رقم (76)، هى ما حدث للنجم العالمى چونى ديب بمجرد الإعلان عن عرض فيلمه (چون دى بارى) فى الافتتاح، والعديد من المنظمات خاصة النسائية تهاجمه على اعتبار أنه مارَسَ السادية ضد طليقته أمبر هيرد، القضية عمرها نحو خمس سنوات، والقضاء الأمريكى أبرأ مؤخرًا ساحته تمامًا وصار على طليقته أن تدفع له على سبيل التعويض عدة ملايين من الدولارات، ورُغْمَ ذلك يهاجمون المهرجان الذي استضاف نجمًا بريئًا بحُكم القانون مدان بإرادة عدد من الجمعيات النسائية فى العالم!!